نبيل شرف الدين من القاهرة: كشف مصدر مطلع في القاهرة عن قيام السلطات المصرية بإلقاء القبض على تنظيم جديد يحمل اسم (الدعوة والجهاد)، اتهم بالسعي لتأسيس حكم إسلامي بالقوة، والإطاحة بالحكومة القائمة، وتقوم أفكاره على اعتبار أن الجهاد هو الطريق الوحيد لإقامة هذا الحكم، من خلال استخدام القوة والعنف باعتبارهما وسيلة التغيير، كما يسعى التنظيم إلى إقناع الشباب المصري بالسفر إلى العراق لقتال القوات الأميركية.

أعضاء تنظيم الجهاد أثناء محاكمتهم
ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على سبعة أشخاص من عناصر التنظيم في مدينة السويس المصرية، ومن بينهم شخصيات ممن يعرفون بالدعاة الجدد، مثل الشيخ علاء شوقي، والشيخ علاء عبد العزيز، الذي اتهمته أجهزة الأمن بتمويل المجموعة ومساعدة الراغبين في السفر إلى العراق من ماله الخاص، فضلاً عن آخرين تواصل أجهزة الأمن ملاحقتهم لاتهامهم في ذات الخلية الجهادية التي تأتي ضمن ما بات يعرف بالجيل الجديد من الأصوليين، الذين لا ينتمون بالضرورة إلى التنظيمات الأصولية التقليدية على الساحة المصرية، ومن المتوقع أن تبدأ نيابة أمن الدولة العليا في مصر تحقيقاتها مع الموقوفين لاحقاً .

وفي السابع من شهر نيسان (أبريل) الماضي شهدت القاهرة تفجيراً في حي الموسكي المتاخم لمنطقة الأزهر، أسفر عن مصرع وإصابة عدة أشخاص بينهم سياح أجانب، وبعده شهد ميدان عبد المنعم رياض وسط العاصمة المصرية تفجيراً آخر، نفذته نفس المجموعة التي اتهمت بتنفيذ حادث الأزهر، إذ ألقي متهم فار من قضية خان الخليلي بنفسه من فوق كوبري أكتوبر فسقط في الشارع وانفجرت عبوة ناسفة كان يحملها فقتل على الفور، وأصاب سبعة أشخاص منهم ثلاثة مصريين وأربعة سياح، وبعدها هاجمت فتاتان حافلة سياحية في حي السيدة عائشة تبين أن الأولى شقيقة المتهم الانتحاري، والثانية خطيبته، لكنهما فشلتا في إصابة أي من الركاب فأطلقت إحداهما النار على الأخرى فقتلتها ثم قتلت نفسها .

ونجحت أجهزة الأمن المصرية في محاصرة نشاط تنظيم الجهاد وأجهضت عدة محاولات لإعادة تشكيل تنظيمات جهادية صغيرة، والتي كان أبرزها تنظيم "طلائع الفتح"، وكانت آخر هذه المحاولات إلقاء أجهزة الأمن القبض علي 23 متهماً من بينهم ستة أجانب، بتهمة إعادة إحياء تنظيم الجهاد، وتجنيد شباب للقتال ضد القوات الأميركية والبريطانية في العراق وأفغانستان، وضد إسرائيل في الأراضي الفلسطينية .

سنوات العنف
وشهدت مصر خلال عقد التسعينات موجة من أعمال العنف الدامي التي تورط فيها أصوليون مسلحون، والتي أسفرت عن مقتل نحو1500 شخص، غير أن الهدوء عاد إلى البلاد منذ أن أعلن تنظيم "الجماعة الإسلامية"، أبرز التنظيمات الأصولية في مصر، وقف أعمال العنف عام 1998، عقب وقوع مذبحة الأقصر في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1997 التي أوقعت 58 قتيلا معظمهم من السياح السويسريين.

غير أن الساحة المصرية شهدت توقفاً عن عمليات العنف، وذلك في أعقاب مبادرة وقف العنف التي أعلنها بتاريخ الخامس من تموز (يوليو) 1997، من جانب واحد قادة الجماعة الإسلامية المحبوسين بسجن ليمان طرة بمصر، ثم أيدهم فيها الزعيم الروحي للجماعة الشيخ عمر عبدالرحمن الذي يمضي حاليا عقوبة السجن مدى الحياة في أحد السجون الأميركية، لإدانته في مؤامرة لتفجير منشآت في نيويورك بعد مغادرته مصر عن طريق السودان بطريقة مازال يكتنفها الغموض عام 1990، وأصدرت الجماعة مؤخراً سلسلة من الكتب اشتهرت باسم المراجعات، التي تؤصل فيها لتراجعها عن خيار العنف، غير أن السلطات المصرية تمسكت بضرورة "سداد الفواتير القديمة" كاملة، قبل البدء في فتح صفحة جديدة في علاقتها مع هذه المنظمات التي تراجع وجودها، وتقلصت فاعليتها بشكل كبير.

وارتكب تنظيم الجهاد العديد من العمليات الارهابية خلال عقد التسعينات، شملت اغتيال الكاتب فرج فودة عام 1992، ومحاولات اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1993، ومحاولة اغتيال حسن الألفي وزير الداخلية السابق في شهر آب (أغسطس) من العام 1993، إضافة إلى محاولات اغتيال اللواء مصطفي عبدالقادر رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، ووزير الإدارة المحلية السابق، وعبدالحليم موسى وزير الداخلية الراحل، واللواء سمير فاضل رئيس المحكمة العسكرية، فضلاً عن نسف السفارة المصرية في إسلام اباد عام 1995 .

وتبنت جماعتا الجهاد الجماعة الإسلامية سلسلة من الاعتداءات في مصر خلال عقد التسعينات من القرن المنصرم، في محاولة لاسقاط النظام المصري، لكن وحسب اعترافات بعض الأصوليين اثناء محاكمتهم عام 1999 في القاهرة فقد طلب ابن لادن من الحركتين وقف عملياتهما ضد مصر للمشاركة في الجهاد ضد "اميركا واسرائيل"، بعد تأسيس ما سمي "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين" التي كانت نواة لتنظيم "القاعدة"، والتي وقع عليها عدد من قادة ورموز الحركات الإسلامية الجهادية في العالم‏,‏ أبرزهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.