ايلاف:في خطابها في الواشنطن بوست قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس أن الولايات المتحدة عملت الشهر الماضي بإصرار على إنهاء العنف الذي فرضه حزب الله وكفلاؤه على الجميع في لبنان وإسرائيل. وفي نفس الوقت, أصررنا على أن وقف إطلاق نار فاعل سيتطلب تغييراً حاسماً للوضع الراهن الذي أنتج هذه الحرب. اتخذنا في الجمعة الماضية خطوة هامة تجاه هذا الهدف من طريق التصديق الجماعي على قرار الأمم المتحدة 1701. تبدأ الآن المهمة الصعبة والحرجة لتطبيق هذا القرار.

يتضمن الاتفاق الذي توصلنا إليه ثلاثة عناصر أساسية:

الأول، أنه يطبق وقفاً تاماً للحرب. كما أصررنا على الإطلاق غير المشروط لسراح الجنود الإسرائيليين المختطفين. يجب أن يوقف حزب الله مباشرة هجماته على إسرائيل، ويجب أن توقف إسرائيل عملياتها العسكرية الهجومية في لبنان، مع الاحتفاظ بحق أي دولة ذات سيادة في الدفاع عن نفسها. دخلت الموافقة على ذلك حيز التنفيذ يوم الاثنين، بعدما اتفق مجلسا الوزراء الإسرائيلي واللبناني على شروطه.

الثاني، سيساعد هذا القرار الحكومة الديمقراطية في لبنان بتوسيع سيادة سلطتها. المجتمع الدولي يفرض مقاطعة كل الأسلحة المتوجهة إلى لبنان دون موافقة الحكومة. كما أننا نعمل على تعزيز اليونيفيل، قوة الأمم المتحدة الحالية في لبنان. ستحصل قوات اليونيفيل الجديدة على تفويض متين ومعدات أفضل وما يُقدّر بـ 15000 جندي، أي سبعة أضعاف القوة الموجودة حالياً. وبالعمل مع القوة الدولية الجديدة، ستنتشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب البلاد لحماية الشعب اللبناني ومنع الجماعات المسلحة مثل حزب الله من زعزعة استقرار المنطقة. وحالما يتم هذا الانتشار، ستنسحب إسرائيل إلى ما وراء quot;الخط الأزرقquot;، وسيعم وقف إطلاق نار دائم.

أخيراً، يضع هذا القرار بوضوح خطة مفصلة للمبادئ السياسية التي تكفل سلاماً دائماً: لا قوات أجنبية، لا أسلحة، ولا سلطة في لبنان إلا للحكومة اللبنانية ذات السيادة. تمثل هذه المبادئ إجماعاً دولياً بعيد الأمد كان قد أُثبت وأعيد إثباته في عدة عقود، لكنه لم يُطبّق بالكامل أبداً. والآن، وللمرة الأولى، يضع المجتمع الدولي كامل ثقله خلف النظام السياسي العملي لمساعدة الحكومة اللبنانية في إدراك هذه المبادئ، التي تشمل نزع سلاح جميع الميليشيات العاملة على أراضيها.

إن تطبيق القرار 1701 لن يفيد لبنان وإسرائيل وحدهما، إذ لديه نتائج إقليمية هامة. وبصياغتها ببساطة: فهي تمثل نصراً لكل أولئك الملتزمين بالحداثة والديمقراطية في الشرق الأوسط، وهزيمة لكل أولئك الذين يريدون تقويض هذه المبادئ من طريق العنف، وخاصة حكومتي سوريا وإيران.

وفي حين قضى العالم كله الشهر الماضي في العمل من أجل السلام، كان النظامان السوري والإيراني يبحثان لإطالة أمد الحرب التي بدأها حزب الله وزيادة ضرامها. في المرة الأخيرة التي حصل فيها مثل ذلك، منذ 10 سنوات، توسطت الولايات المتحدة في وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل. قام آخرون بلعب لعبة الدبلوماسية فوق رؤوس اللبنانيين. أما الآن فلم تعد سوريا تحتل لبنان, والمجتمع الدولي يساعد الحكومة اللبنانية في تهيئة الشروط لسلامٍ دائم، الاستقلال التام والسيادة الكاملة والديمقراطية الفعالة وإضعاف حزب الله بتقليل فرص إعادة تسليحه وإعادة تجمعه. وفي حال تم تطبيق القرار، سيكون بمثابة نكسة إستراتيجية للنظامين السوري والإيراني.

وحسب ما قالته رايس فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي هو خطوة أولى جيدة, لكنه يبقى خطوة أولى. ومع أملنا أن يؤدي ذلك إلى وقف دائم لإطلاق النار لا ينبغي لأحدٍ أن يتوقع توقفاً مباشراً لجميع أعمال العنف. إن هذا وقف إطلاق نار هش, وعلى جميع الأطراف أن يعملوا لتقويته. ساهمت دبلوماسيتنا في إنهاء الحرب, ويأتي الآن العمل الطويل والشاق من أجل حماية السلم.

وبالتطلع إلى الأمام, فإن التحدي الأكثر إلحاحاً هو مساعدة مئات الآلاف من المهجّرين من لبنان للعودة إلى بيوتهم وإعادة بناء حياتهم. هذا الجهد من إعادة الإعمار ستقوده الحكومة اللبنانية, لكنه سيتطلب كرم العالم بأسره.

وبالنسبة لدورنا, فإن الولايات المتحدة تساعد في قيادة جهود إغاثة الشعب اللبناني, ونحن ندعمهم بشكلٍ كامل في الوقت الذي يعيدون فيه بناء بلادهم. وكخطوة أولى, فقد رفعنا حجم المساعدة الإنسانية المباشرة إلى 50 مليون دولار. ولضمان مكاسب السلام, على الشعب اللبناني أن ينهض من هذا الصراع بتوفر فرص أكبر وازدهار أعظم.

لقد سمعنا حزب الله يحاول أن يدعي النصر. لكن الآخرين, في لبنان والمنطقة, يسألون أنفسهم ما الذي حققه تطرف حزب الله حقيقةً: مئات الآلاف من المهجرين من بيوتهم, تدمير المنازل والبنى التحتية, خسارة مئات الأرواح البريئة, وإلقاء اللوم عليه من قبل العالم لتسببه بهذه الحرب.

لقد تعذب الأبرياء في لبنان وإسرائيل وعبر الشرق الأوسط بما يكفي على أيدي المتطرفين. إنه الوقت المناسب للتغلب على أشكال العنف وإقامة سلامٍ شامل ودائم وعادل. هذا هدفنا, وها نحن الآن نضع الخطوات لتحقيقه. إن سياستنا طموحة, نعم, ومن الصعب تحقيقها. لكن هذا صحيح. إنه واقعي. وفي النهاية, هو السبيل الفاعل الوحيد من أجل مستقبلٍ واعد.

ترجمة: سامية المصري
الرياض
16 أغسطس 2006