صهره الوزير المر يدعوه إلى quot;أخذ القرارquot;
لحود : quot;إقتلعوني... أو اقتلوني فهذا أفضلquot;

إيلي الحاج من بيروت : على وقع قرقعة quot;ثورة طناجرquot; في الشارع ، انعقد مجلس الوزراء اللبناني في جلسة ترأسها مساء أمس رئيس الجمهورية إميل لحود ، وكانت جلسة صاخبة بالأحداث والمواقف المفاجئة تحت غطاء من التهذيب واللياقات معظم الأحيان . وكانت المفاجأة الأكبر تلك التي أطلقها نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع الياس المر في مناشدة عاطفية ndash; سياسية وجهها إلى والد زوجته إميل لحود داعياً إياه إلى الاستقالة من دون أن يلفظ هذه الكلمة صراحة، في المقابل أطلق لحود في مداخلة جازمة حمل فيها على من يطالبونه بالاستقالة مؤكداً أنه لن يتجاوب وقال بعبارة واضحة: quot;إقبعوني ( اقتلعوني) ... أو اقتلوني فهذا أفضلquot; واتهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك بأنه quot;يقف وراء الشاردة والواردة في لبنانquot;، والولايات المتحدة بأنها تنتقم منه لمواقفه المناهضة لإسرائيل، وحمل بشدة على الغالبية الحكومية والبرلمانية المناهضة له وللنظام السوري ، قائلاً إنه لم يطلب يوماً أن يكون قائداً للجيش أو رئيساً للجمهورية أو تمديد ولايته.
الجلسة تأخرت عن موعدها المقرر في الخامسة بعد الظهر نحو ثلاثة أرباع الساعة، وأحيط مقر المجلس الاقتصادي الاجتماعي في وسط بيروت، حيث انعقدت، باجراءات أمنية لا سابق لها ، وتمثلت بسد عسكري في ساحة الشهداء حال دون توجه تظاهرة صاخبة للتنظيمات الشبابية والطالبية التابعة لقوى 14 آذار/مارس إلى مكان انعقاد الجلسة احتجاجاً على حضور لحود لترؤسها.
وبدت الأعصاب مشدودة في الجلسة التي تحولت خلال نحو أربع ساعات محاكمة للحود وتركزت المناقشة على مواقف أعلنها قبل يومين في رسالة- مقال بعث به إلى جريدة quot;لوريان لوجورquot; الصادرة بالفرنسية في بيروت، رداً على كاتب الافتتاحية فيها عيسى غريب الذي كان دعاه إلى الترفع وتقديم استقالته. وهي مطالبة أجمع عليها وزراء قوى الغالبية في كلماتهم . وفي طليعتهم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي افتتح الجلسة بمداخلة ناشد فيها لحود اتخاذ قرار تاريخي يحفظ كرامته وكرامة الموقع الذي يشغله، ووجه اليه اللوم خصوصاً على ما أورد في المقال من اتهامات للحكومة بتنظيم تظاهرة الاشرفية في 5 شباط/فبراير الماضي، معلنا رفضه هذا الاتهام ومذكراً لحود بوقائع جلسة المجلس ليلة الأحداث والتي حضرها القادة الأمنيون وجرى خلالها تحديد الفاعلين.
الوزراء تناوبوا على الرد على مقال لحود وتفنيده، بدءا من مروان حماده، مرورا بنايلة معوض وغازي العريضي وميشال فرعون وجان أوغاسبيان واحمد فتفت وكل وزراء الغالبية ،إلى درجة ان وزيرالإعلام غازي العريضي وصف الرئيس لحود بأنه quot;صحافي زميل ولكنه غير ناجحquot;. وكانت المداخلة الساخنة والمليئة بعبارات الأسى والألم من الوزير حماده الذي قدم شهادة حية عن تجربته المرة والقاسية بمحاولة قتله تفجيراً لرفضه القاطع التمديد لولاية لحود. وتوجه إلى ررئيس الجمهورية بالقول :quot; ان ما جرى بعد التمديد من حوادث اغتيال ومحاولات اغتيال وتفجيرات تتحمل أنت شخصيا وفريق عملك مسؤوليتهquot; . وأوضح ان التمديد أدى الى تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع نسبة النمو من ٥ في المئة الى صفر في المئة و حشر المقاومة ووضعها في مواجهة المجتمع الدولي وتأزيم العلاقة مع سوريا بعكس ما كانوا في دمشق يأملون منه، وعزل رئاسة الجمهورية دوليا على نحو لم يسبق له مثيل في تاريخ لبنان.
وقدم لحود مداخلة أشبه بمرافعة سياسية هجومية استمرت نحو ٩٠ دقيقة، رد فيها على ما أثير وعرض لمسيرته من قيادة الجيش الى رئاسة الجمهورية، مشيرا الى انه ما تعوّد التخلي عن مسؤولياته ولن يتخلى عنها في هذا الظرف. وتوقف عند شريط من الأحداث والملفات، مثل التحرير، نزع سلاح حزب الله، ارسال الجيش الى الجنوب، التعامل مع القضاء، تظاهرة الاشرفية. ومما قال: quot;تتكلمون عن مساوئ التمديد، ولكن اين كانت هذه المساوئ عندما مددتم للرئيس الياس الهراوي الذي كان صديقا حميما للرئيس حافظ الاسد بينما لم أكن أعرفه في حينها؟ انتم مددتم للهراوي لانكم كنتم تخافون مني وتريدون قطع الطريق أمام وصولي الى رئاسة الجمهوريةquot;. أضاف: quot;أنا حميت المقاومة وأسترددت أجزاء من الارض خلال ترسيم الحدود بعد الانسحاب الاسرائيلي، ولم يشكرني أحد منكم، وإذا كان المجتمع الدولي يستهدفني فبسبب مواقفي ضد إسرائيل.انا لم اطلب التمديد وانما بلغت به، وانا لم اخرق الدستور ولم ارتكب الخيانة العظمى ولا ما يحاسب عليه القانون.
وتطرق الى بعض الاتهامات التي سيقت ضده فوصف نفسه بأنه quot;انظف واحدquot; ، وقال انه هو من طلب من حاكم البنك المركزي ووزير العدل فتح ملف بنك المدينة والتحقيق في قضية quot;الصندوق الاسودquot; في كازينو لبنان. واتهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك بأنه يقف وراء الكبيرة والصغيرة في لبنان ، وحمل خصوصاً على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي كان حدد موعداً لرحيله عن القصر الرئاسي ، وقال: quot;إقبعوني ( اقتلعوني) ... أو اقتلوني فهذا أفضلquot; .

