سركيس نعوم

جواباً عن سؤال يتناول اوضاع ليبيا واتصالات محتملة بين تركيا وقيادتها بغية ايجاد حل لأزمتها المحتدمة، أجاب بعض اتراك quot;نيويوركquot; وquot;أممها المتحدةquot; نفسه، قال: quot;عندما بدأت الانتفاضة الشعبية أو الثورة في كل من تونس ومصر اتصل رئيس وزرائنا اردوغان برئيس مصر (السابق) حسني مبارك ورئيس تونس زين العابدين بن علي (السابق ايضاً) ونصح بالاستجابة الى مطالب الناس وتدارك الأسوأ، لكنهما لم يستجيبا. في ليبيا حصل اتصال مماثل مع العقيد معمر القذافي، لكن الأخير كرّر لأردوغان اكثر من مرة انه ليس رئيساً ولا يمتلك موقعاً رسمياً في هرمية السلطة والحكم، وأنه قائد ثورة ولذلك فإنه غير معني بدعوة الاستجابة الى مطالب الناس. فقلنا له: عال. بهذه الصفة تستطيع أن quot;تقعد على جنبquot; كما يقال وتفسح في المجال امام الحوار. ذلك ان الحل الحواري هو الوحيد المجدي والممكن بل والمطلوب في النهايةquot;. علّقت: الحوار يكون بين فريقين. في ليبيا بدا منذ بداية الثورة ان غالبية الناس معها، وقد احتل هؤلاء في البداية الكثير من المدن والقرى والمناطق في الشرق والغرب. حتى أهل طرابلس الغرب العاصمة تظاهروا ضد القذافي. لكن عندما بدأ القمع تراجع البعض، وخصوصاً في العاصمة. ردّ: quot;هذا صحيح. الا ان الذين تظاهروا في طرابلس دعماً للثوار والثورة كانوا أقلية. وكان هناك اناس ظنوا ان القذافي انتهى، لكنهم عندما تأكدوا أنه لا يزال قوياً خافوا وعادوا الى بيوتهم واختبأوا فيها. هو، أي القذافي، يقول الآن بالحوار لوقف النار وبأنه يحارب quot;القاعدةquot;، وبأنه يمثّل ليبيا، وبأن الغرب يقتل المدنيينquot;.
قلت: سمعت ايضاً من عاملين في الادارة الاميركية أن ليبيين ينتمون الى الدائرة المحيطة بالقذافي تمكنوا من quot;الوصولquot; الى الخارجية الاميركية أي من الاتصال بها او ربما من اقتراح بدء الاتصال معها. هل تعتقد استناداً الى معلوماتك، ان ذلك صحيح؟ أجاب: quot;لا ادري. نحن سمعنا، ولا نزال نسمع، من القذافي مواقف جديدة كل يوم. هيلاري كلينتون قالت أخيراً إنها تبحث عن حل لكنها لا ترى ملامحه. الجميع في واشنطن يسألون عن نهاية quot;الانخراطquot; الاميركي ndash; الاطلسي في ليبيا وتحديداً عن استراتيجيا الخروج (Exit Strategy) من هذه البلاد. طبعاً القيادة لعملية فرض حظر الطيران فوق ليبيا ستنتقل من اميركا الى حلف شمال الاطلسي. كما ستنتقل بعد ايام قيادة العمليات العسكرية الى الحلف اذا دعت الحاجة الى ذلك (حصل ذلك)، وخصوصاً اذا استأنفت قوات القذافي قتل المدنيين. لكن ذلك ليس نهاية اللعبة ولا يشكل استراتيجيا خروج. قد تستمر العملية اسابيع، وربما شهوراً. ماذا يفعلون عندها، اي جماعة الاطلسي واميركا؟
على كل هناك ثلاثة سيناريوهات. الاول، تكون المنطقة الشرقية وحدها وكذلك المنطقة الغربية وتُرابط بين المنطقتين قوات حفظ سلام دولية، وذلك طبعاً بعد توقف اطلاق النار. والسيناريو الثاني، وقف اطلاق النار عملياً ومن دون تدخل قوة دولية. اما السيناريو الثالث، فهو انطلاق حوار بين الأطراف الليبيين يدعمه مجلس الأمن.
في هذا الوقت ربما تدخل قوات اجنبية ليبيا. على كلٍ في اعتقادنا أن حلاً نهائياً غير ممكن مع القذافي. عليه ان يرحل. إنه يشبه quot;الرئيسquot; الافريقي المطلوب من العدالة الدولية شارلز تايلور. لا يمكن ان يبدأ حوار والقذافي داخل ليبيا وإن قال أنه اعتزل. فهو لا يعتزل وعنده سيطرة على القوة العسكرية ولديه قبائل تدعمه. حتى وإن عاش داخل خيمة على حدود التشاد يبقى خطيراً. عليه أن يرحل وأن يتخلى عن النظام. عندها يبدأ الحوار الحقيقي.
لكن السؤال الذي يُطرح هنا هو حوار مَن مع مَن؟ ومَن يقاتل مَن؟ رغم انطباعي وآخرين أن هناك معارضة مسلحة يواجهها النظام، وهذا صحيح، الا أن هناك احتمال حصول انقسامات داخلية ذات خلفيات قبلية. في ليبيا حوالى12 قبيلة كبيرة، وقبيلة القذافي قد تكون الأكبر. في مصر جيش نظامي وقف مع الشعب فسقط مبارك، وكذلك في تونس. في ليبيا لا يوجد جيش نظامي فعلي. هناك كتائب تضم كل منها قبيلة ويقود كل منها نجل للقذافي أو قريب. وقد اعتمد هذه الصيغة لضمان عدم انقلاب العسكر عليه. لكني أُعلمت أن في صفوف quot;معارضة بنغازيquot; ناساً من كل القبائل تقريباً. والأمر نفسه في quot;موالاة طرابلسquot;.
سألت اخيراً: هل تعتقد ان موقف روسيا والصين السلبي من التدخل الدولي في ليبيا يمكن أن يُنتج quot;حرباً باردةquot; جديدة؟ أجاب: quot;لا اعتقد. الامتناع عن التصويت يعكس رغبة في علاقة جيدة مع واشنطن. وروسيا والصين ليستا في وارد التأسيس لحرب باردة جديدة.