بيروت :اثار الخبر الذي نشرته صحيفة السفير اللبناني اول من امس حفيظة السفير الاميركي في لبنان جيفري فيلتمان والسفارة فأتى الرد عنيفا خارجا عن الاصول المتعارف عليها في التعامل بين سفاردة دولة اجنبية ومؤسسة اعلامية كبرى. وكانت السفير قد نشرت في عددها الصادر في 17 يناير 2006 الخبر التالي :quot; كشفت مراجع عليا لـquot;السفيرquot; ان السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان تحدث مؤخرا امام اكثر من شخصية رفيعة لبنانية عن الوضع الحكومي قائلا انه quot;آن الاوان للتخلص من حزب الله وقد تفهمنا ظروف المرحلة السابقة ولكن على الحكومة ان تفعل ذلك الان حتى تحظى بدعمنا الكامل وان واشنطن سوف تكون الى جانب الحكومة متى تفعل ذلك. quot;

من جهتها ردت السفارة الاميركية في بيروت بطريقة هجومية متجاهلة الاصول التي تلزمها بضرورة ارسال ردها الى المؤسسة المعنية بالرد وفي حال لم تقم هذه الاخيرة بنشر الرد فيحق للسفارة تعميمها على وسائل الاعلام . لكن السفارة اختصرت الطريق منذ البداية وعممت الخبر على كل وسائل الاعلام .وهذا نص البيان
|السفارة الأميركية تنكر الخبر الوارد في صحيفة السفير في 17 كانون الثاني 2006
بيروت، 17 كانون الثاني 2006 شعرت السفارة الأميركية بالصدمة لدى قراءتها عناوين وتقرير الصفحة الأولى في صحيفة السفير في 17 كانون الثاني 2006. ان الاقتباسات التي أوردتها صحيفة السفير على لسان السفير فلتمان لا اساس لها وعارية تماما عن الصحة. والواقع انها لا تعكس وجهة نظر السفير فلتمان او سياسات الحكومة الأميركية. من الواضح تماما انه من خلال اختراع هذه القصة، أملت جريدة السفير بإثارة توترات إضافية في لبنان في وقت يحتاج الاشخاص الذين يشعرون بالمسؤولية لوسائل تخفض من التوتر. بالإضافة الى هذا، على السفارة الأميركية ان تعتبر هذه الفبركات تهديدا مباشرا لأمن السفير فلتمان بسبب خطر تصديق بعض الناس لهذه القصص عن طريق الخطأ والتصرف بموجبها.
تقدم صحيفة السفير نفسها كصحيفة جدية ولكن الصحف الجدية لا تخترع او تفبرك قصصا وتقارير او تستخدم اقتباسات تأتي عبر وسطاء ومن غير مصادر واضحة. لدى اللبنانيين كل الأسباب لكي يشعروا بالفخر بحرية التعبير وحرية الصحافة التي تزدهر في لبنان. ولكن حرية الصحافة تعني ايضا حاجة الصحافيين لتقديم تقارير مسؤولة ودقيقة. لقد فشلت صحيفة السفير في 17 كانون الثاني 2006 في القيام بواجبها بتقديم الحقيقة للشعب اللبناني.
إن السفارة الأميركية تود ان تكرر بأن السياسة الأميركية تجاه لبنان تسعى لمساعدة اللبنانيين لاستعادة حريتهم وسيادتهم وتعزيز الوحدة والديموقراطية وبناء مستقبل أكثر ازدهارا وأمنا. بينما يسعى الآخرون من خارج لبنان لفرض خياراتهم من السياسيين على لبنان، فإن الولايات المتحدة تؤمن بشدة بأن على اللبنانيين وحدهم أن يختاروا أعضاء حكومتهم. إن سفارة الولايات المتحدة لديها ملء الثقة بأن معظم اللبنانيين يفهمون أن السياسة الأميركية تدعم عملية إعادة وضع اللبنانيين في موقع المسؤولية والقيادة لبلدهم.

