اندريه مهاوج من باريس : استبقت الحكومة الفرنسية انتهاء مهلة العمل بقانون فرض حال الطوارئ سبعة اسابيع فاعلنت عن وقف هذا الاجراء الاستثنائي الذي لجأت اليه بعد اندلاع احداث العنف في الضواحي .القرار الذي يبدأ العمل به يوم الاربعاء جاء تكريسا للاتفاق الذي تم امس بين رئيس الجمهورية جاك شيراك ورئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان حول رفع حال الطوارئ بعدما استتبت الاوضاع وعادت الامور الى طبيعتها تقريبا . فالناطق باسم الحكومة جان فرنسوا كوبيه اعترف بعدم حل الازمة كليا اذ قال بعد اجتماع الوزراء ان الوضع غير مرض بالكامل وتشهد على ذلك الاحداث التي رافقت احتفالات نهاية السنة حيث تم احراق اكثر من 425 سيارة .

واذا كان كوبيه حاول بالمقابل طمانة الراي العام بقوله ان الاوضاع اصبحت مستقرة بدرجة كبيرة فان بيان الحكومة برر قرار رفع حال الطوارئ بالقول ان الظروف التي فرضت اللجوء الى هذا التدبير قد زالت الى حد كبير.

دو فيلبان الذي برر في السابع من تشرين الثاني نوفمبر فرض حال الطوارئ بالظروف الخطرة السائدة في البلاد اعطى حكام المحافظات والاقاليم صلاحية منع التجول ومنع بيع المحروقات بغالونات للقاصرين الذين كانوا المشاركين الاساسيين باعمال العنف والشغب التي شهدتها الضواحي على مدى ثلاثة اسابيع . علما ان السلطات اعترفت بعدم وجود شبكات منظمة او متطرفة وراء هذه الاعمال التي اجمع السياسيون والمحللون على اعتبارها يمثابة التعبير عن نقمة ابناء الضواحي على اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية من جراء فشل النموذج الفرنسي لسياسة دمج المهاجرين .
الوزير المكلف شؤون تكافوء الفرص عزوز بغاغ عبر عن حجم المهمة المقبلة للحكومة فقال :quot; ان كلمة تنوع وتكافوء الفرص اصبحت الان على لسان كل رجال السياسة . وهذا امر جيد افتخر به . انا مسرور جدا لانني اسهمت بذلك وباعطاء كلمة الدمج معناها الحقيقي في التعامل مع المهاجرين الى هذا البلد .

ان الملايين من ابناء المهاجرين في فرنسا اصبحوا الان يعاملون على قدم المساواة مع الفرنسيين المولودين هنا وبالتالي فانهم دخلوا في ديناميكية تسمح لهم بالحصول على الفرص نفسها كباقي الفرنسيين .quot;

ومهما يكن فان الحكومة مددت حال الطوارئ في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي لمدة ثلاثة اشهر لتغطي احتفالات السنة الجديدة التي تشهد عادة وفي كل سنة اعمال عنف ونهب واحراق سيارات وقد بلغ عدد هذه السيارات في نهاية عام 2004 ثلاثمئة سيارة محروقة . كذلك فان الحكومة استفادت من حال الطوارئ لتشديد الاجراءات الامنية وملاحقة المشتبه بانتمائهم الى منظمات ارهابية او متطرفة ، بعدما كان رئيس الحكومة حذر مرارا من وجود شبكات ناشطة في فرنسا وقال وزير الداخلية ان فرنسا لم تعد مجرد بلد مهدد بالارهاب بل انها تصدر الانتحاريين الى العراق . وخلال الاسابيع الثلاثة الماضية تم توقيف اكثر من عشرين شخصا وضبطت كميات من السلاح والاوراق الثبوتية المزورة.

انهاء حال الطوارئ لا يعني انهاء مشكلة ابناء الضواحي . وحكومة دو فيلبان التي نجحت في فرض التهدئة مرحليا تواجه الان تحدي ردم الهوة بين شرائج المجتمع الفرنسي . وكلمة السر لناجها تكمن في تحقيق العدالة الاجتماعية .