انشقاق بالحزبين اللذين نافسا مبارك في الانتخابات
أزمة quot;الوفدquot; مرشحة للتكرار في كل أحزاب مصر
نبيل شرف الدين من القاهرة : ألقت الأحداث المتلاحقة والانقسامات الحادة التي ضربت حزب quot;الوفدquot; بظلالها على بقية أحزاب المعارضة المصرية القديمة، خاصة التجمع والناصري، حيث ينشط تيار في الحزبين لمواجهة القيادات التاريخية في كلا الحزبين، ولم يكن ذلك نتيجة مباشرة للإخفاق الذريع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي كشفت انحسار تأثير quot;التجمعquot; وquot;الناصريquot; في الشارع ومن بين أبرز هذه التشكيلات الجديدة داخل الأحزاب مجموعة quot;شباب الناصريينquot;، وquot;حركة الـ66quot;، وquot;شباب التجمعquot;، وquot;شباب من اجل التغييرquot;، وquot;حركة الوفديين الأحرارquot;، وquot;بيت الأمةquot;، وغيرها من الكيانات المنبثقة من الأحزاب الثلاثة الأهم والأقدم على الساحة السياسية المصرية .
وبمجرد انتهاء الانتخابات شقت الخلافات والانقسامات اثنين من أحزاب rlm;rlm;المعارضة، وهما حزبا (الوفد) و(الغد) بعد أن خاضا الانتخابات الرئاسية حيث حصل مرشح quot;الغدquot; أيمن نور في هذه الانتخابات التي اكتسحها الرئيس مبارك على الترتيب الثاني، في ما جاء مرشح الوفد نعمان جمعة في المركز الثالث .
الوفد والغد
ولعلها ليست مصادفة أن تضرب الانشقاقات هذين الحزبين (الوفد والغد)، بينما لم تكن تستدعي أحوال بقية الأحزاب الصغيرة الأخرى (أحزاب الأنابيب)، التي خاض رؤساؤها انتخابات الرئاسة، اللجوء إلى اتخاذ أي إجراءات لمحاصرتها، فأي ضربة قد توجه إلى تلك الأحزاب يمكن أن تفيدها أكثر مما تشكل خطراً عليها، ذلك لأن هذه الأحزاب ليس لديها ما تخسره بالأساس، فهي لا تتمتع بأي شعبية لدرجة تكاد تنحصر عضوية بعضها في أسر وعائلات وأصهار قادة الحزب، كما لم يخف بعض قادة تلك الأحزاب أنهم خاضوا الانتخابات الرئاسية لمجرد الترويج لأنفسهم وأحزابهم، وليس للمنافسة، أما ما لم يقولوه وتندرت عليه الصحافة المحلية فهو أنهم خاضوا الانتخابات، وعيونهم على مبلغ نصف المليون جنيه، الذي منح لكل منافس خاض الانتخابات الرئاسية للنفقات الدعائية .
ويرى د. محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية quot;أنه من الطبيعي أن تشهد الأحزاب السياسية الخاسرة في الانتخابات نوعا من الشقاق وان كان لا أحد ينكر أن حزب quot;الغدquot; نتيجة ظروف معينة قد rlm;استفاد من الانتخابات الأخيرة في البروز السياسي، ورأى أن المفاجأة كانت في تقدم quot;الغدquot; كحزب حديث للغاية على حزب الوفد صاحب rlm;التاريخ الطويل والخبرة العريضة الأمر الذي جعل هذه الخسارة بالنسبة للوفد ظاهرة rlm;لابد أن تدرس بعناية .
وواجه حزب quot;الوفدquot;، الذي يعد أعرق حزب مصري إذ كان أكبر حزب حاكم قبل حركة الضباط عام 1952 وعاد كأكبر حزب معارض منذ العام 1978، ما يمكن وصفه بحالة quot;إحباط سياسيquot; بسبب ما اعتبره الإصلاحيون في الحزب هزيمة مدوية للحزب في الانتخابات الرئاسية في ضوء تقدم رئيس حزب أسس حديثاً، ولا يملك الرصيد rlm;نفسه في الشارع السياسي المصري، وهو رئيس حزب quot;الغدquot;، أيمن نور المحبوس حالياً بعد أن أدانته محكمة مصرية بتهمة تزوير مستندات تأسيس الحزب .
rlm;
التجمع والناصري
وعودة إلى جناح اليسار في المشهد السياسي المصري، ممثلاً في حزبي quot;التجمعquot; اليساري، وquot;الناصريquot; القومي، ليكتشف عدة حقائق أبرزها أنه رغم كل الأفكار والمبادئ الاجتماعية التي يقوم عليها الحزبان والداعية إلى دعم الفقراء، والتصدي لسياسات خصخصة المؤسسات الوطنية، غير أن القيادات التاريخية للتجمع والناصري فشلت في جذب الجماهير نحوها، وابتعدت عن الشارع والفقراء لتصبح مجرد quot;مقاه نخبويةquot;، يرتادها مثقفون منعزلون تماماً عن واقعهم الاجتماعي، وتنشب بينهم معارك داخلية طاحنة تكون أحياناً لأسباب شخصية محضة، ويرتمي قادتها في أحضان النظام، ويؤسسون مع قادته علاقات وطيدة .
وربما أدى بقاء الأحزاب الثلاثة الكبرى في المعارضة بعيدة عن حالة الحراك الدائرة في الشارع السياسي، والتي تزداد جذوتها اشتعالا إلى نشوء قوى جديدة داخل أحزاب التجمع والوفد والناصري، حيث تطلب كل منها ضرورة حدوث تغيير شامل في أروقة كل حزب بغرض التخلص من الوجوه القديمة التي تسببت في ما يمكن وصفه بحالة quot;الموت الدماغيquot;، التي أصبحت تتسم بها أحزاب المعارضة الثلاثة الكبرى .
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أنه يوجد حالياً في مصر نحو 22 حزبا سياسيا أغلبها هامشي، وبعضها مجمد إثر انشقاقات قادتها، ونشأت تلك الأحزاب بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات عام 1976 وسميت quot;منابرquot; وكانت ثلاثاً إحداها لليمين والثانية لليسار والثالثة للوسط واختاره السادات لنفسه، وفي العام التالي تحولت هذه المنابر إلى أحزاب سياسية، ثم ارتفع عددها بمرور الوقت، ليصل إلى 18 حزباً كان تأسيس معظمها بموجب أحكام قضائية، وهو الأمر الذي يراه محللون سياسيون في مصر أمراً مثيراً للسخرية والحزن معاً، باعتبار أن حصول هذه الأحزاب على الشرعية لا يعكس بالضرورة امتلاكها أي مؤهلات التأثير الجماهيري الحقيقي، وقدراتها على استقطاب الجماهير ودفعهم إلى الاهتمام بالشأن العام، بقدر ما يعبر عن البراعة القانونية لمحامييهم في إقناع القضاة بأن برامج هذه الأحزاب تتسق مع مقتضيات الدستور والقانون، وتختلف عن برامج الأحزاب الأخرى القائمة بالفعل في الشارع السياسي المصري .
التعليقات