وجاء رد السفير امس

يهم السفير التي هالها هذا الخروج الفظ على الاصول الدبلوماسية والاعلامية إلى وهدة التشهير والتجني، ان تسجل بعض الملاحظات المبدئية على بيان السفارة الأميركية، ومنها:
أولاً ان السفارة قد عممت بيانها المكتوب بلهجة عصبية حادة، والمتضمن سيلاً من النعوت التي لا تليق بمن كتبه فضلاً عن المرسل إليه، نستغرب صدورها عن سفارة دولة كبرى، وعن سفير انتدبته إدارته لتعليمنا الديموقراطية ومن ضمنها حرية الرأي والقول... في حين ان الاصول تقضي بإرسال الرد إلى الوسيلة الاعلامية المعنية به، فإن هي امتنعت عن نشره جرى تعميمه.
وهكذا فقد سبق التشهير التوضيح، مع قفز مقصود في البيان عن الموضوع الذي استفز السفير والسفارة، فلم يعرف الناس ما المقصود توضيحه، وأين الخطأ في ما نشرته السفير متصلاً بالموقف من مشاركة lt;lt;حزب اللهgt;gt; في الحكومة والنصحية بأن يتم التخلص منه.
ثانياً من حق السفارة ان ترد على السفير بنفي خبرها (حتى لو كان صحيحاً) أو بطلب التوضيح مع التوكيد على نشره في مكان بارز. هذا حق تكفله، بالمبدأ، أصول المهنة التي نتشرف بالانتماء إليها، وقانون المطبوعات. كما ان من حق السفير ان ترد على الرد مؤكدة صدق خبرها، من دون كشف مصادرها، أو الاعتذار في حال ارتكابها خطأ أو تورطها في ما لا تستطيع إثباته.
ثالثاً لم يحدث ان تضمن بيان بنفي خبر ما، أو معلومة نشرت في أي وسيلة اعلامية، كل هذا التجني والافتراء والتوصيف الخارج على اصول التخاطب بين جهة دبلوماسية ومؤسسة اعلامية كبرى. ومع ان المبالغة في النفي واللجوء إلى التجريح، والقفز من فوق الوقائع المنشورة لا تلغي تلك الوقائع ولا تطمسها بل لعلها تؤكدها، فإن السفير تحتفظ لنفسها بحقها في مقاضاة السفارة والسفير، على كل ما يمس صدقيتها والتزامها بأخلاق المهنة، مهما كان رأيها في شخص هذا المسؤول أو ذاك أو في مواقفه، وسواء أكان لبنانياً أم أجنبياً.
لم تكتف السفارة بنفي الخبر من دون ذكر موضوعه، بل هي اسبغت على السفير وأخبارها توصيفات غير مقبولة، من نوع: لا اساس لها، وعارية عن الصحة، اختراع هذه القصة، الفبركات.. ثم، فشلت السفير في القيام بواجبها بتقديم الحقيقة للشعب اللبناني.
ومع اننا لا نعرف من أناب السفارة (والسفير) عن الشعب اللبناني، ومن جعلها (وجعله) حارس الحقيقة، فإن تكديس هذه الاتهامات إنما يؤكد ان الخبر قد فضح بعض نهج السفارة في التعامل مع الأزمة في لبنان، ودورها في تغذيتها بما يفاقم من خطورتها.
رابعاً الاخطر من هذا كله ان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان يحمّلنا، نحن أهل الصحافة المهددين في حياتنا، وفي السفير كما في العديد من المؤسسات الاعلامية، مسؤولية أي تهديد مباشر لأمنه بسبب خطر تصديق بعض الناس لهذه القصص عن طريق الخطأ (لم نعرف أية قصة وأين الخطأ فيها)..
من باب تعزيز معلومات السفارة والسفير، وليس من باب التباهي أو ادعاء شجاعة اسطورية، لا بد من التذكير بأن السفير كمؤسسة، وكعاملين في مختلف مجالات إنتاجها وقد أعطوها عرق الجبين ونتاج سهرهم، طالما كانت ضحية اعتداءات متكررة: إذ نسفت مطابعها، وأطلقت الصواريخ على مبناها مراراً، وزرعت العبوات عند مدخلها، وجرت محاولة لاغتيال ناشرها نجا منها بأعجوبة وإن ظلت أوسمتها على وجهه، بعد محاولات عدة لنسف بيته وعائلته فيه.
