ترجمة سامية المصري : على الرغم من الموعد النهائي الذي حددته الأمم المتحدة الأسبوع الماضي لإيران لكي تتخلى عن برنامج تصنيع القنبلة النووية فإن إيران لم تفعل شيئاً من ذلك. يُتوقع من الخطوة الدبلوماسية القادمة أن تفرض الأمم المتحدة العقوبات على إيران, وهذا لن يجدي نفعاً أيضاً, حسب رأي الكاتبة كلوديا روسيت من صحيفة وول ستريت جورنال.
وتضيف أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لا يبدو شديد القلق حيال نظرية عقوبات الأمم المتحدة. وكان قد رفض من قبل مطالب الأمم المتحدة ومنع زيارة المفتشين وأعلن عن توافر عينات من اليورانيوم المخصب وافتتح الشهر الماضي معملاً إيرانياً للماء الثقيل يستعمل لإنتاج البلوتونيوم. كما لم تمنع سلسلة قرارات الأمم المتحدة الجماعة الإرهابية المنتسبة لطهران في لبنان, حزب الله, من الاشتراك في حرب الصيف الحالي في الوقت الذي كان فيه أحمدي نجاد يدرس الاختيارات المتاحة له.
هناك الكثير من الدلائل تشير إلى أن أحمدي نجاد يقوم بحسابات عقلانية جداً حول سهولة إمكانية إفساد الأمم المتحدة وتقسيمها وتأخيرها وتحديها, دون التعرض لعقوبات خطيرة.
ترتكز برامج عقوبات الأمم المتحدة على موافقة وتعاون الدول الأعضاء في مجموعة من القوانين لا تمليها مصالح العالم الحر الحديث بل الجماعة الفاسدة كثيرة الطغاة, وذلك أن الأمم المتحدة الحالية وبعض كبار اللاعبين كروسيا والصين سيلجؤون إلى الخداع في معظم الأحيان. ولدى إيران ما يكفي من المصادر لتمهد الطريق لذلك, إذ تمتلك 10% من احتياطيات النفط المعروفة في العالم وتمثل ثاني أكبر احتياطي مثبت للغاز الطبيعي في العالم.
وبالفعل فإن تسيير إيران علاقاتها الهامة بالأمم المتحدة تطورت إلى مستوى جيد حالياً. وكما قاوم صدام العقوبات بتتبع صفقات تطوير مجال النفط الغني وبتوزيع عقود النفط مقابل الغذاء المربحة ليكسب الأصدقاء ويؤثر على السياسيين فإن طهران أسست قبل الآن شبكة عالمية من شركاء عمل حاليين ومستقبليين. لو أن إيران كانت دولة غنية بالطاقة وأفضل مما هي عليه الآن, لكان مر الأمر على أنها تقيم مشروعاً عادياً. ولكن تحت عقوبات الأمم المتحدة ستتم ترجمة هذه المهمة إلى نبعٍ متدفق من الضغط المؤيد لإيران وحوافزٍ تدعو للخداع ضمن عددٍ كبير من أعضاء الأمم المتحدة.
ساعد تقرير جديد من وزارة الطاقة الأميركية عن إيران في توضيح المشكلة. فقد اتضح أنه مع الـ 100 بليون دولار التي تملكها إيران و25 عاماً من الاتفاق التجاري مع الصين لتطوير مجالالغاز الطبيعي فإن هناك اتفاقات إما موقعة أو قريبة من ذلك مع قائمة الدول التالية: فرنسا وتركيا وباكستان والهند وأستراليا واليونان والنمسا وبلغاريا ورومانيا وهنغاريا وأوكرانيا وأرمينيا والنرويج والكويت وتركمانستان والعراق. وتتدرج المشاريع المتفق عليها من الاستثمارات الضخمة في النفط وحقول الغاز إلى أنابيب النفط والمقايضات بالنفط وعقود الخدمات الهندية. وعن الحشود التي توجهت باللوم إلى أميركا أولاً ذكر التقرير أنه quot;حسبما يُقال فإن فرعاً أجنبياً من شركة هاليبرتون توصل إلى اتفاقٍquot; مع شريك إيراني للمساعدة في تطوير بعض حقول الغاز الطبيعي الإيرانية.