مفاجأة المر

وفور انتهاء لحود من مداخلته الهجومية طلب صهره الوزير المر حق الكلام في شكل مفاجىء ثم عرض للضغوط التي تعرض لها لاقصائه عن حكومة الرئيس عمر كرامي بسبب القرارات الأمنية التي كان يتخذها لمصلحة لبنان. ومما قال في مداخلته العاطفية-السياسية: quot; quot;كنت محرجاً ( لحود) لأنه كان يوجد مركز عنجر ( للاستخبارات السورية) وقراره quot;إما تكون عبداً وإما جثةquot;، ولا حل وسطاً. لم نعمل عبيدا ليس لأننا كنا أكثر جرأة من غيرنا بل لأننا كنا مدعومين من فخامتك، والرئيس رفيق الحريري لنبني بلدا ودولةquot;. وتابع انه شعر بأنه مطارد لدرجة انه لم يعد بوسعه ان يبقى في بيته وبين أهلهquot; لأن النظام الأمني الذي أنت متهم به لم يكن قادرا على حمايتي، وانت جد أولادي وانت متهم زورا لأن عندك من نفسك( كبرياء) وتتعاطى مع الأمور بطريقة كانت تمشي من خمسين سنة. لم أنس أنك قلت لي بعد محاولة اغتيالي quot; ارحل من لبنان انا خائف عليك ولا أقدر احميكquot;.
وتابع المر مخاطبا لحود: quot;كرئيس وجد لأولادي الثلاثة أقول لك لست مضطرا لأن تتحمل هذا الكلام على الطاولة من الجميعquot;، ودعاه الى اتخاذ quot;القرار الجريءquot; قائلا له : quot;أشرف حليف لك تحدث بالحوار وأكبر وزير عينته وخضت معركة لتأتي به تحدث عن الوضع العام. وخصومك في السياسة يطالبون باستقالتك. لهذه الأسباب تحدثت كأخ صغير في جلسة مصارحة مفتوحة. لست مضطرا لأن تحمل بكرامتك من أجل كرامة أولادنا الذين سيكبرون لجدهم وليس لهم حق ألا ان
يكبروا به. ليس مسموحا ان يدافع عنك حلفاؤك بالرمادي وانت تدافع عنهم يا ابيض يا اسودquot;.
وقد أدهشت قنبلة المر السياسية الوزراء ولم يتفوه لحود بكلمة خلالها وبعدها. ولشدة تأثره وقف الوزير حماده وقال قبل ان يغادر quot;اعتبر الآن ان حقي قد وصلني بعدما سمعت زميلي الشهيد الحي الياس المر يقول ما أقوله وما يقوله الناسquot;. واعتبر وزراء آخرون انه جرى استثمار آلام المر العاطفي تجاه عمه على نحو سياسي كان القصد منه الاساءة للرئيس واظهار صهره في موقف الخصم له، وذلك في معرض انتقادهم للعرض الذي قدمه الوزير العريضي بعد الجلسة. وقال أحدهم ان العريضي quot;قرأ مقاطع من مداخلة المر وأظهرها كأنها موجهة ضد رئيس الجمهورية، بينما قصد وزير الدفاع العكسquot;.
__