ان مثل هذه المؤسسة العريقة التي صمدت للاعتداءات المتكررة، هي بطبيعتها ضد السلاح (إلا حيثما يفرض الشرف الوطني حمله)، وضد ان يستخدم التهديد ضد أي مختلف بالرأي، ومن قبل ومن بعد ضد توجيه التهديد لأي كان، وضد الاعتداء على أي كان، فكيف إذا كان المقصود أو المستهدف بالاعتداء سفيراً لدولة كبرى، نحترم وجوده بيننا ونعتبر حمايته واجباً وطنياً، بغض النظر عن رأينا في ما يقوله أو في سياسة إدارته، حتى لو تبدّت معادية لطموحاتنا الوطنية في الوحدة والحرية والاستقلال الحقيقي المعززة بانتمائنا العربي.
على هذا فلن يمنع التجني السفيرمن القول انها تتمنى للسفير جيفري فيلتمان ولموظفي سفارته جميعاً، كما لجميع السفراء والسفارات، ما تتمناه لشعب لبنان عموماً من الصحة والسلامة.
ومواقف السفير، بشعاراتها المبدئية وبممارستها المهنية على امتداد 32 سنة، تتجاوز بصدقيتها وموضوعيتها أي تجنّ وأية اتهامات عصبية تؤكد أكثر من الوقائع نفسها ان السفير فيلتمان قد تورط في ما لا يرغب ان ينكشف لأن انكشافه يجعله في ورطة كالتي يجد نفسه فيها الآن.
ختاماً، نتوجه إلى السفير فيلتمان بأن يكون أكثر حذراً في لقاءاته مع أصدقائه المقربين، لا سيما من يطالبه ودولته بالمزيد من التدخل (ولو بالاحتلال) سواء في لبنان أو في اقطار عربية أخرى (على غرار إنجازها الفريد في العراق ببناء الديموقراطية بالاحتلال العسكري ودماء عشرات الألوف من ضحايا الفتن المنظمة تحت لوائه).
ننصحه بأن يلزم الحذر في اطلاق آرائه، سواء مع الذين يزورونه شاكرين في مقره في عوكر، أو الذين يزورهم داعماً ومشجعاً في مقراتهم الجبلية والساحلية ويكرز أمامهم تعليماته للسلطة (وكيف وممن يجب ان تكون) وللشعب في هذا الوطن الصغير ليتمكن اللبنانيون وحدهم من ان يختاروا حكوماتهم.
والسفير ما نشرت ما نشرته إلا من أجل تحقيق هذا الهدف الذي نشكر السفير فيلتمان على تبنيه.. بدليل أنه يكرز يوميا نصائحه وتعليماته على المسؤولين وعلى الشعب سعياً إلى مثل هذا الانجاز الذي قد يرى سعادته وهذا من حقه ان التخلص من حزب الله هو المدخل إلى تحقيقه.

وتوالت ردود الفعل المستنكرة على الهجوم الفظ للسفير الاميركي على صحيفة لبنانية عريقة .
فاعتبر رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله، ان البيان الصادر عن السفارة الاميركية ضد جريدة السفيريشكل سابقة خطيرة في تهديد وسائل الاعلام اللبنانية وممارسة الضغوط عليها للحد من حريتها الاعلامية التي كفلها الدستور والقوانين في لبنان.
وقال فضل الله في بيان له امس ان اتهام صحيفة لبنانية عريقة من سفارة دولة اجنبية بإثارة توترات وتهديد امن السفير، وفبركة أخبار، والفشل بتقديم الحقيقة الى الشعب اللبناني، هو فضلا عن كونه خروجا عن الاصول الديبلوماسية، تدخل مكشوف للتأثير على حرية الاعلام اللبناني ومنعه من ممارسة حقه الطبيعي في نقل الوقائع ونشر الحقائق وكشف ما يتعرض له بلدنا من تدخلات اجنبية، وأشار الى ان القوانين اللبنانية كفلت حق الرد والتوضيح وليس التهديد والتهجم ومحاولة فرض الوصاية الاعلامية، كإحدى مفردات الوصاية التي تحاول الادارة الاميركية فرضها على الشعب اللبناني. وختم مذكرا السفارة الاميركية أن حرية التعبير والنشر والصحافة في لبنان من الحقوق غير القابلة للخضوع لأي املاءات او ضغوط سواء كانت داخلية او خارجية وان ديموقراطيتنا الوطنية اكثر رحابة في تقبل الرأي وصون حرية التعبير من ديموقراطية السفارة وإدارتها التي أعطت اللبنانيين نموذجا فجا عما تريد فرضه عليهم.
