إيلاف : في مقالته في صحيفة بوست غازيت قال الكاتب الصحافي جاك كيلي إن الأميركيين صوتوا في الانتخابات النصفية بكثرة لأنهم سئموا الحرب في العراق، ولكن كما قال ليون تروتسكي: quot;إنكم قد لا تكونون مهتمين [بالحرب]، ولكن [الحرب] مهتمة بكم.quot;

إحدى أكبر المشكلات في العراق هي أننا نظن أن مشكلتنا هي العراق، ولكنها أكبر من ذلك بكثير.

إننا نخوض حرباً مع التطرف الإسلامي، وهي حرباً ليست مقيدة على الإطلاق بحدود العراق. يعتقد كثيرون في الحزب الديمقراطي أنه بإمكاننا إنهاء الحرب في العراق بأقل التكاليف كما فعلنا في فيتنام منذ 30 عاماً. ولكن هذه الحرب ستلحق بنا إلى ديارنا.

يكرهنا أعداؤنا لأننا لا نشبههم، وسيستمرون في محاولات قتلنا حتى نصبح مثلهم، سواء كنا في العراق أو في بلدٍ غيره. إنهم عدو لا يمكن استرضاؤه، فإما أن ندمرهم أو نتركهم يدمروننا. ليس من خيارٍ آخر.

وبعد أن نفذت القاعدة هجمات 11/9 أصبح جلياً أن أشد أعدائنا خطراً هم المتطرفون الإسلاميون الذين يتحكمون بالدولة القومية، حيث بإمكانهم أن يصلوا إلى الموارد التي لا تحلم بها سوى الجماعات الإرهابية.

فلنتذكر لماذا ذهبنا إلى العراق في المقام الأول؛ كان صدام حسين يحاول الحصول على أسلحة الدمار الشامل، كما أنه قدم الحماية والرعاية لجماعاتٍ إرهابية.

لم يعد صدام حسين الآن في موقع السلطة. ومهما يحصل لنا من أسوأ الأمور في العراق، فإن ذلك يعد ذخراً لنا. والآن وبعد أن رحل صدام، أصبح أكثر الأعداء الذين نواجههم خطراً رؤساء إيران وسوريا.

تدل التطورات الحالية في المنطقة على حماقة محاولة معالجة الأحداث في العراق بمعزلٍ عن دول الجوار. فالأمور تبدو مشبوهة في العراق، ليس لأن القاعدة والتمرد السني ازداد قوة، بل على العكس. إن الخطر العظيم الذي يهدد استقرار العراق تفرضه الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران ndash; وبصورة أساسية جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ndash; وافتقار حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى القدرة أو إلى الإرادة لنزع أسلحتهم. وبكلماتٍ أخرى، فإن العدو الأكبر في العراق هو إيران.

اعتبر أعداؤنا أن انتصار الديمقراطيين في الانتخابات النصفية نصر لهم، وبدأوا يتحركون لتعزيز مكاسبهم.

وأضاف الكاتب أنه في يوم الثلاثاء اغتيل بيار الجميل رجل السياسة المسيحي المعادي لسوريا؛ واشتبه الكثيرون في تورط سوريا، كما كان كذلك في مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري المسلم السني في فبراير 2005، وفي اغتيال محرر صحيفة النهار جبران تويني في ديسمبر 2005.

عمّق مقتل الجميل حجم الأزمة في لبنان التي افتعلها حزب الله حينما أمر الأحد الماضي أتباعه بإحداث انقلاب على الحكومة المنتخبة ديمقراطياً بقيادة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة. وكان حسن نصر الله قد طالب بتشكيل quot;حكومة وحدة وطنيةquot; تعطي لحزب الله حق نقض قرارات الحكومة، مع أن حزب الله يمتلك 14 مقعداً فقط من مقاعد البرلمان اللبناني البالغ عددها 128 مقعداً.

وفي نهاية الأسبوع الحالي دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى اجتماع قمة في طهران مع الرئيسين السوري والعراقي لبحث quot;الأمن في المنطقةquot;. لن يكون هذا الاجتماع، حسب رأي الكاتب، اجتماع نظراء. إذ لا يبحث أحمدي نجاد عن تبادلٍ في الآراء, لكنه ينوي إملاء شروطه.

وأنا أظن أن الدافع الأكبر لعقد هذه القمة كانت التقارير التي ذكرت أن مجموعة بحث الوضع في العراق التي يرأسها وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والجمهوري السابق لي هاملتون ستوصي بمؤتمرٍ إقليمي لبحث الوضع في العراق إثر نتائج الانتخابات النصفية.

غالباً ما يوصف بيكر وهاملتون بأنهما quot;واقعيانquot; في السياسة الخارجية، الوصف الذي لا أراه ينطبق على أشخاص يظنون أن إيران وسوريا ستساهمان في نشر سلامٍ من شأنه أن يعود بالنفععلى الولايات المتحدة أو على القوى الديمقراطية في العراق.

تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن حزب الله حصل على صواريخ من إيران أكثر مما حصلت عليه قبل حربها مع إسرائيل الصيف الماضي. وتنذر تحركات حزب الله (أي إيران) في لبنان بحدوث موجة عنف أخرى, وهي موجة ستتفجر في المنطقة إذا أعطينا أعداءنا سبباً يعتبروننا به نموراً من الورق.
ترجمة سامية المصري