النظام السوري يتعمد تركيع السوريين مع اقتراب انتهاء الحرب والمعارك وفرض سيطرته بالقوة، مع العودة الى طريقة الترهيب والتخويف والقمع الظلامي، لكنه يستند هذه المرة على محور شرير متمثل بايران ومليشياتها من العراق حتى لبنان وبمظلة الدب الروسي بالاضافة الى صمت يشبه الموافقة من الولايات المتحدة واوروبا.
نظام بشار الاسد لم يتعلم من دروس الحرب السورية التي امتدت من العام 2011 وحتى يومنا ويعود لقمع الشعب السوري خاصة الاقليات بعد ان كان يصور نفسه حامي الاقليات وحاضنها.
مجزرة السويداء التي نفذهها تنظيم داعش الارهابي ما كانت لتحصل لولا غض الطرف عنها من قبل النظام، نفس النظام الذي نقل هؤلاء القتلة الى بادية السويداء من اليرموك، نفس النظام الذي لم يحرك جيشه ساكنا في التصدي لداعش عندما هاجم السويداء وريفها، هو نفس النظام الذي قتل نحو مليون سوري وجرح وهجّر وشتت 12 مليون اخرين.
نظام الاسد يستعمل نفس الاسلوب القديم الجديد للسيطرة على جبل العرب، سكان الجبل لم يعادوا النظام من جهة ومن ناحية اخرى لم ينخرط ابناؤهم في قتل اخوتهم السوريين، الدروز في جبل العرب حافظوا على حيادهم وعلى ولائهم للدولة السورية وعملوا طيلة الازمة على ادارة شؤونهم بنفسهم بسبب خصوصيتهم المذهبية. خلال سنوات الحرب استقبلوا مئات الالاف من النازحين وقدموا لهم كل ما يملكون على حساب لقمة عيشهم احيانا، فمعروف عنهم الكرم، الشجاعة، المروءة واكرام الضيف. 
الدروز او الموحدون في الشرق الاوسط يعيشون في ثلاث دول هي سوريا، لبنان واسرائيل، لهم رباط خاص يأتي في اطار فريضة "حفظ الاخوان" التي تربطهم معا وتجعلهم يساندون بعضهم بعضا في كل الاحوال مهما اختلفت توجهاتهم السياسية فكل مجموعة تعمل في بلدها ما تراه مناسبا لها ولكيانها والحفاظ على خصوصيتها اما وقت الحاجة فكل مجموعة تقدم ما تستطيع وما تسمح به الظروف السياسية،الامنية والموضوعية للمجموعة المحتاجة.
بعد مجزرة السويداء حصلت تحركات للدروز في لبنان واسرائيل لمساندة دروز جبل العرب والمعلومات تشير الى ان السكوت عن ممارسات النظام تجاه جبل العرب لن يطول فعلاقات دروز اسرائيل بالمؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية وثيقة بسبب خدمتهم الاجبارية بالجيش الاسرائيلي وسبق ان قام الجيش الاسرائيلي ونزولا عند طلب دروز اسرائيل بانقاذ دروز قرية حضر بالجولان السوري من التنظيمات التكفيرية وتحذير النظام من المس بهم ويستطيعون بواسطة اسرائيل الوصول للامم المتحدة وايضا للبيت الابيض بواشنطن، اما دروز لبنان فلهم ثقل كبير لدى فرنسا التي قد يجعلونها تتدخل بنقل رسائل لروسيا او حتى التحرك عسكريا لحماية الدروز في جبل العرب كما ان لقادة لبنان اصدقاء في الكرملين وفي دمشق يمكنهم ان يؤثروا على ما يحصل.
مجزرة السويداء ومحاولات النظام وحلفاءه من روسيا وايران وتوابعها استغلالها لكسر شوكة جبل العرب وتركيع اهله وضم ابناءه لقتال اخوتهم السوريين لن تقف عند هذا الحد ففي حال نجاح النظام بهذه المهمة سيكون الدور على الاكراد ثم على غيرهم.
نظام الاسد الذي انقذه الروس والايرانيين بمليشياتهم الارهابية لن يتورع عن فعل اي شيء من اجل ترسيخ سيطرته في المناطق المختلفة بعد ان "يربي" من لم يسانده في الحرب وخاصة جبل العرب وتركيع كل من يقف امام بسط هذا النظام لسيطرته المجددة على ارجاء مختلفة من الدولة السورية، فنظام قائم على اجندات خارجية قتل وشرد وسجن وهجّر اكثر من نصف الشعب السوري لا يعوَّل عليه ولا يُؤتمن جانبه.