إيلاف : جاءت توصيات مجموعة البحث في أوضاع العراق متعجرفة متهورة بشكلٍ يخطف الأنفاس، مع أنه ليس مزعجاً القول أن العراق لديه حكومة وطنية منتخبة تعمل وفق دستور أقره استفتاء شعبي عام. يضيف روبرت روب الكاتب في صحيفة أريزونا ريبَبلِك أن هذا التقرير يريد من الولايات المتحدة علناً أن تتخذ القرارات في المواضع الحساسة من تقسيم العراقيين حسب دياناتهم وأعراقهم، وأن تحاول فرض قراراتها عليهم. وحسب المجموعة، فإن على الولايات المتحدة أن تساند حكومة مركزية قوية للعراق بدلاً من فيدرالية غير مركزية. وعليها أيضاً أن تؤكد على توزيع العائدات من النفط، سواء من المكتشفات الحالية أو المستقبلية، حسب التركيبة السكانية.

كما على الولايات المتحدة أن ترفض استفتاءً عاماً بشأن مصير كركوك المتنازع عليه. وأن مصير كركوك لا يقرره سكانها ولا حتى الحكومة العراقية، بل يرجع إلى quot;التحكيم الدوليquot;. في أيٍ من هذه القضايا تريد المجموعة من الولايات المتحدة أن تفرض وساطتها نيابة عن السنة مقابل الشيعة والأكراد. وبكلماتٍ أخرى، فعلى الولايات المتحدة أن تتصرف بشكلٍ حاسم ضد المصالح والمواقف المعلنة لـ 80% من الشعب العراقي. يقول الكاتب أن بعض التنازلات المقدمة لأتباع السنة، وخاصة فيما يتعلق بعائدات النفط والتقليص من تبعية البعث، ضرورية بلا شك لتحقيق الأمن والنظام على الأرض. ولكن اتباع الولايات المتحدة لمنهجٍ صارم قد يأتي عنه نتائج عكسية، قد تدفع الشيعة أكثر فأكثر إلى أحضان إيران وتدفع الأكراد إلى إعلان الاستقلال قريباً.

إن هذه الأمور ينبغي على العراقيين تحقيقها بأنفسهم، وقرارهم ليس شأناً يخص الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن المجموعة لا تحد من تدخل الولايات المتحدة في هذه القضايا الكبيرة فقط. حيث دعت الولايات المتحدة إلى quot;الضغط على العراقيين للاستمرار في تخفيض المعونات المالية في قطاع الطاقةquot;. ربما على العراق أن quot;يضغط علىquot; الولايات المتحدة بشأن حجم معوناته من الإيثانول.

إن التقرير لا يبدي قبولاً أو احتراماً للحكومة العراقية المنتخبة، فهو يقول بصريح العبارة أن الولايات المتحدة يجب أن تعمل مع أطراف غير حكومية في تقرير الشؤون الداخلية للعراق.

كما يجب على الولايات المتحدة، حسب ما جاء في التقرير، أن تقوم بدبلوماسية إقليمية شاملة نيابة عن العراق.

وفي حين يؤكد روب على أن لدى العراق حكومة منتخبة ومستقلة يقول إنه إذا كانت تواجه مشكلات مع جيرانها، والحال كذلك، فإن عليها الاعتماد على دبلوماسيتها الخاصة.

وإن الفكرة التي تقول إن الدبلوماسية الأميركية أكثر فعالية من العراقية خاطئة بشكلٍ صريح، ولنأخذ إيران على سبيل المثال.

تشعر إيران بالسرور للمأزق الذي تورطت فيه الولايات المتحدة في العراق وتساهم في تعميقه، على الرغم من أن المفترض بها أنها لا تريد أن تشعر بالفشل أو التهديد يصيب الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة.

وبناءً عليه، فمن يكون الطرف الذي سيدعو إيران إلى تعديل سلوكها، هل هو ممثل الطوائف الشيعية في العراق، أم ممثل من دولة (الولايات المتحدة) تعتبرها إيران أكبر أعدائها الدوليين؟

باشرت الحكومة العراقية في تنفيذ مبادرة دبلوماسية إقليمية بإجراء مباحثاتٍ مع إيران وسوريا ودول أخرى في المنطقة، وينبغي على الولايات المتحدة أن تساند هذه الجهود بدلاً من إحلال توصيات مجموعة البحث في أوضاع العراق محلها.

تعتقد المجموعة أيضاً أن على الولايات المتحدة أن تنشر السلام في الشرق الأوسط بشكلٍ عام، حيث ذكروا أن عليها أن ترغم إسرائيل على القيام بأمورٍ لا تعتقد إسرائيل بأنها تصب في مصلحتها الأمنية، وذلك بإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا. ولطمأنة إسرائيل أكثر فإن قوة دولية تضم الولايات المتحدة ستتدخل في هذا الأمر.

بعد ما حصل في العراق، لِم قد يظن أحدٌ ما أن وضع القوات الأميركية بين إسرائيل وأعدائها قد يصب في المصلحة الأمنية للولايات المتحدة؟

ومع احترام القوات الأميركية العاملة في العراق، فإن المجموعة لم تقدم توصياتها بإحداث تغيير يُذكَر. إذ سيتحول التركيز نحو التدريب بدلاً من القتال، وسيكون الهدف إخراج القوات من العراق بحلول عام 2008. ولكن لم يوضع جدول زمني حقيقي للانسحاب.

اقترح الكاتب طريقة مشرفة للخروج من العراق تحترم سيادة الحكومة العراقية، بدلاً من ازدرائها كما فعل التقرير: وهي التفاوض على جدول زمني للانسحاب ترى الحكومة العراقية المنتخبة أنها قادرة على الانسجام معه.

وقال أنه ينبغي أن تلتزم الولايات المتحدة بالرحيل، مع إدراكها بأن العمل في الفترة الحالية يعود إلى العراقيين.

إن الدرس الذي تلقيناه في العراق يجب أن يمنحنا إدراكاً لحدود القدرة الأميركية على فرض الأحداث في بلاد وثقافات أخرى. وفي الحقيقة، يجب أن يكون هذا درساً لمحاولات الولايات المتحدة الفاسدة على مدى نصف قرنٍ من الزمان لقيادة جيوسياسات الشرق الأوسط محلياً.

هو درس لم تتعلمه مجموعة البحث في أوضاع العراق بعد.