منيف الحربي

‏تقلع اليوم الأربعاء أهم وأطول رحلة في تاريخ الطيران السعودي، حيث يضبط العالم ساعته على توقيت الرياض، جدة، الخبر، أبها، ونيوم.. المدن الخمس التي تستضيف ملاعبها كأس العالم 2034م.

‏الطيران هو الشريان الذي يربط الجماهير بهذا الحدث الرياضي الكبير، فالتكامل بين المطارات والشركات الناقلة واللجان المنظمة يعكس صورة حضارية هامة؛ لأن المطارات هي بوابات الدول التي ترسم الانطباع الأول ‏حول تطوّر البلد وجودة الخدمات.

‏لعب الطيران دوراً جوهرياً في ملف ترشّح السعودية لتنظيم كأس العالم، فقد تم تخصيص فصل كامل لاستعراض منظومة النقل والمواصلات جاء فيه أن هناك 16 مطاراً دولياً في السعودية، وأن جماهير كأس العالم لن تحتاج أكثر من ساعتين وأربعين دقيقة للتنقل بين أبعد نقطتين (نيوم وأبها)، فيما تبعد العاصمة عن البقية نحو ساعة وأربعين دقيقة فقط. ومن أبرز النقاط التي دعمت الملف السعودي أن 60% من سكان العالم يقيمون في أماكن تبعد أقل من ثماني ساعات طيران عن السعودية التي حباها الله موقعاً إستراتيجياً وسط العالم، يربط آسيا وأوروبا وأفريقيا، إلى جانب تنوع طبيعي ساحر من الجبال الخضراء والصحاري الذهبية والسواحل الفريدة.

قطاع الطيران المدني السعودي يشهد نمواً متسارعاً ومشاريع ضخمة مثل مطار الملك سلمان، ومطار نيوم الدولي، إلى جانب تطوير المطارات القائمة كمطارات جدة وأبها، والأرقام الحالية تؤكد هذا التطور، حيث تشهد الأجواء السعودية أكثر من 2300 رحلة يومياً، بينما تسيّر الخطوط السعودية وحدها 538 رحلة، منها 231 رحلة دولية، ومع استضافة كأس العالم 2034، من المتوقع أن يتضاعف هذا العدد ليصل إلى أكثر من 5000 رحلة يومياً، منها 1000 رحلة للناقل الوطني.

فيما يتعلق بأعداد المسافرين، استقبل مطار الرياض 34 مليون مسافر سنوياً عام 2023م والمستهدف وفق الرؤية هو 80 مليوناً بحلول 2030م، بينما حقق مطار جدة 43 مليون مسافر ويستهدف 90 مليونا، أما مطار الدمام فيستهدف 15 مليونا بعد تحقيقه 11 مليوناً حالياً، فيما يستهدف مطار أبها مضاعفة العدد ليصل إلى 8 ملايين، وأخيراً مطار خليج نيوم، الذي يخدم حالياً 140 ألف مسافر سنوياً وسيتم استبداله بمطار نيوم الدولي ليحقق 12 مليون مسافر بحلول 2034م.

خلال بطولات كأس العالم، ترتفع أعداد الرحلات الجوية عادةً بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالفترات العادية، مع استقبال ما بين 15 و20 مليون مسافر إضافي، كما يسهم قطاع الطيران في الاقتصاد بنسبة تصل إلى 20% من العائدات السياحية المرتبطة بالبطولة، ولو عدنا إلى بعض أرقام آخر بطولتين نجد أنه في كأس العالم 2018 نقلت الخطوط الروسية وشركات الطيران الأخرى أكثر من 5 ملايين مشجع، بينما استقبل مطار الدوحة خلال كأس العالم 2022 أكثر من 26 ألف رحلة خلال شهر، مع 3.4 مليون مسافر، ولأن لكل بطولة كأس عالم طابعها وظروفها فإن كأس العالم 2026 في أمريكا يتوقع أن تحقق أضعاف هذه الأرقام، أما كأس العالم 2034م في السعودية فستكون استثنائية بكل المقاييس لأنها المرة الأولى في تاريخ البطولة التي تشارك فيها 48 دولة في بلد واحد ما يجعل الأرقام الهائلة التي استهدفتها رؤية 2030 خطوة جبّارة لما بعدها من أرقام ونجاحات باهرة.

لم يكن «نحلم ونحقق» مجرد شعار مرحلة، بل رؤية قائد ملهم كتب «طموحنا عنان السماء» وبنى على الأرض واقعاً يتجاوز الأحلام.

العالم في قلب السعودية، والسعودية في قلب محمد بن سلمان.