بشار دراغمه من رام الله: أكد عماد صلاح الدين الخبير والباحث في قضايا اللاجئين الفلسطينيين أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تهدد الفلسطينيين وتشارك في عمليات التسوية الرامية إلى توطينهم في أماكن تواجدهم، وأنها كذلك عاجزة تماما عن مساعدة الفلسطينيين من الناحيتين القانونية والسياسية وتكتفي فقط بتدقيم خدمات بسيطة وتعمل على توطين اللاجئين في الأماكن التي يتواجدون فيها وقال صلاح الدين: "أنشأت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 302 في كانون الأول(ديسمبر) 1949م كمنطقة موقتة للإغاثة دون المساس بحقوق اللاجئين بالعودة أو التعويض ولا شك أنها مرتبطة بالقرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة والذي يشير بشكل واضح وصريح إلى السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وقراهم التي هجروا منها والتعويض عن كل ضرر وفقد للأملاك والممتلكات التي فقدها اللاجئون الفلسطينيون وبالتالي فان القرار 194 يعتبر المرجعية القانونية والسياسية لحماية اللاجئين الفلسطينيين".

وأوضح الخبير الفلسطيني أنه ومن خلال الاطلاع على صلاحيات ومهمات الوكالة يتبين أن القرار الدولي رقم 302 القاضي بإنشاء وكالة الغوث قد جدد صلاحيتها في النقطة السابقة لتقوم بالتعاون مع الحكومات المحلية بالإغاثة المباشرة وبرامج التشغيل بحسب توصيات لجنة المسح الاقتصادية. وكذلك لتتشاور مع الحكومات المهتمة في الشرق الأدنى، في التدابير التي تتخذها هذه الحكومات تمهيداً للوقت الذي تصبح فيه المساعدة الدولية بالإغاثة ولمشاريع الأعمال غير متوفرة.

وقد ورد في النقطة 20 من القرار نفسه "توعز إلى" وكالة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينيين في الشرق الأدنى وتشغيلهم " بالتشاور مع لجنة التوفيق (بشأن فلسطين) التابعة للأمم المتحدة لما فيه خير أداء لمهمات كل منهما وخصوصاً في ما يتعلق بما ورد في الفقرة (( من قرار الجمعية العمومية رقم 194 (دورة 3) الصادر في )) كانون الأول( ديسمبر) 1948.

ومما سبق ذكره يقول صلاح الدين إنه يتضح أن لجنة التوفيق هذه كان من المفترض أن تعمل في مناقشة الجانب السياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، ولكنها (أي هذه اللجنة ) كانت قد تعطلت بعد سنوات قليلة من حرب 1948، وبالتالي حيث لا دور سياسي ولا قانوني لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين فقد أصبح الدور اللاسياسي للوكالة من الناحية الموضوعية دوراً سياسياً يصب باتجاه خدمة مشاريع التوطين، وخاصة تلك المشاريع التوطينية التي طرحت في الخمسينات من القرن الماضي، وتمثل هذه النقطة الثغرة الأولى والأساسية والجوهرية في عمل الوكالة.

وأضاف الباحث الفلسطيني قائلا: "واذا ما نظرنا الى طبيعة عمل وصلاحية المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين فإننا نجد أن دورها هو دور سياسي له علاقة بإعادة اللاجئين لوطنهم وليس له علاقة فقط بإغاثتهم وتشغيلهم كما هو حال الوكالة. ومن هذا المنطلق واذا كانت قد عطلت لجنة التوفيق الدولية منذ زمن طويل فان المفوضية يمكن أن تعالج الثغرة السياسية الناتجة من ذلك عبر ربط وكالة اللاجئين الفلسطينيين بالمفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين، بحيث يكون للاجئين الفلسطينيين حمايتان أحدهما سياسية قانونية عبر هيئة المفوضية الأوروبية العليا لشؤون اللاجئين وأخرى مادية خدماتية على صعيد التعليم والصحة وغيرها عن طريق وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ، وبالتالي وبناءً على ما سبق يمكن مواجهة مشاريع التوطين والاندماج الاقتصادي التي تحاول بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها أميركا وأخرى عربية – وللأسف- وكما تريد إسرائيل بالطبع وكما يروج له بعض السياسيين الرسميين الفلسطينيين وكذلك بعض الأكاديميين تمريرها من خلال وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين كأداة لتنفيذ هذه المشاريع الرامية إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم سواء في الداخل أو في الشتات في دولة عربية وأخرى أجنبية".

وأكد أيضا انه إذا كانت الوظيفة الأبرز لوكالة الغوث هو توفير الدعم الاجتماعي للاجئين بمعنى تقديم الخدمات التي تتعلق بالجوانب التعليمية والصحية وغيرها من الجوانب الخدماتية وبالتالي لا تقوم منذ تاريخ نشأتها بأي دور سياسي أو قانوني يتعلق بحماية اللاجئين الفلسطينيين ، فانه يتضح كيف أن وكالة الغوث ومع بداية اتفاقيات أوسلو سنة 1993 وما بعدها أخذت تشارك في مشاريع التسوية والتي تهدف في أساسها إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين واعادة دمجهم اقتصادياً واجتماعياً في المجتمعات المضيفة التي يعيشون فيها عدا عن اللاجئين الموجودين في الضفة الغربية وقطاع غزة وأيضاً أولئك الغائبون الحاضرون في دولة الكيان الصهيوني وذلك عبر برنامج تطبيق السلام الذي تدعمه أميركا والذي تهدف ممن خلاله الى إنهاء دور الوكالة تدريجياً وبالتالي نقل صلاحياتها للسلطة الفلسطينية ليتحول اللاجئون الفلسطينيون في بلدان الشتات الى مجرد جاليات وليس كلاجئين تم تشريدهم وتهجيرهم من قبل الكيان الصهيوني عبر جرائمه ومجازره التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني وبمساندة دولية كبيرة وعلى رأسها بريطانيا وأميركا تمثلت بقرار التقسيم الصادر عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1947، وهذا الأخير هو من ضمن العوامل الرئيسة في تهجير وتشتيت الشعب الفلسطيني الى خارج أرضه ووطنه، بعبارة أخرى محاولة تقزيم قضية اللاجئين وإنهاء المسؤولية الدولية عنها وحصرها ضمن إطار جاليات هناك وهناك في بلدان الدول المضيفة.