وأعربت وحدة العلاقات الإعلامية في حزب الله عن تضامنها مع السفير وإدانتها للتعرض الفظ من قبل السفارة الاميركية لهذه المؤسسة الإعلامية الكريمة وتاريخها النضالي الطويل في صون الحريات العامة من خلال مساحة التنوع والتعدد في الآراء التي تميزت بها في مسيرتها المهنية. وقال بيان الاعلام المركزي في الحزب ان بيان السفارة الاميركية lt;lt;الذي خرج عن أصول الرد والتوضيح لمعلومات كشفت عنها الصحيفة، يؤكد من ألفه إلى يائه طبيعة التدخل الأميركي السافر بكل الشؤون اللبنانية الداخلية من السياسة الى الاقتصاد مروراً بالتربية ووصولاً الى الإعلام حيث يبدو أن الغاية من البيان ممارسة سياسة الترهيب بحق الإعلام الحر في لبنان من أجل القبض على الحريات وخنق مساحات التعبير المتبقية لدى الشعب اللبناني.
وإذ سألت العلاقات الاعلامية في حزب الله عن الجهة التي نصبت السفارة الاميركية قيمة على اللبنانيين في توجهاتهم؟ اكدت أنّ اللبنانيين جميعا lt;lt;غير خافٍ عليهم حقيقة أن الاميركيين هم أسياد الاختلاق والتشويه وتزوير الحقائق، التي كان من نتيجتها عدد من الحروب التي آذت الانسانية جمعاء من أجل مصالح الولايات المتحدة وأطماعهاgt;gt;. واستنكر رئيس مركز بيروت الوطن للتنمية الحضرية الدكتور زهير الخطيب بيان السفارة الاميركية متسائلا: هل تخطط الادارة الاميركية لقصف السفيرgt;gt; بعد الكشف مؤخرا عن نيتها قصف الجزيرة؟


ونشرت اليوم السفير مقالا للرئيس السابق للحكومة سليم الحص يستنكر فيه ما حصل


لست في وارد التدخل في السجال بينكم وبين جريدة lt;lt;السفير. فالصحيفة كفيلة بنفسها. ولكن ما قرأت في ردكم حفزني على إبداء بضع ملاحظات:
إن بلدكم العظيم ديموقراطي في الداخل واستبدادي في الخارج. تمارسون الحرية والديموقراطية على اوسع نطاق داخل اميركا، وتملون على الشعوب الأضعف في الخارج ما تشاؤون. إنكم تتدخلون في شؤون لبنان الداخلية. ألم تُملوا علينا موعداً محدداً للانتخابات النيابية وفرضتم علينا الأخذ بقانون انتخابات العام 2000 على الرغم من شبه اجماع بين اللبنانيين آنذاك على رفضه.
