الحريري لـ"إيلاف" وهو يشاهد التقرير باستغراب ودهشة وهدوء:
كنا نسعى للحقيقة .. الآن نطالب بالعدالة
إيلاف من جدة:
سهر الزعيم اللبناني رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري حتى ساعات الفجر الأولى وهو يشاهد عبر قناة العربية وقنوات أخرى أجنبية التقرير الذي سلمه ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في الاغتيال التي ذهب ضحيتها والده رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من شهر شباط (فبراير) 2005.وكان سعد الدين في حالة من الدهشة والاستغراب وهو يرى أن توقعاته ومعلوماته تتطابق مع تقرير القاضي الدولي المكلف التحقيق في جريمة الاغتيال ديتليف ميليس.
"إيلاف" التي راقبت السيد الحريري منغمسا في مشاهدة التقرير وما يصدر من تعليقات، سألته بضعة أسئلة حول الخطوة التالية التي سيقدم عليها، ومصير شعاره الشهير "نريد الحقيقة كاملة"، وحول الاجراءات الأمنية التي سيحيط نفسه بها في أعقاب التقرير. وفيما يلي الحوار المقتضب الذي دار بين إيلاف والسيد سعد الدين فجر اليوم:
*إيلاف: ما الذي ستفعله الآن؟
الحريري: أنتظر .. ثم سأصدر بيانا كماملا يحدد موقفنا من التحقيق وتفرعاته
*السوري حاكمًا..المعارض محكومًا(1) *السنية السياسية في ميزان لبنان(2) |
*ماذا بقي من شعارك "نريد الحقيقة" وقد حضرت؟
نريد الآن العداله!!!!
*هل ستتخذ وإخوانك إجراءات أمنية بعد صدور التحقيق؟
الله هو الحافظ، نحن مؤمنون، ولن يصيبنا إلا ما كتب لنا وأنا مدرك لتلك الاخطار
والمعروف أن سعد الدين الحريري يقضي أواخر شهر رمضان متنقلا مع عائلته بين مكة المكرمة والمدينة المنورة متخذا من مدينة جدة قاعدة لانطلاقاته.
وكان الحريري أعلن في اعقاب لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الأربعاء أنه يريد ان يحاكم من يتهمهم تقرير ميليس بالجريمة أمام محكمة دولية. وقال الحريري "لم نكن لنتمكن من إنهاء التحقيق وطلبنا مساعدة الأمم المتحدة. بالطبع سنطالب بمحاكمة دولية". وأكد أن "تقرير ميليس سيكون واضحا وسيكشف عن مرتكبي الجريمة.
تدابير امينة
وفي لبنان، انتشر الجيش في العاصمة وضواحيها وفي المناطق الرئيسية الأخرى. كما تمركزت سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء عند النقاط الأساسية على الطرقات. كما اتخذت الأمم المتحدة أيضا تدابير أمنية لحماية موظفيها في لبنان، فتم تشديد التدابير الأمنية على مكاتبها كما نُقل مسؤول المركز الإعلامي نجيب فريجي إلى خارج بيروت "حرصا على سلامته الخاصة".
إغتيال جورج حاوي إغتيال جورج حاوي |
تحقيق للأمم المتحدة يرى تورطا سوريا في مقتل الحريري
خلص تحقيق للأمم المتحدة يوم الخميس الى أن مسؤولين سوريين ولبنانيين كبارا تورطوا في اغتيال الحريري والقى شكوكا حتى على الرئيس اميل لحود. وخلص التحقيق في مقتل الحريري الذي قاده المدعي الالماني ديتليف ميليس الى "ان خيوطا كثيرة تشير إشارة مباشرة الى تورط مسؤولي امن سوريين في الاغتيال" وذلك وفق ما جاء في التقرير الذي قدم الى مجلس الامن الدولي. وقال التقرير انه لهذا يتعين على سوريا الان "ايضاح جانب كبير من الاسئلة التي لم تحل" التي واجهت المحققين.
ولم يكن لدى الحكومتين اللبنانية والسورية تعقيب فوري على التقرير لكن الرئيس السوري بشار الاسد اكد الاسبوع الماضي ان بلاده "بريئة مئة في المئة".
وسلم التقرير الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان صباح الخميس وعرضه عنان على مجلس الامن والحكومة اللبنانية مساء اليوم نفسه. وقال التقرير "يوجد سبب محتمل يدعو للاعتقاد بان قرار اغتيال (الحريري) ما كان يمكن ان يتخذ دون موافقة مسؤولي امن سوريين كبار وما كان يمكن ان يجري تدبيره دون تواطؤ نظرائهم اللبنانيين في اجهزة الامن اللبنانية".
واشار التقرير الى احمد عبد العال عضو جماعة الاحباش الاسلامية المتشددة في لبنان والتي لها روابط تاريخية قوية بالسلطات السورية بوصفة شخصية هامة في مؤامرة الاغتيال اذ انه استخدم هاتفه المحمول مع "كل الشخصيات المهمة في هذا التحقيق". واضاف التقرير قوله انه جرت اتصالات عديدة بين عبد العال وامن الدولة اللبناني يوم الانفجار بما في ذلك العميد فيصل رشيد رئيس امن الدولة في بيروت واخرين. وقال التقرير "انه اجرى مكالمة قبل الانفجار بدقائق الساعة 1247 الى الهاتف المحمول للرئيس اللبناني لحود".
ومضى التقرير يقول ان السلطات السورية بعد ترددها في البداية في تقديم المساعدة تعاونت "الى درجة محدودة". واستدرك التقرير بقوله ان عدة افراد حاولوا تضليل المحققين "بالادلاء بتصريحات كاذبة او غير دقيقة". وقال التقرير انه حتى الرسالة الموجهة الى لجنة التحقيق من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع "ثبت انها تحوي معلومات كاذبة".
