أسامة مهدي من لندن : استأنفت المحكمة الجنائية العراقية الثانية جلستها التاسعة في بغداد صباح اليوم للاستماع الى اقوال مزيد من المشتكين في قضية اتهام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين الذين يحاكمون بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد فيما عرف بحملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 والتي استمعت الى اقوال 21 مشتكيا منذ بدايتها في الحادي والعشرين من الشهر الماضي .

وقد بدات المحكمة اعمالها بحضور جميع المتهمين فيما تميزت جلسة امس الاثنين التي استمعت الى اقوال مشتكيين اثنين هما رجل وامراة مسنة بتاكيد صدام حسين في رده على اقوال المشتكي الاول ان نظامه لم يكن يقطع رؤوس العراقيين ويرميها في الشوارع كما يجري حاليا مؤكدا القول quot;ان الاكراد هم شعبناquot; . كما شكك في اقوال المشتكي حين اشار الى ان القنابل الكيمياوية سقطت على بعد مترين منه فقتل اخرون ولم يقتل هو .. وطلب عدم قبول اقواله لان القانون العراقي يعتبره ليس عراقيا لانه اكتسب جنسية اجنبية هي الهولندية . وسال عن سبب وجود اطفال ونساء في مناطق عسكرية ردا على قوله انه شاهد جثث نساء واطفال حرقوا بالاسلحة الكيمياوية العراقية .وشكك محامي المتهمين بديع عارف بصحة اقوال المشتكي مبينا ان من يقدم جواز سفر مزور فان اقواله مزورة ايضا طالبا تحريك دعوى قضائية ضده لتزويره الجواز ودخوله العراق من دون تاشيرة طالبا اعتبار جميع اقواله باطلة .

وكان المشتكي واسمه كروان عبد الله توفيق (مواليد 1960) متقاعد ويسكن مدينة السليمانية الشمالية قال انه في اواخر عام 1987 بدا هجوم واسع للقوات العراقية بمختلف الاسلحة واستمر لاربعة اشهر وكنا في مدينة حلبجة لكنا انسحبنا منها حفاظا على حياة المواطنين . وفي 22 اذار عام 1988 قامت الطائرات العراقية بقصف عدد من القرى بالاسلحة الكيمياوية مما ادى الى استشهاد كثيرين بينهم مقاتلين في البيشمركة واطفال ونساء اضافة الى اشلاء بشرية متناثرة . واوضح انه كان ينتمي لتنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني فالتحق باحد قواعده هناك ثم بدات تظهر عليه اثار الغازات الكيمياوية السامة ثم فقد وعيه وتم نقله الى مستشفى الامام الخميني في مدينة اصفهان الايرانية للعلاج من اصابات خطيرة في عينيه لمدة ستة اشهر موضحا انه كان هناك 90 مصابا اخرين توفي 20 منهم . واشار الى انه غادر الى هولندا بعد ذلك لمواصلة العلاج فحصل على اللجوء السياسي بعد ان انتحل اسما اخر وقدم جواز سفر مزور فيها موضحا ان الاطباء في هولندا زودوه بتقارير عن عدم امكانية علاجه من الاصابة بالاسلحة الكيمياوية وقدم نسخا منها الى المحكمة مؤكدا انه مازال يعاني من اصاباته .واضاف انه اشتكى في هولندا على شخص نمساوي زود النظام العراقي السابق بمئات الاطنان من الاسلحة الكيمياوية وقد اصدرت محكمة لاهاي حكما ضده بالسجن لمدة 15 عاما العام الماضي وهو مايؤكد استخدام النظام لهذه الاسلحة . وطلب تعويضا عما اصابه من اضرار لدفع نفقات علاجه الذي جرى له في روسيا واسبانيا والمانيا وقدم شكوى ضد صدام حسين وعلي حسن المجيد وضد كل من ساهم في عملية الانفال ضد الاكراد .

المتهمون والتهم

والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .

ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يواصل قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقررأن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل .
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان