بيروت: يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، حيث وصل محمود عباس اليوم الجمعة في أول زيارة منذ انتخابه على رأس السلطة الفلسطينية، في بؤس مدقع ، فهم يقيمون في مخيمات لا تتوفر فيها أبسط الشروط الصحية ، و هم محرومون من أبسط حقوقهم المدنية و يشعرون بالقلق من مستقبل غامض.

و أكد مسؤولون فلسطينيون لوكالة فرانس برس أن نحو نصف الفلسطينيين المسجلين في وكالة الأمم المتحدة لغوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( اونروا ) فقط ما زال يقيم في لبنان بعد أن هاجر النصف الآخر بسبب فقدان الأمن و الملاحقات و الفقر.يذكر بأن عدد اللاجئين المسجلين في الاونروا يبلغ نحو 400 الف لاجيء.

و تؤكد هذه المصادر أن الهجرة تفاقمت بعد عدة محطات و تعدد منها : مجازر صبرا و شاتيلا التي وقعت خلال الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، "حرب المخيمات" مع حركة أمل الشيعية الموالية لسوريا بين عامي 1985-1988، حصار الجيش اللبناني للمخيمات منذ انتهاء الحرب اللبنانية عام 1990 و ملاحقة أنصار ياسر عرفات خلال 15 عاما من الهيمنة السورية على لبنان.

و إذا شكل المقاتلون الفلسطينيون الصاعق الذي فجر الحرب الاهلية في لبنان فإن استتباب السلام لم يكن مثمرا بالنسبة لللاجئين، بل على العكس من ذلك.و كان الفلسطينيون الذين أجبروا على الرحيل من اراضيهم إلى لبنان بعد قيام دولة اسرائيل قد وزعوا على 12 مخيما ، حيث استمرت الشرطة اللبنانية بمعاملتهم بقسوة حتى أقامت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1969 دولة داخل الدولة.
و أمضى اللاجئون سنين الحرب اللبنانية (1975-1990) تحت سلطة منظمة التحرير التي كانت تؤمن لهم، بموازاة الاونروا، العمل و المساعدات المادية و الصحية و المدرسية. و هم يعيشون حاليا في ظروف صعبة للغاية و يواجهون باستمرار مقولة رفض " توطينهم " في البلد المضيف.

يقول أبو سمير اللاجيء في بيروت لوكالة فرانس برس " رفض توطيننا بحجة أن الدستور اللبناني يمنعه يعني حرماننا من النسيج الإجتماعي و الإنساني الذي عشنا فيه و كبرنا و حيث أبصر معظمنا النور" و يضيف "خصوصا ان لا امل لدينا بالعودة الى فلسطين بسبب رفض اسرائيل القاطع".و يلفت سهيل الناطور الفلسطيني المتخصص في علم الاجتماع الى ان قيام لبنان مؤخرا برفع جزئي للحظر المفروض منذ عام 1983 على عمل الفلسطينيين أدى الى ردود فعل سلبية " عند الذين يلوحون بفزاعة التوطين".

و يضيف " أكد بعض السياسيين اللبنانيين أن التدبير الذي اعتمده وزير العمل طراد حماده ( مقرب من حزب الله) يندرج في اطار خطة أميركية تهدف الى توطين اللاجئين و هو ما يرفضه الفلسطينيون رفضا قاطعا".يشار الى ان ملف المخيمات الفلسطينية سيطرح عاجلا او آجلا طالما ان القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن الدولي ينص على حل الميليشيات الفلسطينية سواء المنضوية في منظمة التحرير اوالفصائل الاسلامية (حماس والجهاد الاسلامي) او تلك الموالية لسوريا (مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة بزعامة احمد جبريل).

لكن دخول القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات، التي تضمن فيها الفصائل الفلسطينية الأمن، و تفكيك قواعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة خارج المخيمات يطرح بالمقابل ضرورة " تخفيف عذابات اللاجئين" وفق الناطور.يؤكد كمال مدحت، من الكوادر العليا في حركة فتح، ان الفلسطينيين يصرون اولا على فتح سفارة في بيروت تؤمن لهم حماية رسمية و كذلك الحصول على حقوقهم المدنية خصوصا حق التملك والحق في العمل بدون استثناء مهن محددة اضافة الى الالتحاق بالضمان الاجتماعي و الدخول الى المدارس الرسيمة واعادة تاهيل المخيمات.و يقول " اعطاء هذه الحقوق لا يشكل بالضرورة مدخلا الى التوطين. انه مجرد دليل على احترام حقوق الانسان".

يذكر بأن السلطة الفلسطينية أكدت مرات عديدة انها على أتم الاستعداد للتعاون مع السلطات اللبنانية من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات.