خلف خلف من رام الله: تعمل إسرائيل جاهدة على تهجير سكان مدينة القدس وذلك قتلا لحلم الدولة الفلسطينية، وحذرت أوساط فلسطينية من استمرار المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد مدينة القدس وتقطيع أوصالها وإفراغها من سكانها بهدف قتل مستقبل إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وحسبما أفاد المهندس وليد محمد عوض -عضو لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات سلوان/ الضاحية الجنوبية لمدينة القدس فإن المواطن الفلسطيني في القدس أصبح يشعر حاليا وبحق انه أصبح في مقدمة جبهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لان استهدافه في مدينته بات أولوية إسرائيلية.
ومن التعقيدات التي تلوث إسرائيل بها حياة المقدسيين، عدم إعطائهم تصاريح بناء، وبعد بناء جدار الفصل العنصري بات عشرات الآلاف من السكان مهددين بعزلهم وفصلهم عن مسقط رأسهم، كما أن منازلهم وأراضيهم مهددة بالهدم والمصادرة، والآلاف منهم مفروضة عليهم الغرامات بعشرات الملايين من الشواقل لأسباب عديدة وحجج مختلفة منها غرامات تفرض على المواطنين المقدسيين لصالح التلفزيون الإسرائيلي، كذلك غرامات باهظة تفرضها السلطات الإسرائيلية على المقدسيين من بينها تلك التي تفرض على السائقين والذين تتربص بهم شرطة إسرائيل باستمرار وفي كل مكان حول وداخل مدينة القدس.
وحسبما بين المهندس عوض فإن المخطط الهيكلي (الماستر بلان)- الذي وضعه "أوري شتريت" مهندس بلدية القدس المعين في هذا المنصب من قبل إيهود أولمرت نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي وحليف شارون المفضل- صمم ووضع لغرض وهدف واحد: التخلص من أكبر عدد ممكن من سكان القدس العرب الفلسطينيين، والاستيلاء على اكبر مساحة ممكنة من الأراضي".
وتابع "ليس هذا فقط، فالمخطط الإسرائيلي الذي سيقسم الضفة الغربية إلى كانتونات يطبق أيضا مثله في القدس العربية ليتم تقسيمها الأخرى إلى مناطق يصعب التواصل بينها، حيث تضع إسرائيل شرطتها على المفاصل بين الأحياء في كل الأوقات، بحيث تمنع حركة المواصلات بين حي وآخر وخصوصا في محيط البلدة القديمة والذي يشمل المنطقة ما بين "وادي الجوز" وسفح جبل الطور ومنطقة "الجثمانية" في منطقة رأس العامود وأحياء سلوان والثوري والمكبر، وهكذا هو الحال في باقي أحياء المدينة".
وتابع قائلا "ليس غريبا أن يضع المخططون الإستراتيجيون في إسرائيل استهداف المواطن المقدسي في فلسطين هذه الأيام نصب أعينهم، فالهجمة العنيفة عليه ليست محض صدفة، بل هي استراتيجية وضعت من أعلى المستويات في إسرائيل، حيث يعلم هؤلاء أن صمود القدس كمدينة عربية إسلامية هو من صمود أهلها ومواطنيها المقدسيين، وأنه إذا ما تزعزع صمود أهل القدس ومواطنيها كأفراد ومجموعات تزعزع صمود القدس كرقعة جغرافية وتاريخية، ولأن الذين يسكنون القدس (أهلها وأصحابها) هم الذين يصنعون حاضرها ومستقبلها ويحافظون على تاريخها العربي والإسلامي، وأنهم أيضا القادرون على إفشال مخطط تهويد القدس والمحافظة على أمل الأمة، بل على كبريائها وكرامتها، ولذلك حجم الهجمة الإسرائيلية الحالية المريعة على القدس وأبنائها".
وكان مهندس بلدية القدس اوري شتريت في مقابلته مع صحيفة "الجروزاليم بوست" بتاريخ 19 آب (أغسطس )2005، أوضح أن هدف رئيسيه اولمرت وشارون يقضي ببناء 150 ألف وحدة استيطانية لليهود في القدس حتى العام 2020 ميلادية، من ناحية فان هذا المخطط قد بدأ منذ زمن، حيث نشر في إحدى الصحف المحلية في 13-8-1999 أوامر مصادرة ما لا يقل عن ألفي دونم في منطقة جبل المكبر في القدس العربية.
وكشف عوض عن أن حركة "العاد" الاستيطانية تقوم حاليا ببناء مستعمرة تحتوي على مئات الوحدات الاستيطانية وفندق ومعبد كنسي يهودي على سفوح جبل المكبر الشرقية والشمالية المشرفة على بلدة سلوان، كما تحاول "العاد" ربط هذه المستعمرة مع منطقة وادي حلوه التي وصفها شتريت (مهندس بلدية القدس) بـ"الحديقة الأثرية" التي ينوي شتريت إنشاءها على أنقاض أحياء وادي حلوة والبستان في بلدة سلوان.
