ليس حَجاج العجمي أول متطرف يتراجع عن آرائه، ويعلن تغيير أفكاره، فقد سبقه كثيرون ألفوا كتباً وكتبوا مقالات وتحولوا إلى مناصحين للشباب من خطر الوقوع في حبال الجماعات التكفيرية والتطرف !

بداية لا بد من الترحيب بتوبة أي شخص، وتشجيع كل مخطئ على التراجع، لكن التوبة والتراجع لا تبرئ من المحاسبة على نتائج الأخطاء، فالتكفيريون والمتطرفون الذين انخرطوا في أعمال قتالية وإرهابية لا يحملون وزر أفكارهم وحسب، بل والدماء التي سالت نتيجة أفكارهم وأعمالهم !

نيل العقوبة في الشريعتين السماوية والدنيوية تعد من أشكال التطهر من إثم ارتكاب الجريمة؛ ولهذا يظهر المجتمع تسامحه مع المتراجعين الذين يبدون ندمهم ويطلبون الغفران وينالون العقوبة المستحقة !

ما فعلته الأفكار التكفيرية والأعمال الإرهابية في المجتمعات الإسلامية من ضرر وتدمير كانت أشد وقعاً مما فعله الأعداء عبر التاريخ، بل إنها كانت الثغرة التي نفذ منها أعداء الأمة الإسلامية لتبرير كل اعتداء وتمكين كل احتلال، ولا نجد أي بلد إسلامي استفاد شيئاً من أعمال هذه الجماعات، ولنا في أفغانستان والعراق وسورية أمثلة حيّة، تشهد على الخراب والدمار والبؤس الذي عاشه ويعيشه المسلمون في تلك البلاد !

أمام حَجاج العجمي وغيره من المتراجعين مهمة لا تقف عند غاية رفع أسمائهم من قوائم الإرهاب أو الحصول على مغفرة مجتمعاتهم وعفو حكوماتهم، فمهمتهم التكفير عن خطاياهم التي لم يقف ضررها عند أنفسهم، بل تعداها لشباب فقدوا حياتهم وحريتهم، ولأجل ذلك عليهم تكريس ما تبقى من حياتهم في نقد الأفكار والأعمال التي تبنوها، وتوعية الناس بخطرها، والمساهمة بكل جهد للتصدي لها والحد من ضررها !