ثم إنكم تسخّرون الشرعية الدولية على هواكم، تنفيذاً لمآربكم الخارجية. والقرار 1559 مثال على ذلك. هل جشّمتم أنفسكم مؤونة استطلاع رأي اللبنانيين في هذا القرار قبل استصداره؟ ألم يكن هذا القرار، الذي كان من صنع ايديكم، إملاء على اللبنانيين ضد ارادتهم؟ لا بل ظهر بما لا يقبل الشك انه مشروع فتنة تراد للبنان بين أهله. أين هي الفتنة من قيم الحرية والديموقراطية التي تأخذون بها؟
ثم إن دبلوماسيتكم، كديموقراطيتكم، انتقائية. إنكم تختارون من يحلو لكم الاستماع إليهم، وتقاطعون من لا يطيب لكم الاستماع إليهم. وأنا، مثلاً، من الذين تقاطعون منذ أمد طويل، فيما تسرفون على لقاء من يشنّف آذانكم. وعندما يأتي موفَدون من بلدكم، وكان آخرهم السيد وولش، يلتقون مع اطراف دون اطراف آخرين. هل هذا من الحرية او الديموقراطية او العدالة في شيء؟ أليس من صلب الديموقراطية الاستماع الى الرأي الآخر واحترامه؟
ثارت ثائرتكم على حديث صحيفة عن رغبة مزعومة منكم في التخلص من حزب الله. بصرف النظر عن صحة ما نسب إليكم او عدم صحته، فالكل يعلم في لبنان علم اليقين انكم لا تكنون اية مودة لهذا الحزب وتطالبون بلا هوادة بتجريده من السلاح. نحن ايضا نريد التخلص من اي سلاح في بلادنا، بما في ذلك سلاح حزب الله. وننصحكم بأن السبيل الى ذلك يكون عبر اهداء انتصار لحزب الله. لن يكون في لبنان من يحبذ احتفاظ حزب الله بالسلاح بعد تحرير مزارع شبعا، وبعد وقف كل الاعتداءات الجوية والبحرية على لبنان، وتحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية. حققوا كل هذه المطالب المشروعة يسقطِ السلاح من يد حزب الله. بمعنى آخر، أمّنوا الانتصار لحزب الله بتحقيق مطالبه تتخلصوا من سلاحه.
إنكم تأخذون الكلام الذي أدلي به في هذا الصدد على محمل المناهضة لأميركا Anti- Americanism. هذا غير صحيح على الاطلاق. إنني من المتخرجين من الجامعات الاميركية ومتشرب بالثقافة الاميركية في وجهها الأبهى. لا بل إنني ازعم، على نقيض ما يقال، انني من المجارين للاميركان في رأيهم. فإذا كانت استطلاعات الرأي في اميركا هذه الايام تظهر ان اكثر من 60 في المئة من الرأي العام الاميركي يعارض سياسة الادارة الاميركية في العراق خصوصاً، وفي الشرق الأوسط عموماً، فإنني اجد نفسي الى جانب اكثرية الاميركان في رأيهم. فهل هذا يعني المناهضة لاميركا؟
إننا نتهم الادارة الاميركية بازدواج المعايير في سياستها الخارجية. تحت لافتة مكافحة الإرهاب ترتكب الفظائع، لا بل تمارس ابشع ألوان الإرهاب. الإرهاب لا يُكافَح بأبشع منه. القتلى في العراق وافغانستان اصبحوا مجرد إحصاء يومي، ولا تفريق في عمليات القتل التي ترتكبها القوات الاميركية بين مسلح واعزل، بين رجل وطفل وامرأة. أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟ أليس الإرهاب هو قتل الأبرياء العزل في خدمة اغراض سياسية او غير سياسية؟ ماذا فعلتم في الفلوجة وشوارع بغداد وسائر المدن والقرى العراقية؟ ماذا فعلتم وتفعلون في سجني ابو غريب وغوانتنامو وسواهما؟
يبدو لنا ان الإرهاب في المفهوم الاميركي مجرد وجهة نظر: إذا مارس العنف لبناني او فلسطيني او عراقي فهو إرهابي. وإذا مارسه الإسرائيلي، ولو على ارض سواه التي يغتصبها، فهو من باب الدفاع عن النفس. وإذا مارسه الاميركي فهو من باب خدمة الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان. يا للمفارقة!
ومن ازدواج المعايير في السياسة الاميركية حديث مسؤولين اميركيين عما يسمونه lt;lt;فوضى بناءة او خلاّقةgt;gt;. بالله عليكم، كيف تكون الفوضى بناءة او خلاقة؟ أليست الفوضى الهوجاء ما تنفذون في العراق على حساب كل القيم الإنسانية؟ واخشى ما نخشاه ان يكون لبنان هو المسرح المقبل لمثل هذه الفوضى، والعياذ بالله. اللبنانيون، بوعيهم، يجب ان يكونوا كفلاء بإحباط مثل هذه المحاولة.