سيف السويلم
لا تشكّل 12 شهراً مدة كافية لما شهدته المملكة من تحولات ونقلات نوعية وتاريخية طاولت مختلف المجالات، فما تحقق خلال هذه الفترة الوجيزة سياسياً وقيادياً يتطلّب في وضعه الطبيعي مزيداً من الوقت قد يمتد لأعوام عدة. حقّقت المملكة خلال عام واحد، ما لم يحققه غيرها في أعوام ممتدة، إذ تنوعت خطواتها وأعمالها بين الشؤون الداخلية والخارجية التي تعكس ثقلها ودورها السياسي.
منذ أن تولّى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، أطلق حزمة من القرارات المتسارعة التي تستهدف تحقيق مزيدٍ من النهضة والارتقاء للوطن والمواطن، فكان البدء في إصدار عدد من الأوامر الملكية، استهلت بتعيين وزراء جدد اتفق جميعهم على حمل تجربة مطوّلة وخبرة عريضة في مجالاتهم، والعمل على ضخ دماء جديدة بمتوسط أعمار لا يتجاوز 45 عاماً في المناصب الوزارية، سعياً إلى صنع حكومة ذات حيوية ونشاط تحاكي تطورات العصر، في صورة أبرزت معها توجّه الدولة التي ارتأت أن تمنح مساحة أكثر رحابة واتساعاً لفئة تمثّل الغالبية على مستوى المجتمع للإسهام في تحقيق المزيد من التطلعات والآمال، إلى جانب إلغاء 13 من المجالس واللجان الحكومية التي ظلّت لعقود تتبع مجموعة من الوزارات وبأدوار متفاوتة، ودمجها كافة في مجلسين يرتبطان بمجلس الوزراء، هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، فيما يتضمّن كلا المجلسين عضوية عدد من الوزراء نظراً لتنوع المهام والاختصاصات المرتبطة بهما، سعياً إلى استمرار مسيرة التنمية والبناء، وتوحيد التوجهات وإيجاد نقلة نوعية على كل المستويات، بما يحقق جودة شاملة فيها ويساهم في رفع كفاءة الأداء وتعزيز مستوى التنسيق بين الأجهزة المختلفة.
وامتداداً لمبدأ الاستفادة من الطاقات الشابة وفكرها وإمكاناتها، صدرت الأوامر الملكية بفتح المجال للجيل الثاني من الأسرة المالكة، وذلك بتعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد ووزيراً للداخلية، وتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد ووزيراً للدفاع، سعياً إلى مواصلة السير بقيادة شابة تستشرف المستقبل وتعمل على تحقيق التطلّعات والآمال.
ولأن الإسكان يعدّ هاجساً اجتماعياً ظلّ مؤرقاً لفترة من الوقت، جاء تأكيد الملك سلمان على العمل لوضع الحلول العاجلة لتمكين المواطنين من الحصول على السكن المناسب، ليتبع ذلك قرار بفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، وذلك في إطار دعم سوق الإسكان ورفع قدرة المواطنين على التملّك والتغلّب على ما يواجه هذا القطاع من تحديات متنوعة، إلى جانب الموافقة على تنظيم هيئة «توليد الوظائف ومكافحة البطالة» التي تتولى العمل على توليد الوظائف ومكافحة البطالة في المملكة، من خلال التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بسوق العمل وتعزيز المشاركة بينها والعمل على تنمية القطاعات المولدة للوظائف واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة.
وفي الوقت الذي يعيش فيه مختلف دول العالم تحديات اقتصادية عدة، تمكّنت المملكة من تجاوز تلك التحديات والتعامل المناسب مع التراجع في أسعار النفط وغياب الاستقرار عن بعض الدول المجاورة، إذ برز ذلك جلياً مع الموازنة العامة للدولة وما تبعها من قرارات تستهدف العمل على إصلاحات اقتصادية شاملة ومواصلة مشاريع التنمية وتعزيزها في القطاعات كافة.
ويشكّل القرار التاريخي المتمثّل في إطلاق عمليات «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل» لنصرة الشعب اليمني وإعادة الشرعية له، إلى جانب حماية المملكة ودول المنطقة من أي اعتداء في إطار تحالف عشري ضم دولاً خليجية وعربية وإسلامية بقيادة السعودية، قراراً برهن على الدور الإقليمي والدولي الفاعل للمملكة، وقدرتها على التصدّي لأي انتهاكات، إضافة إلى حماية الشعوب ودعم أمنها واستقرارها، وخلال ذلك لم تتوقف عمليات الدعم اللامحدود من المملكة لنصرة الشعب السوري للخروج من أزمته الحالية.
وانطلاقاً من نهج المملكة في محاربة الإرهاب بأشكاله كافة، جاءت قيادة المملكة بتحالف إسلامي مكوّن من 35 دولة، إلى جانب دعم وتأييد من دول أخرى، فيما يأتي القرار التاريخي الآخر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، تأكيداً وبرهاناً على رفض المملكة لكل ما يخالف القوانين الدولية والأعراف الديبلوماسية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية.
التعليقات