محمد المصري من القاهرة: طالبت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش الرئيس المصري حسني مبارك بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق الفوري مع المسؤولين عن إصدار الأوامر بضرب المتظاهرين المحتجين على قراره بترشيح نفسه لولاية رئاسية خامسة، ومن قاموا بالاعتداء عليهم تنفيذاً لهذه الأوامر. وكانت هذه الاعتداءات، التي وقعت مساء السبت 30 يوليو(تموز)، هي المرة الثانية خلال شهرين التي تضرب فيها الشرطة المتظاهرين المسالمين.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن العنف الذي تمارسه الشرطة يعكس فيما يبدو قراراً سياسياً اتُّخذ على مستوى عالٍ، ومن ثم فإن أي تحقيق من هذا القبيل لا بد أن يشمل دور وزير الداخلية حبيب العادلي. وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط بمنظمة هيومن رايتس ووتش "إن توحش الشرطة مع المتظاهرين المسالمين قد أصبح مرة أخرى سمة معتادة في مصر؛ وما رأيناه في القاهرة مساء السبت يعكس قراراً صادراً عن مسؤول رفيع المستوى لا بمنع المظاهرة فحسب، بل أيضاً بإنزال العقاب البدني بمن يتجاسرون على الاحتجاج على ترشيح الرئيس مبارك".

وكانت اعتقلت الشرطة أول الأمر نحو 40 شخصاً، من بينهم جورج إسحق وأمين إسكندر، وهما من قيادات حركة "كفاية" المعارضة، ثم اقتادتهم إلى معسكر الأمن المركزي في حي الدراسة بالقاهرة، رغم أنه ليس من مراكز الاعتقال القانونية الخاضعة لسلطة النائب العام. وبعد بضع ساعات، أخلت السلطات سبيل إسحق وإسكندر و12 آخرين، ولكنها احتجزت 24 آخرين طيلة الليل، ثم رحلتهم في اليوم التالي إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا في مصر الجديدة للتحقيق معهم بتهمة الاشتراك في تجمهر ومقاومة ضباط الأمن والاعتداء عليهم أثناء محاولتهم القبض على هؤلاء الأشخاص، وبث دعايات مغرضة من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة. ثم قامت السلطات يوم الأحد بإحالة ثلاثة من المعتقلين – هم محمد نبيل السيد وأسامة أحمد عبد السلام ومصطفى خليل فرج الله – إلى الطب الشرعي لتحديد مدى إصاباتهم؛ وأمرت السلطات مساء الاثنين بإخلاء سبيل المعتقلين الأربعة والعشرين بكفالة مع استمرار التحقيق.

وقد شارك في اعتداءات الشرطة على المتظاهرين المسالمين يوم السبت العشرات من أفراد قوات الأمن الذين يرتدون ثياباً مدنية، ويحملون هراوات قصيرة غليظة؛ وقالوا للمتظاهرين في عدة حالات إنهم من رجال الشرطة، وشاهد الصحفيون مسئولي الأمن الذين يرتدون الزي الرسمي وهم يأمرون بالاعتداءات على بعض المتظاهرين. وكان نشطاء من حركة "كفاية" وغيرها من الجماعات قد دعوا إلى مظاهرة احتجاج في السادسة من مساء 30 تموز(يوليو) في ميدان التحرير وسط القاهرة في أعقاب إعلان الرئيس مبارك اعتزامه ترشيح نفسه لولاية رئاسية خامسة يوم 28 تموز(يوليو).
وبحلول الخامسة من مساء يوم المظاهرة كانت السلطات قد حشدت أكثر من ألف من أفراد قوات الأمن الذين يرتدون الزي الرسمي في الميدان نفسه، وفي الشوارع المحيطة به، لمنع المتظاهرين من التجمع. وأصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه إن المتظاهرين استفزوا قوات الأمن برشقهم بالحجارة؛ وقال أحد الصحفيين ممن شهدوا المظاهرة: "أتصور أن بعض المتظاهرين ربما دفعوا رجال الأمن عندما اعتدوا عليهم، ولكني لم أرَ أي مؤشر يوحي بأن المتظاهرين أثاروا أحداث العنف"، هذا فيما أكد صحفيون آخرون وشهود عيان على الحوادث إنهم لم يشهدوا ولم يسمعوا قط عن وقوع أعمال عنف من جانب المتظاهرين.

وقال أحد المتظاهرين إنهم طوردوا من قبل رجال الأمن الذين يرتدون ثياباً مدنية لمنع أي تجمع أو تظاهر هناك على ما يبدو؛ وانقضوا على الناس في مجموعات صغيرة. وورد أن الناشط النقابي كمال عباس، مدير "مركز الخدمات النقابية والعمالية" في حلوان، كان من بين المتظاهرين الذين أصيبوا بجروح بالغة؛ وقال بهجت إن الفحص الطبي والإشعاعي الذي أجري لعباس بمستشفى القصر العيني أظهر إصابته بكسور متعددة في الضلوع، فضلا عن نقل الصحفي شعبان عبد الرحيم الضبع إلى المستشفى مصاباً بجروح نجمت عن هذا الأحداث. من جانبه تحدث حسام بهجت، المدير التنفيذي "للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية" وهي منظمة تتخذ مقرها في القاهرة، عن عدد من اعتداءات الشرطة والتي رويت له من بعض الذين اعتُقلوا ثم أخلي سبيلهم مساء السبت.