أسامة العيسة من القدس: فجر القاضي اهارون باراك رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية ما اعتبر قنبلة في المجتمع الإسرائيلي، عندما أعلن أمس الأحد خلال محاضرة له بان quot;عدم السماح بالزواج المدني في إسرائيل يشكل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسانquot;. وانتقد باراك، الذي تعاظم دوره في إسرائيل إلى حد وصفه بأهم رجل في الدولة، بشدة عدم تشريع الزواج المدني في إسرائيل. وتجيء تصريحات باراك النادرة هذه مع اقتراب موعد تركه لمنصبه، بعد أن كان يتجنب إطلاق التصريحات العلنية، وعدم الحديث عن توجهاته السياسية، واعلن مؤخرا بكثير من الفخر بأن أفراد أسرته يعرفون لمن يعطي صوته في الانتخابات للكنيسة.

ومن شان تصريحات باراك حول الزواج المدني، أن تحرك هذا الموضوع في المجتمع الإسرائيلي وتثير النقاش حوله، حيث لا تعترف القوانين الإسرائيلية إلا بالزواج الديني، وتفرض المؤسسة الدينية اليهودية صعوبات كبيرة أمام اليهود الذين يريدون عقد قرانهم على نساء من أديان أخرى، وتجبرهن على المضي في إجراءات طويلة ومعقدة للتهويد، مما يجعل الكثير منهم يلجأ إلى مؤسسات دينية يهودية خارج إسرائيل لإتمام عمليات الزواج، وعندما يعودون يصطدمون مرة أخرى بتضييقات المؤسسة الدينية اليهودية الرسمية التي يسيطر عليها التيار الأرثوذكسي المتشدد. ونجحت كتلة شينوي العلمانية المتشددة في دورة الكنيست السابقة، بتشكيل لجنة للنظر في الزواج المدني بعد أن اشترطت دخولها للائتلاف الحاكم تشكيل مثل هذه اللجنة، وصاغت شينوي قانون اللجنة الخاص الذي يتضمن السماح للإسرائيليين الزواج من غير الطقوس الدينية، وانه يتوجب منح الأزواج الذين فعلوا ذلك، جميع الحقوق التي يتمتع بها الذين تزوجوا وفقا للطقوس الدينية، ولكن هذه اللجنة انهارت بعد خروج شينوي من اللعبة السياسية في دورة الكنيست الحالية.

وتأتى تصريحات باراك هذه، مع وجود التماسات لدى المحكمة العليا، تطالب بالسماح بعقد القران أمام قناصل السفارات الاجنبية في إسرائيل، إذا كان أحد الزوجين هو مواطن من دوله أجنبية. وتضطر أعداد متزايدة من الإسرائيليين للسفر إلى الخارج من اجل عقد قران مدني، ثم يعودون لإسرائيل لمواجهة مصاعب الاعتراف به. ومثلما تم إنشاء كازينو الواحة في مدينة أريحا الخاضعة للسلطة الفلسطينية، لإفساح المجال أمام المقامرين الإسرائيليين لممارسة شغفهم بالعاب الميسر، بدلا من السفر إلى خارج إسرائيل، التي يحظر فيها القمار، طرح عضو الكنيست العربي السابق عبد الوهاب دراوشة، فبل انتفاضة الأقصى، مشروعا استثماريا لإنشاء مكاتب لعقد القران المدني في أريحا، لتلبية حاجة الإسرائيليين لعقد مثل هذا الزواج، ولكن مشروع دروشة احبط، بعد أن واجه معارضة من قطاعات في الرأي العام الفلسطيني التي استهجنت ما قالت انه سعي لتحويل أراض السلطة الفلسطينية إلى مكان لحل مشاكل المجتمع الإسرائيلي.