علي حماده


يواصل النظام في سوريا قتل المواطنين بلا هوادة، ومن دون اي عوائق تذكر. فبعد مرور ما يقارب الاسبوعين على مهمة لجان المراقبين العرب، لا يزال القتل المنهجي للناس ينتشر في طول البلاد وعرضها. ولا تزال المدن محاصرة، والاعتقالات على قدم وساق. ومن هنا اتى التقرير الاول الذي سلمه الفريق محمد احمد مصطفى الدابي ضعيفا ولا يتناسب مع حقيقة الاوضاع على الارض. فالنظام لم يغير في سلوكه قيد انملة، بل انه يستغل مهمة المراقبين العرب من اجل التوصل الى معلومات ثمينة عن الناشطين على الارض. كما ان الموجة الاولى من المراقبين انطلقت في مهماتها، وتفتقر الى اي خبرة حقيقية في اعمال الرقابة في مناطق النزاعات الساخنة. وقد بدا الضعف العام في اداء المراقبين، فضلا عن ملامح محاباة للنظام، ان لم نقل اكثر، بدت في مواقف الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذي ينفخ الساخن والبارد في آن معا. ورب قائل ان العربي يعكس موقفا ضمنيا من المجلس العسكري المصري يرى ان من مصلحة القاهرة ألاّ يسقط النظام في سوريا. فهل صارت مصر الثورة اقرب الى بشار الاسد قاتل اطفال سوريا منها الى ثورة الحرية والكرامة؟ سؤال برسم السلطات المصرية العاتبة على دول مجلس التعاون الخليجي التي تشتري اسلحة بعشرات المليارات من الدولارات من اميركا ولا تسهم في دعم اقتصاد مصر ما بعد الثورة بأكثر من مليار واحد بحسب ما قال رئيس الوزراء المصري. لقد انطلقت مهمة المراقبين العرب بصعوبة بالغة وسط شكوك كبيرة في اهلية رئيسهم الفريق الدابي صاحب quot;الايادي البيضاءquot; في دارفور! وشكّل التقرير الاول المتراخي صدمة اذا ما نظرنا الى حجم المعاناة الانسانية في سوريا. فالصورة واضحة جدا ولا تحتاج الى تأويلات: بشار الاسد يقتل السوريين بالآلاف ويعتقلهم بعشرات الآلاف لمنع سقوط النظام الذي ورثه عن ابيه.
لقد اعطى الشيخ حمد بن جاسم موعدا جديدا لموقف حازم من النظام في سوريا. ففي التاسع عشر من الجاري يقدّم الفريق الدابي تقريرا ثانيا مفصلا عن مدى التزام النظام في سوريا المبادرة العربية على كل المستويات. فوقف القتل ينبغي ان يكون تاما، والحق في التظاهر السلمي كاملا، ودخول البعثات الانسانية العربية ومعها الاعلام العربي والعالمي فوريا. وفي ما عدا ذلك يكون النظام خالف بنود المبادرة العربية، مما يوجب على الجامعة العربية اصدار موقف قوي ونقل الملف الى مجلس الامن مقرونا بتوصية بإحالته على محكمة الجزاء الدولية للنظر في الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها نظام بشار الاسد على مدى عشرة أشهر متتالية.
ان الجامعة العربية بأعضائها وأجهزتها موضوعة تحت مجهر الرأي العام. وموعد التاسع عشر من كانون الثاني الجاري يجب ان يشكل حدا فاصلا بين مرحلة واخرى. وفي مطلق الاحوال فإن الشعب السوري البطل يمضي قدما في ثورته من اجل الحرية والكرامة ويلقن العرب والعالم امثولات في الشجاعة والارتقاء الاخلاقي. من هنا ايماننا بحتمية انتصار الحق في بلاد الشام!