وقالت لجنة ميليس ان النتائج التي توصلت اليها حتى الان تشير الى ان تفجير الشاحنة الذي قتل الحريري و20 آخرين في شوارع بيروت في 14 من فبراير شباط نفذته جماعة "ذات تنظيم واسع وموراد وقدرات كبيرة". واضافت اللجنة قولها "الجريمة تم الاعداد لها على مدار بضعة أشهر." وقالت ان تحركات موكب الحريري وتوقيته كان يجري مراقبتها وتسجيلها بدقة وبالتفصيل خلال الفترة السابقة على التفجير.
وخلص التقرير الى ان التحقيق يجب ان يستمر "لبعض الوقت" لتحديد ما حدث وانه يجب ان تنفذه السلطات لامنية والقضائية اللبنانية المختصة بمساعدة دولية.
من جانبه، تطرق رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الى الموضوعات الساخنة محليا في حديث لجريدة "لوموند" الفرنسية. وقال ان على سوريا "أن تدرك ان لبنان مستقلا سيدا حرا ليس عدوا، بل عليه على العكس ان يخدم مصالحه الخاصة ومصالحها بشكل افضل".
وعن نزع سلاح "حزب الله" الذي نص عليه قرار مجلس الامن الرقم 1559 قال السنيورة ان "بعض المسائل تتطلب حوارا وطنيا جديا ومنطقيا من اجل التوصل الى قناعات مشتركة. اننا نود حقا احترام القرارات الدولية لكننا نريد تجنب اي تسرع سيعقّد المشكلات ويثير مشكلات جديدة"، مشيرا الى ان حزب الله "ليس مجرد مجموعة مقاتلين" بل "يمثل قسما مهما من اللبنانيين" وله نواب وممثلون في الحكومة. وقال السنيورة "إنه قد يكون أفضل ان تختص محكمة دولية بمحاكمة من اغتالوا الرئيس رفيق الحريري بدلا من محكمة وطنية"، مضيفا "انه يثق بقضاة لبنان ولكن النظام القضائي يمر بمرحلة تجديد حاليا والمحكمة الدولية تقدم العديد من الميزات الافضل".
شتيرن الألمانية
وبحسب تقرير مفصل تنشره مجلة "شتيرن" الالمانية اليوم، فإن ميليس يعرض لتجربته في هذه القضية "التي صارت قضية حياتي".
وتذكر عمل المفتش الدولي في العراق هانز بليكس وكيف كان يتعرض لحملة ضغوط قائلا "الآن اعرف كيف كان شعوره، برغم ان عملنا هنا مختلف عن عمله ونحن هنا لسنا فريقا عاديا ولسنا مثل جنود حفظ السلام في القوات التابعة للامم المتحدة".
ونقلت المجلة عن مصادر يُفهم انها ترتبط بميليس ان اللجنة تشتبه صراحة في اللواء آصف شوكت والعميد رستم غزالة ومسؤولين سوريين آخرين، وان لدى اللجنة معطيات كبيرة حول ما حصل. ويقول التقرير "ان اللجنة كانت لديها شكوك في تورط المخابرات السورية، ولكن التأكيد حصل من جانب شاهد سوري هو غير محمد الصديق، وهو كان يعمل في المخابرات السورية وقد نقل الى اللجنة معلومات مفصلة عن الذي حصل، وهذا الشاهد كان يحضر الى لبنان ويغادره برفقة محقق خاص من اللجنة الدولية وهو موجود في مكان ما خارج لبنان بقصد حمايته".
الأسد.. أبرياء 100%
الرئيس السوري بشار الأسد قد أكد مجددا براءة سوريا من قضية اغتيال الحريري. وقال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع مجلة "دي تسايت"الأمانيةيوم الاربعاء الماضي"اننا أبرياء بنسبة 100%".وقال الاسد لمجلة "دي تسايت" اليوم الخميس "اننا ابرياء مئة بالمئة وليس لدينا اي فكرة عن هذه الجريمة"، مؤكدا ان "ما حصل في لبنان ليس من مصلحة سوريا بل انه على العكس يضر بنا".
غير ان مجلة "شتيرن" الالمانية كتبت في عددها الاخير ان لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيالالحريري تشتبه في تورط اللواء آصف شوكت صهر الرئيس السوري في الاغتيال وقد استجوبته في اوروبا. واشارت الصحيفة الى ان رئيس لجنة التحقيق القاضي الالماني ديتليف ميليس استمع الى شوكت رئيس شعبة المخابرات العسكرية السورية "كمشتبه به لا كشاهد". وقالت "شتيرن" ان هناك اربعة مسؤولين سوريين آخرين مشتبه بهم بينهم رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان سابقا رستم غزالة.
وسبق واعتبر القاضي ميليس اربعة جنرالات لبنانيين موالين لسورية مشتبها فيهم، وتم اعتقالهم في لبنان في شهر اغسطس/آب الماضي. كما استجوب ميليس سبعة مسؤولين سوريين، من بينهم وزير الداخلية السابق غازي كنعان، الذي كان يرأس المخابرات السورية في لبنان، والذي عثر عليه منتحرا في مكتبه الاسبوع الماضي، بحسب السلطات السورية.
بولتون
ومن جهة اخرى، قال السفير الاميركي الى الامم المتحدة جون بولتون ان عدة بلدان تتشاور بشأن الخطط التي ينبغى اتباعها على اساس نتائج التحقيق. واضاف بولتون: نحن ندرس التقرير بدقة حتى يتسنى لنا معرفة التوجه الذي سنتبعه".
التعليقات