كوالالمبور :من المؤكد ان سنة 2006 تعد من السنوات المليئة بالتحديات والمصاعب الجسام بالنسبة للمستهلك الماليزي خاصة لذوي الدخل المنخفض مع ازدياد النفقات والمصاريف التي لا تتماشى مع ضيق ومحدودية مصادر الدخل. ويرى بعض المواطنين في ماليزيا ان مرارة العيش وصعوبة التأقلم مع الوضع الحالي في هذه السنة التي قاربت على نهايتها ما هما الا بداية مرحلة جديدة من التحول والانتقال الى مستوى معيشي اغلى.

وبدأ المستهلك الماليزي يستشعر ثقل الاعباء المالية المترتبة عليه عندما اعلنت الحكومة رفع اسعار المحروقات في 28 فبراير من هذا العام واحتج الكثيرون على هذا القرار واعربوا عن ضيقهم البالغ لما سيترتب على ذلك من ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية الاخرى وبالتالي زيادة المصاريف والاعباء اليومية.

ويبقى المستهلك واصحاب الطبقة الكادحة في نهاية الامر الشريحة المعنية بتحمل اعباء هذا الارتفاع نظرا لان الطبقة الغنية قد لا تشعر كثيرا بمرارة صعود اسعار البنزين والديزل مقارنة بالطبقة المتوسطة والفقيرة.

وعلى الرغم من اقتراب نهاية هذا العام المليء بالمفاجآت فان الكثيرين لم يتمكنوا من نسيان مفاجأة ارتفاع اسعار البنزين بمقدار 30 سنتا لليتر الواحد حيث أكدت الحكومة آنذاك انه لا مفر من اتخاذ هذه الخطوة الضرورية حتى يتسنى لها التغلب على الاثر الناجم عن ارتفاع اسعار النفط الخام في الاسواق العالمية ولتقليل الدعم الذي تتحمله للسيطرة على اسعار المحروقات.

وبلغت تقديرات المبلغ الذي استطاعت الحكومة توفيره من خلال رفع جزء من دعمها عن مشتقات البترول حوالي 4ر4 مليار رنجيت ماليزي اي ما يعادل 244ر1 مليار دولار اميركي وقالت انها ستستخدم تلك الاموال في رفع مستوى وسائل النقل الداخلية وتحسين وضع البنية التحتية في بعض ضواحي العاصمة كوالالمبور ومدن وولايات اخرى.

وهناك احتمال كبير لان تلجأ الحكومة مرة اخرى الى رفع اسعار البنزين مع نهاية هذه السنة بعد تلميحات عديدة صدرت عن بعض كبار المسؤولين. واذا قامت الحكومة فعلا برفع الاسعار فمن المؤكد ان ردة فعل الشعب الماليزي ستكون قوية كما ستكون هذه السنة فعلا سنة مليئة بالتحديات والمصاعب وغلاء الاسعار خاصة بعد ان اعلنت الحكومة الاسبوع الماضي زيادة مقدار الضريبة المفروضة على استخدام الطرق السريعة التي تصل الولايات الماليزية بالعاصمة.

واضافة الى ارتفاع اسعار مشتقات البترول وضريبة الطرق السريعة فان المستهلك الماليزي كان في مواجهة أخرى مع ارتفاع اسعار الكهرباء والمياه بنسبة 12 في المئة.

ولم تنته معاناة المستهلك عند هذا الحد فقد برزت فجأة مشكلة غريبة لم تعهدها ماليزيا من قبل هي نقص مخزون السكر من الاسواق حيث بدأت هذه المشكلة في شهر مارس الماضي واستمرت لفترة ستة اشهر قبل ان تتحول الى ازمة فعلية بلغت ذروتها في شهر سبتمبر الماضي ما اجبر وزارة التجارة الداخلية وشؤون المستهلك على اتخاذ اجراءات متشددة وفرض رقابة صارمة على التجار لمنعهم من احتكار هذه السلعة المهمة ومن ثم رفع سعرها.

ويعزو البعض ظهور ازمة نقص مخزون السكر في ماليزيا الى عوامل عدة اهمها عدم تمكن المصانع المنتجة للسكر من زيادة انتاجها لتلبية الطلبات المرتفعة على هذه السلعة اضافة الى لجوء بعض التجار الى شراء كميات كبيرة من السكر وتخزينها كضغط يمارسونه على الحكومة لاجبارها على رفع الاسعار لكن الحكومة بدورها تصرفت بشكل غير متوقع وبدأت باستيراد السكر من دول اخرى لتلبية الاحتياجات المتزايدة موجهة بذلك صفعة مؤلمة لمحتكري السكر.

وفي نهاية المطاف يتفق المواطنون على ان انجع وسيلة لمواجهة هذه الموجة من ارتفاع الاسعار هو تغيير طريقتهم المعيشية والعودة الى الاقتصاد والتوفير وعدم المبالغة في الانفاق الا ان البعض يرى صعوبة الالتزام بهذا الاسلوب خاصة اولئك الذين يسكنون المدن التي يعرف عنها الغلاء المعيشي الا ان هذه السنة تبقى بالنسبة لمعظم اطياف الشعب الماليزي سنة المفاجآت والمصاعب المالية والتحديات.

(النهاية)