جون بيار ميشال

منذ توقيع الاتفاق النووي في 14 يوليو الماضي، بدأت الطبقة السياسية في الدول الغربية في التساؤل حول المكاسب المادية التي يمكن الخروج بها من السوق الإيرانية؛ حيث إن المصالح الاقتصادية، مثل تقاسم النفط الإيراني، وغزو السوق الضخمة التي تمثل 80 مليون مستهلك، تمثل أولى أولويات صُناع القرار في الدول الغربية.


يحاول الغرب التغاضي عن مسألة أخرى، رغم أنها في غاية الأهمية، وهي قيام النظام الحاكم في إيران بخطوات إيجابية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، في هذا البلد الذي يملك أسوأ السجلات من حيث انتهاكات حقوق الإنسان وأحكام الإعدام.


وتطمح الشركات الغربية إلى تحقيق الاستفادة القصوى من إيران التي تعاني من بنية تحتية قديمة ومتهالكة، خاصة الطرق والسكك الحديدية والمطارات، وتعاني أيضا من قِدم منشآت استخراج الطاقة، لكنها تتميز بسوق استهلاكية كبيرة، خاصة في مجال المواد الغذائية.


ويطمح الإيرانيون إلى الخروج من أزمتهم الاقتصادية، وتجاوز انهيار مقدرتهم الشرائية بسبب نسب التضخم القياسية وارتفاع معدلات البطالة، ولكن المشكلة هي أن المستفيدين من هذا الاتفاق النووي لن يكونوا من المواطنين البسطاء.


فالنظام الإيراني يعاني من فشل هيكلي واقتصادي كبير، في حين أن معاناة الشعب ليست فقط بسبب العقوبات، وهذا ما عبَّر عنه مسؤول إيراني كبير مؤخرا، من خلال قوله إن "تأثير العقوبات الاقتصادية على الاقتصاد الإيراني لم يكن كبيرا، وبالتالي فإن رفع العقوبات لن يؤدي إلى انتعاشة اقتصادية سريعة".


وتؤكد هذه التصريحات أن المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني ليست العقوبات، بل هي نظام الحُكم، خاصة مؤسسة الحرس الثوري التي تمثل الذراع المسلح والأيديولوجي للنظام الحاكم، والتي تفرض سيطرتها على كل الجوانب الأمنية والاقتصادية في البلاد.


ووفقا لتقرير نشرته وكالة "رويترز" للأنباء؛ فإن مؤسسة الحرس الثوري الإيراني والمؤسسات التابعة لمرشد الثورة الإيرانية تسيطر على أكثر من 50% من الناتج القومي الخام، أي نحو 400 مليار دولار.


من حق هذا الشعب الإيراني أن يطلب من بقية دول العالم أن تربط انفتاحها على إيران بإصلاحات سياسية داخل البلاد، خاصة أن الوعود الزائفة التي يطلقها الرئيس حسن روحاني لم تعُد تجدي نفعاً، وسط توقعات باندلاع تحركات احتجاجية جديدة، خلال الاستحقاق الانتخابي القادم، في 26 فبراير 2016.


ويتعيَّن على الدول الغربية إفهام الملالي الذين يحكمون إيران بأنه دون إيقاف فوري لانتهاكات حقوق الإنسان، فإن النظام الاقتصادي في البلاد سيبقى يعاني من الهشاشة وانعدام التوازن، وبالتالي فإنه من مصلحة الجميع ربط علاقة إيران بالدول الغربية بأوضاع الحقوق والحريات في داخل البلاد.