فاطمة المزروعي
استثمرت حكومة الإمارات الكثير في قطاع تقنيات المعلومات والاتصالات بهدف السير باتجاه الاقتصاد المبني على المعرفة، ولم تعد الإمارات الدولة السباقة في المنطقة العربية بوضع تقنيات المعلومات في العمل فحسب؛ بل وضعت نفسها كواجهة أو بوابة إقليمية مع الاقتصاد العالمي، كما جاء في تقرير التنمية البشرية لعام 2016، حيث حلت دولة الإمارات في المرتبة التاسعة والعشرين عالمياً في مؤشر البلدان الأعلى في إجمالي الدخل القومي والمرتبة الثلاثين عالمياً في مؤشر نصيب الفرد من الدخل القومي الذي بلغ 17,43 ألف دولار من إجمالي الدخل القومي، وقد انعكست هذه التطورات في قطاع تقنيات المعلومات على جميع القطاعات في الدولة مثل القطاع التعليمي، فأصبح لدينا التعليم الإلكتروني وصولاً إلى التعليم الذكي، أما في القطاع الاقتصادي فقد ظهر ما يسمى بالخدمات المصرفية الذكية.
ولقد اهتمت دولة الإمارات بالقطاع الخدمي وظهرت مبادرة الحكومة الإلكترونية عام 1999 ثم الحكومة الذكية عام 2013، ومبادرة الحكومة الذكية هي خطوة ذكية نحو تحسين الخدمات العامة وتسليط الضوء على حقيقة أن دولة الإمارات في المرتبة السابعة على مؤشر الخدمات عبر الإنترنت في مسح الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2016، وتهدف هذه المبادرة الجديدة إلى حث الجهات الحكومية للعمل على إيجاد حلول مبتكرة لتقديم الخدمات بكفاءة من خلال إجراءات بسيطة وشفافة على مدار الساعة، ولذلك أطلقت حكومة الإمارات عام 2017 استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي التي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى المنطقة والعالم، حيث تكمل هذه الاستراتيجية مبادرة الحكومة الذكية وتستهدف تطوير الخدمات والبنى التحتية وتحصينها على كافة المستويات، لقد استحدثت دولة الإمارات أول وزارة على مستوى العالم باسم وزارة الذكاء الاصطناعي، وتعتبر عملاً تكميلياً للحكومة الذكية التي تحرص على تقديم أفضل الخدمات الذكية والرقمية، والهدف منها تقليل الجهد والوقت على المتعاملين وإسعادهم بخدمات ابتكارية سريعة جداً دون الحضور لإنهائها، بل بإمكانهم الحصول على كافة الخدمات الإلكترونية ودعم عملية التحول الذكي.
إن إحدى قصص النجاح الطموحة للمدن العربية هي مدينة دبي التي تصدرت في هذا المجال، لقد شرعت دبي قبل 12 عاماً في العمل بمشروع الحكومة الإلكترونية للوصول إلى حكومة ذكية عامل، وقد أسهم هذا الأمر في توفير أرضية صلبة سهلة يمكن الاستناد إليها للوصول إلى مدينة ذكية بكل يسر وسهولة، فبعد إطلاق بوابة حكومة دبي الإلكترونية أصبح بالإمكان التواصل مع أكثر من 24 إدارة حكومية مهيأة لتزويد الخدمة للمواطنين، وتمكنت الدولة من تعزيز البيئة الاستثمارية، عبر مجموعة من خطوات التحول الرقمي كان لها تأثيرها الإيجابي على المستثمرين، ومن أبرزها إعلان الاستراتيجية الوطنية للحكومة الرقمية لدولة الإمارات 2025، واستراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية 2021 بلوك تشين، واستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، واستراتيجية دبي للمعاملات اللا ورقية، والاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2019، واستراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية، واستراتيجية الإمارات للذكاء الصناعي، واستراتيجية دبي للأمن الإلكتروني، واستراتيجية دبي الذكية 2021، وغيرها من الخطوات التي تدعم الحكومة الرقمية والعمل على تحقيق أهداف الحكومة الذكية وتعزيز وجود بنية تكنولوجية تسهم في عملية التحول الرقمي في الدولة، وتكون مدعومة بالتقنيات والتكنولوجيا ذات المواصفات العالمية يكون لها تأثير كبير على المستثمرين وتسهل المعاملات للمواطنين.
لقد حققت دولة الإمارات إنجازاً عالمياً جديداً بحلولها ضمن مجموعة أفضل الدول على مستوى العالم في التحول الرقمي الحكومي، لتكون الدولة العربية الوحيدة في هذه المجموعة، في تقرير النضج الرقمي الحكومي «GovTech» الصادر عن البنك الدولي لعام 2021، والذي يقيس مستويات نضج التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تسيير العمل في القطاع الحكومي في 198 دولة حول العالم لتضع نفسها بكل قوة وثقة على خارطة التحول الرقمي للأعوام القادمة.
التعليقات