لقد حققت بعض الدول الديمقراطية كالهند وأستراليا والولايات المتحدة وفرنسا في بعض الادعاءات الموثقة رسمياً في اختراق العقوبات المفروضة على العراق من قبل مواطنيها. بينما لم تقم بمثل ذلك كثير من الدول المنتهكة لقانون فرض العقوبات, وخاصة روسيا والصين. وكانت دمشق لعبت دور الطريق الناقل لبلايين الدولارات الذي تعادل قيمته قيمة الطريق الذي حظرته الأمم المتحدة على صدام لنقل النفط والمواد العسكرية والنقود. كما استفادت إيران من المتاجرة النشطة بالنفط العراقي المحظور خلال فترة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على صدام, حيث كانت قوارب التهريب الإيرانية تلعب دور الشريط الساحلي لها على الخليج. ليس من سببٍ يدعو إلى افتراض أن يفعل المهربون الإيرانيون أقل أهمية من ذلك لمصلحة بلادهم.
من الذي يُفترض به في الأمم المتحدة أن يوقف انتهاك تلك العقوبات؟ استخدمت روسيا في مجلس الأمن ndash; التي توصي الآن بالتحلي بـ quot;الصبرquot; ndash; حق النقض وأصرت على معارضتها لفرض العقوبات على إيران, والصين تحذو حذوها في ذلك. ويسعى الآن رئيس فنزويلا هيوغو تشافيز للحصول على إحدى المقاعد العشرة في مجلس الأمن. وفي جولاته الأخيرة بين ثيوقراطيات العالم اكتسب تشافيز حسب ما يُقال تأييداً من الصين لمسعاه في الأمم المتحدة, إضافة إلى وسامٍ ووعدٍ باستثمارات تصل إلى 4 بلايين دولار في حقول النفط الفنزويلية من إيران.
وفيما يتعلق بأمانة الأمم المتحدة, التي ستشترك في إدارة أي عقوبات تفرضها الأمم المتحدة, فإذا تعلم موظفوها أي شيء من فضيحة النفط مقابل الغذاء التي كلفت بلايين الدولارات فإن ذلك ما احتوته فقاعة الأمم المتحدة المتماسكة دبلوماسياً, فليس هناك من عقوبات حقيقية على الإهمال أو الازدواجية أو حتى الفساد. ولم يُطرَد بعد ذلك أي من موظفي الأمم المتحدة, هذا عدا عن اتهام أيٍ منهم بارتكاب جرمٍ ما. سيكون على الأمين العام كوفي عنان أن يتنازل عن منصبه في نهاية العام, لكنه سيكون حاضراً في منصبه الرئاسي أثناء صياغة العقوبات المفروضة على إيران, وخلفه سيحصل على البيروقراطية نفسها والجمعية العامة التي ndash; إن صدقنا نائب الأمين العام مارك مالوك براون ndash; أسقطت إصلاحاً إدارياً مطلع العام الحالي من أجل الشعور بسعادةٍ منحرفة بوضع إصبعها في عين الولايات المتحدة.
لقد أصبح ممكناً بعد سنواتٍ من التأخير والارتجاف من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن أي مبادرة لا يمكنها أن توقف إيران دون قوة عسكرية مباشرة. وأياً يكن الحل, فيبدو واضحاً أن على الولايات المتحدة أن تقوم بمعظم العمل من الإقناع والوخز والمساومات غير المعلنة لتجعل من أي تحالف قادراً وفعالاً, بأي طرق ضرورية لتنفيذ المهمة. وهذا يمثل تحدياً عاجلاً دون محاولة جر نظريات الأمم المتحدة البالية.
التعليقات