واشار عوض إلى أنه خلال الأسبوعين الماضيين تناقلت الصحف الإسرائيلية نبأ بناء 3500 وحدة استيطانية في منطقة E1 الواقعة ما بين مستعمرة "معاليه أدوميم" وبين مدينة القدس، والسبت الماضي نشرت الصحف الفلسطينية نبأ بناء 500 وحدة سكنية إضافية في مستوطنة جبل أبو غنيم المقامة على أراضي أم طوبا، صور باهر وبيت ساحور جنوب القدس.
ويتابع المهندس عوض قائلا "هكذا وبالتدريج ينفذ شتريت مخططه كما وضعه في "الماستر بلان" بطلب من شارون وأولمرت، وأضاف: "لا نستطيع القول إلا أن وضعنا في القدس أصبح ميئوسا منه، وأننا ربما نحارب في جبهة محسومة نتائجها، معتمدين في استنتاجاتهم على منطق الأمر الواقع والغطرسة الإسرائيلية التي تنتهجها حكومة شارون وحكومات إسرائيل الأخرى التي سبقتها. ولكن الأمر ليس هكذا تماما".
واستدرك: "لم يغفل المخطط الإسرائيلي حقيقة وطبيعة وماهية المواطن المقدسي الذي تعتبره إسرائيل وبحق العنصر الأساسي الذي يمكنه إفشال مخططات إسرائيل لتهويد القدس. ولهذا فقد وضعت الخطط لكسره معنويا وماليا وسخرت آليات مختلفة ابتداء من الغرامات وعقوبات السجن والمضايقات اليومية المستمرة واستفزازات المستوطنين وأوامر الهدم والمصادرة للنيل منه، إضافة إلى أنها سخرت جهازها القضائي ومحاكمها التي هي جزء مكمل لمؤسسة الاحتلال الرامية الى تهويد القدس لخنق المواطن المقدسي وإجباره على ترك مدينته (وكل ذلك بالقانون!!!). (ملفات المقدسيين- غرامات، سجن وأوامر هدم ومصادرة لدى المحاكم الإسرائيلية وصلت إلى الآلاف، ونادرا ما تكون النتيجة لصالح المواطن الفلسطيني)
وذكر عوض عددا من عوامل تعزيز صمود المواطن والبناء في القدس، ومنها: توفير منح فورية لكل من يبدأ التحضير لمشروع بناء لأهل بيته وتوفير قروض بنكية طويلة الأجل تغطي 90% من تكلفة المبنى لكل مواطن مقدسي حين يشرع في البناء وتوفير منح مالية مناسبة لكل مواطن ليصلح ويسيج ويزرع أرضه للمحافظة عليها ودرء خطر الاستيطان عنها، وكذلك توفير المساعدة المالية للمرضى والعاطلين عن العمل المفروضة عليهم غرامات مالية باهظة، بالإضافة توفير المساعدات المالية لكل من يرفع دعاوى قانونية ضد قرارات الهدم الصادرة عن بلدية القدس وضد حركات الاستيطان اليهودية التي تستولي على الأراضي والعقارات بطرق التحايل والتهديد والترغيب المختلفة، وتوفير المساعدات المالية لعمل المخططات الهيكلية المناطقية والمحلية ولاستصدار رخص البناء.، وتوفير المساعدات المالية لترميم البيوت وتصليح أراضي القدس المشاع، تخطيطها، تسييجها وزراعتها، كما أن دفع مخصصات شهرية بقيمة 250 شيقلا (الدولار= 4.6 شيقلات) لكل عائلة فلسطينية عن كل ابن أو بنت تحت سن 18 عاما وتوفير منحة ولادة بقيمة 5 آلاف شيقل لكل أم تضع مولودها في القدس، وتوفير المساعدات المالية لتقديم منح دراسية لطلبة الدراسات العليا يمكن أن يساعدا في تعزيز صمود المقدسيين.
وختم حديثه قائلا: لذلك، فان أي مراقب لما يحصل على ارض الواقع يجد أن كسر المواطن المقدسي ليس بالأمر السهل أو الهين، فالصبر والتصدي والمقارعة والبناء والعمل والاستبسال في الدفاع عن الأرض أصبحت أمورا يومية روتينية تقع في صلب كيان هذا المواطن الذي يتعامل معها كحقائق وكجزء من حياته وضريبة يدفعها للحفاظ على هويته وهوية مدينته العربية الإسلامية الفلسطينية، وصولا إلى إفشال مخطط إسرائيل لتهويد مدينة القدس".