نسرين عزالدين من بيروت: على ما يبدو فان الشاهد الملك كما اطلق عليه محمد زهير الصديق قد قرر تكثيف ظهوره الاعلامي. فبعد الحديث الذي ادلى به لصحيفة الديار اللبنانية وما تلاه من نفي للمعلومات الواردة واتهام الصحيفة بتحوير كلامه ثم مقابلة مناقضة تماما لسابقتها مع صحيفة الرأي العام الكويتية اتى اتصاله الهاتفي ببرنامج كلام الناس الذي تعرضه المؤسسة اللبنانية للارسال ليتوج هذه الهجمة الاعلامية.

ولعل اقل ما يقال في ذلك الاتصال انه قمة في الغرابة، فعدا مناقضة رواياته في اقل من 5 دقائق بدا الصديق منفعلا وغاضبا ومختلفا عن اي تصور سابق قد يكون قد كونه الجمهور عنه. وان كانت الصورة العامة التي يختزنها quot;الجمهورquot; عن الصديق تتراوح بين المحتال والكاذب او المظلوم فان صورة الشخصية البسيطة ضلت الاقوى.. حتى الامس. فهو وما ان بدأ بالكلام حتى رفض التوقف ناعيا الحريري ممجدا بالعروبة نافيا التهمة عن الاسد تارة ثم الصاقها به تارة اخرى مع الاصرار على اتهام الرئيس اللبناني لحود طبعا.

وفي معرض حديثه quot;الاحادي الجانبquot; امس حول quot;السبق الصحفيquot; لبرنامج كلام الناس وشهادة quot;الفصلquot; المنتظرة الى مزيد من البلبة والشكوك بمدى اتزان شخصيته.

ما قام به الصديق امس وفي مقابلاته السابقة بكل بساطة هو قلب السحر على الساحر واضاعة فرصته بتلميع صورته او جعلها اكثر وضوحا على الاقل، لكنه ما دأب يظهر في مقابلاته جميعها بصورة الرجل الخارق الذي يعلم كل شيء عن كل شيء وفي كل شيء.. وان مفتاح لغز اغتيال الحريري عنده.

وبالعودة الى تفاصيل ظهور الصديق امس، بداية طلب مقدم البرنامج مرسيل غانم من الصديق اعطاء دليل ما يمكنه من التأكد ان المتصل هو حقا زهير الصديق فما كان منه الا ان اعطى اسمه الثلاثي موضحا انه قد سلم جواز سفره الى مراسل المؤسسة اللبنانية للارسال في باريس. في هذه المرحلة وبعد ان اطمأن غانم الى quot;الثقةquot; المستحدثة بين المتصل وبينه وبين الجمهور اعطى الصديق الاشارة للبدء بالكلام.

وهنا بدأت القصص، بداية سأله غانم ان كان قد اعطى الديار مقابلة فاكد ذلك لكنه قال ان الصحيفة قامت بتحوير كلامه. وتابع الصديق انه قام بإرسال تسجيل صوتي الى الرئيس السوري بشار الأسد يبلغه فيه ان هناك ضباط سوريين متورطين بإغتيال الحريري وانه تمنى عليه التحرك لمعاقبتهم... ثم ما لبث ان غير قصته متهما الاسد باعطاء الامر باغتيال الحريري وان النائب ناصر قنديل قام برفع تقرير بالحريري الى سورية وعلى اساسه تم التصرف.

وفي هذه المرحلة تدخل عضو مجلس الشعب السوري الذي كان ضيفا في الحلقة محمد حبش مستوضحا من الصديق ان كان على علم مسبق باغتيال الحريري... الا انه لم يلق جوابا فكرر سؤاله مرارا وتكرارا حتى اجاب الصديق منفعلا بانه كان على علم وانه ابلغ الحريري بذلك لكن المخطط كان ذكي جدا.

هنا بدأ الصديق يكيل بالاتهمات لسورية وللجهاز الامني اللبناني ولرئيس الجمهورية رافضا الاجابة عن اي سؤال ما اضطر مرسيل غانم الى قطع الاتصال معه.


وفي محاولة للخروج من المأزق رد غانم قطع الاتصال الى رفض الصديق الاجابة عن اي سؤال وان كلامه لا يلزم سوى صاحبه الذي quot;لسنا متأكدين ان كان هو حقا زهير الصديقquot; الامر الذي يناقض كلامه السابق خلال فترة quot;منح الثقة quot; .
وان تم استثناء الشهادات المتناقضة التي يتقدم بها الصديق بين حين واخر فان نقطة اخرى تسجل على شهاداته وهي المعلومات الهائلة التي يمتلكها ضابط في الجيش السوري .فهو كما يزعم كان على اطلاع كامل على كافة تفاصيل العملية ان كان من جهة التخطيط اللبنانية او السورية اضافة الى شبكة علاقاته الواسعة _على ما يبدو_ الذي تمكنه من الاتصال باي شخصية سياسية لبنانية او سورية . ناهيك عن ماضي الصديق الحافل بعمليات الاحتيال _وفق رواية شقيقه _ اضافة الى علاقته برفعت الاسد التي اشارت اليها صحيفة laquo;دير شبيغلraquo; الالمانية التي كانت اول من كشف عن لقاء رئيس لجنة التحقيق السابق ديتلف ميليس بالصديق في قصر رفعت الأسد في منتجع ماربيللا الاسبانيraquo;.

وفي مداخلة اخرى اعتبرت سمر الحاج زوجة اللواء علي الحاج ( احد الضباط الاربعة الموقوفين بتهمة المشاركة في اغتيال رفيق الحريري) ان الصديق قد قدم لهم خدمة من خلال الشهادات المتناقضة التي قدمها للديار ثم للراي العام طالبة منه الاستقرار على رأي محدد في هذا الموضوع . وطالبت بالكشف عن من يقف وراء الصديق ويعطيه الاموال التي تمكنه من المكوث في الفنادق والقيام بالاتصالات الدولية والانتقال من اسبانيا الى فرنسا .وشددت الحاج على ضرورة مواجهة الصديق بالضباط الاربعة لحل هذه المعضلة المتناقضة بشكل نهائي.

يذكر ان الصديق ما زال في فرنسا على الرغم من مطالبة لبنان باسترداده لمواجهته بالضباط الاربعة الموقفين بناء على شهادته .وكان اطلاق سراحه من قبل السلطات الفرنسية قد اثار بلبلة خصوصا وان لبنان لم يتبلغ رسميا بقرار القضاء الفرنسي من جهتها اكدت فرنسا ان القضاء الفرنسي قرر الافراج عن الصديق بعد ان رفض طلب لبنان باسترداده بسبب عقوبة الاعدام التي تنتطر الصديق في حال ثبت تورطه بالاغتيال..وكان السوري زهير محمد الصديق قد اوقف بناء على طلب لبنان وبواسطة مذكرة توقيف دولية في 16 تشرين الاول(اكتوبر) في شاتو في ضاحية باريس في اطار التحقيق في اغتيال الحريري. وتحول الصديق من شاهد ورد اسمه في تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري الى مشتبه به بالضلوع في اغتيال الحريري امام القضاء اللبناني الذي اصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه.