سهوب بغدادي

لطالما توقفت على مشهد مرتادي المتاحف الذين يقفون أمام اللوحات لساعات طويلة متأملين جنباتها، إذ يعد الوقوف والتوقف على شيء ساكن وغير متغير أمر ممل ويتطلب صبرًا كبيرًا، وفن ملاحظة ومهارة في إيجاد التفاصيل والبارز والخفي منها، حيث تستحق بعض الأعمال الفنية التوقف عليها وإيلائها الوقت الكافي لاكتشاف تقنيات الفنان وإبداعه، ابتداءً من ضربات الريشة ونوع الألوان المستخدمة، وصولًا إلى قصة ودوافع اللوحة والحقبة الزمنية التي أُنتِجَت خلالها، فيما يتعلق بالحقب الزمنية، فإن عصرنا الحديث يتميز ببزوغ ظواهر فنية جديدة باستمرار، مع أحدث التقنيات والأجهزة خاصةً الذكاء الاصطناعي، حيث نقلت تلك الأدوات الفن إلى أبعاد أخرى مختلفة عن تلك التقليدية والكلاسيكية، في هذا الصدد، تزامن انطلاق مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول من نوعه تحت عنوان: «ينبغي للفن أن يكون اصطناعيًا، آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» الذي يستمر من 26 نوفمبر إلى 15 فبراير من عام 2025، إذ يقدم المعرض أعمالًا فنية من 30 فنانا من مختلف أرجاء العالم، ويكمن جمال المعرض في موضع إقامته، الكائن في منطقة الدرعية التاريخية المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتقاء الحداثة والتطور بالتراث والثقافة والعراقة، فأضحى مزيجًا بديعًا مثيرًا للاهتمام، مملا لاشك فيه، أن الفن الرقمي يعتبر نوعا من الفنون الإبداعية التي تستخدم التكنولوجيا الرقمية كأداة رئيسة لإنشاء الأعمال الفنية، ويتخذ أشكالًا متنوعة من أبرزها: الرسم الرقمي، والرسوم المتحركة الانيميشن بمختلف أبعادها، والفن التفاعلي، والرسم من خلال الاستعانة بالواقع الافتراضي والواقع المعزز، وفن الفيديو، والجرافيك، والفن الموسيقي الرقمي، والأخير، كان متواجدًا خلال المعرض في لوحة موسيقية فنية تجمع بين الموسيقى والتأثيرات البصرية والرسومات بشكل توافقي، من هنا، يعد الفن الرقمي مجالًا حديثًا يعكس تطور التقنية وما آلت إليه، كما يعطي الفنانين فرصة لإتاحة الاستفادة من الإمكانيات الجديدة والأدوات المتعددة والإبحار فيها، ومن أهمية هذا الفن، سهولة الوصول، كون الوسائل متاحة، وإمكانية التفاعل مع العمل الفني فتبقى القطعة الفنية حية بخلاف القطع الفنية التقليدية الساكنة.

ختامًا، يبرز لنا التساؤل الأهم في هذا الموطن، ألا وهو: هل ينبغي للفن أن يكون اصطناعيًا أم تقليديًا؟