quot;الرياضquot; وquot;الوطنquot; تفتتحان طبعاتهما برد كرامة
صحيفتان سعوديتان تصفان تصريحات الشرع بـالجدل البيزنطي

فاروق الشرع نائب الرئيس السوري
مساعد الرشيد من الرياض: وانقلب (الشرع) على نفسه، وجدل (الشرع) البيزنطي. بهاتين الجملتين افتتحت اثنتان من أبرز الصحف السعودية وهما صحيفة الرياض المتحدث الرسمي باسم الحكومة السعودية في كثير من الأحيان، وصحيفة الوطن الصادرة من الجنوب، اللتان شنتا هجوماً مباشراً على تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع والذي قام بتخوين بعض الدول العربية مؤخراً ومنها المملكة العربية السعودية، بعد أن اتهمها بأنها سبب انهيار التضامن العربي.

واستنكرت صحيفة quot;الرياضquot; السعودية تصريحات الشرع في رأيها العام، وقالت على لسان افتتاحيتها إن هذه التصريحات لم يكن المفترض أن تصدر من رجل له باع في السياسة والدبلوماسية، وجاء بما نصه : quot;الشرع يقول إن المملكة سبب انهيار التضامن العربي، ومثل هذا التلفيق لا يليق برجل لديه تجارب ومعارف بالساسة العرب وغيرهم، وهذه المغالطات إذا كانت تصب في مصلحته الشخصية، فكل زعامات العرب تدرك ما هي مواقف المملكة، ولا يضعف إرادتنا قول كهذا أو يمنعنا من أداء دورنا وكنا نأمل بدلاً من التصعيد والاتهامات، واعتماد مبدأ الفوقية والتطهر السياسي، أن يختار من يضمن مسيرة التضامن بدلاً من خرقها بسلوكيات أضرت بالمصلحة العربيةquot;.

لكن quot;الرياضquot; لم تبد امتعاضاً تجاه الشعب السوري أو سوء نية، فهي فصلت بين سوريا كـquot;شعبquot; وبين سوريا quot; كحكومة ومسؤولينquot; وقالت مخاطبة العقلاء في سوريا : quot;عموماً نحن مع سوريا الشعب والتاريخ، والعلاقات الحميمة، وضد كل من يريد أن ينال منها، ومع ذلك فلا يهمنا من يطل من شرفته ولا يرى إلا الدخان الأسود الذي يحجب الحقائق، أو يصورها بشكلها المعكوس..quot;.

أما صحيفة quot;الوطنquot; السعودية، وهي ليبرالية التوجه انتقدت بشدة لا تقل عن نقد زميلتها الرياض تصريحات الشرع، وقالت إنه ليس من حق أي دولة اتهام دولة أخرى بالخيانة أو الإستكانة أو الإستسلام، كما طالبت quot;الوطنquot; الشرع بعدم الحديث عن نفسه وعن الحكومة السورية بأنهم مقاومون في الوقت الذي لم يتم إطلاق طلقة نارية للدفاع عن أراضيها عبر الحدود.

وحاولت quot;الوطنquot; عدم إظهار اسم فاروق الشرع، لكنها كانت ملمحة أكثر من الصراحة، وفي تزامن جاء بمحض الصدفة مع زميلتها الرياض، تكشف للجميع من هو المقصود بصاحب الجدل البيزنطي الرفيع المستوى، حيث جاء في الوطن محاولة عدم إظهار الشخصية الحقيقية لمن اتهم بلادها بالخيانة : quot;إن هذا المسؤول الرفيع ظهر في تعليقاته السياسية وكأنه لم يتخلص من عباءة الوزير الذي ينفذ التعليمات. رغم أن مركزه يضعه في مرتبة صانع القرار، وليس المحلل السياسي أو المعبر عن السياسة الوطنية.

بل إن تعليقاته أكدت في مضمونها ما هو معروف في الأوساط السياسية من أن سياسة بلاده تقوم على التدخل في شؤون الآخرين من قبيل القول (أخبرنا حماس أن تبقي علاقاتها مع مصر) أو (لو أردنا لحسمنا الأمر منذ اليوم الأول للتظاهرات في لبنان)، الشيء الذي يعكس الإصرار على التدخل في الشؤون الداخلية للمجتمعات العربية الأخرى وإثارة أطرافها ضد بعض.

أما قول المسؤول العربي (ذي العباءة الوزارية التحليلية) إن الجامعة العربية مكبلة بسبب الضغوط من بعض قادة الدول العربية، فكيف يغيب عن مسؤول عربي رفيع أن الجامعة ومواقفها نتيجة حتمية لإرادة الدول العربية الأعضاء مجتمعة، وليست تعبيراً عن نزوات ذاتية أو قرارات منفردة؟.

يؤمل من بعض العرب الذين خرجوا عن الإجماع العربي وانخرطوا في أحلاف خارجية أن يتواضعوا قليلاً، وأن يدركوا أن العرب الآخرين لم يكونوا يوماً صدى لسياسات أجنبية أو نتائج لفشل أو نجاح سياسات غربية، وأن ما يربط العرب بالقوى الدولية هو المصالح الوطنية والقومية المبنية على الرؤى البراغماتيةquot;.

وكانت العلاقات السياسية قد ازدادت توتراً بين سوريا والسعودية بعد عام 2002 واشتدت توتراً بعد الإحتلال الأميركي للعراق. ولم تكن هذه العلاقات قد استاءت على المستوى الرسمي فحسب، بل أصبح السائح السعودي يسكن الزنزانة الرسمية في سوريا الشقيقة بتهمة الإرهاب، بدل أن يحل ضيفاً فيها ويسكن في ما هو صالح للسكنى.

ويرجح مراقبون هذا التوتر إلى مواقف المملكة العربية السعودية من قضية الشهيد رفيق الحريري، والتي أربكت الجانب السوري وأثارت حفيظته، كما أن السعودية كانت رافضة لعملية خطف الجنديين الإسرائيليين من قبل quot;حزب اللهquot; في الوقت الذي كان الجانب السوري داعماً معنوياً للحزب، شاناً كل الهجوم على الحكومة الرسمية.