الغارديان :استجواب أصحاب البشرة غير البيضاء في المطارات البريطانية
عادل درويش من لندن: في حلقة جديدة من مسلسل لاينتهي من اشكاليات يثيرها قسم كبير من المسلمين البريطانيين باصرارهم على الانعزالية ورفضهم ألاندماج في المجتمع البريطاني الكبير بحجة اللألتزام بتعاليم الدين، والتي اختلف الفقهاء حولها، تفجر في سكوتلانديارد نزاعا جديدا بين الداعين للأنضباط حسب لائحة واحدة يتساوي فيها الجميع، واليساريين رافعي شعار التصحيح السياسي والتعددية الثقافية، بعد ان رفضت طالبة في حفلة التخرج من مدرسة الشرطة، مصافحة السير ايان بلير، حكمدار بوليس لندن، مما ادى لمباشرة تحقيق داخلي في معاملة الأقليات الدينية والعرقية.

وقد وقعت حادثة رفض المصافحة الشهر الماضي اثناء حفل تخرج 200 من الطلاب الذين اتموا دراستهم في مدرسة البوليس في منطقة تيمس دايتون، جنوب غرب لندن و حضره السير ايان ، باعتباره راس حمكدارية قوات بوليس العاصمة حسب التقاليد المتبعة منذ انشاء المدرسة قبل أكثر من قرن. لكن الحكمدار فوجىء بمدير المدرسة يطلب منه مصافحة 199 من الطلاب وعدم مصافحة خريجة واحدة معللا ذلك باسباب دينية.

وحسب مصادر قريبة من الواقعة، فإن السير ايان لم يع ألامر اهتماما كبيرا، خاصة وانه يلتقي بصفة مستمرة بكثير من المسلمين البريطانيين، وبعض النساء، وهم اقلية بسيطة بين مسلمات بريطانيا، يرفضن ملامسة جلد يدهن العاري لكف رجل، لكنهن عادة يصافحن الرجال الغرباء بارتداء الجوانتي ( قفاز نسائيئ من القطن او الحرير)؛ ظنا منه انها ربما طلبت من رؤسائها عدم المصافحة لان يدها عارية.

وكانت حكمدارية بوليس العاصمة، بذلت جهدا كبيرا وخصصت ميزانية لمصممي ألازياء، حتى جاؤوا بزي اسلامي لنساء البوليس هو حجاب ( طرحة او ايشارب اسود) يغطي الكاب وعليه شريط بالمربعات ألابيض والاسود، تماشيا مع يونيفورم البوليس، وتزويد الشرطيات ايضا بقفاز غير سميك اذا ماإحتككن برجال.

وقد بدأ استخدام اليونيفورم ألاسلامي عام 2001 وكانت سكوتلانديارد قالت قبل عامين ان يونيفورم نساء البوليس ألاسلامي اختياري، وبالفعل لاتلتزم به كل الشرطيات المسلمات، والبالغ عددهن في العاصمة 20.

لكن ماثار الشكوكك، وحفيظة السير ايان، هو رفض الخريجة موضوع النزاع التقاط المصور لصورتها معه، مثلما يفعل كل الخريجين، الذين يحرصون على التقاط الصورة لعرضها على اسرهم، واحيانا مايضعونها في اطار في منازلهم.

وعندما سؤلت عما اذا كانت معتقداتها تمنعها من الوقوف امام الكاميرا، خاصة وانها لم تثير الأمر عندما التقطت لها عشرات الصور اثناء التدريب، قالت انها لاتريد ان تستغل سكوتلانديارد صورتها مع حكمدار البوليس لأغراض دعائية.

وقال مصدر من البوليس ان السير ايان غضب وشعر بخيبة الأمل، حيث انه شخصيا كان وراء حملة التوسع في توظيف المسلمات في قوة بوليس العاصمة البالغ عدد افرادها 35 الفا ، 300 من المسلمين، حيث سيهسل تعامل الشرطيات المسلمات مع مواطنات مسلمات، قد يجدن حرجا دينيا في التعامل مع رجال البوليس الذكور في التحقيق في حوادث تتطلب الدخول لمنازلهن، او اثناء حوادث المرور وغيرها.

ورغم غضب السير ايان، فانه اكمل حفلة التخرج، والتي حضرها مئات من اقارب واهالي الخريجيين، لكنه اصر على اجراء تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية، وكيفية التعامل مع المسلمات.

واكدت مصادر سكوتلانديارد ان التحقيق لايستهدف معاقبة الشرطية بقدر ماسيساعد الحكمدارية الى تعديل او ضبط اللوائح الداخلية للتعامل مع المسلمات، خاصة وان هذه المشلكة لم تظهر في تاريخ البوليس من قبل. كما وان رؤساء الشرطة في حيرة من امرهم، فهي من ناحية تؤكد ان ممارسة المعتقادات الدينية لن تحول دون القاء القبض على الذكور، وهو امر عادة مايتطلب مصارعتهم و ملامسة اجسامهم؛ ومن ناحية اخرى تصر على ارتداء الحجاب وترفض مصافحة الزملاء والرؤساء الرجال - و المصافحة بين الجميع عند التعارف واللقاء الأول هي جزء اساسي لايتجزأ من الثقافة التاريخية القومية التقليدية للمجتمع البريطاني.

وفي حادثة التخرج، فوجيء القائمون على المدرسة بالطلب الذي ليس له سابقة، وبسبب غياب هذه النقطة من اللوائح، فانهم قبلوا طلب الشرطية، تجنبا للأحراج، و كي لاتثار مشلكة تفسد متعة مئات المدعويين من اسر الخريجيين ولذا، تقول مصادر سكوتلانديارد، إن التحقيق سيتضمن ايضا الحصول على اراء فقهية واستطلاع اراء رجال ونساء البوليس المسلمين للخروج بلوائح جديدة.

وحسب زميلات للشرطية، فإنها اكدت انها تضع واجبها ألاول في حماية المواطنين وممتلكاتهم قبل معتقداتها الشخصية لكنها ستفعل العكس عندما تسنح الظروف بالأختيار في مواقف شخصية كما حدث اثناء حفلة التخرج.

لكن كبير مفتشي سكوتلانديارد المسلم، علي ضيائي، وهو يحتل واحد من ارفع المناصب البوليسية على المستوى القومي البريطاني، قال ان مثل هذه المعتقادت والقيم، والتي يتعاطف معها على المستوي الشخص بشكل بالغ، ستؤثر ولاشك في رتيه على قرة الشرطية، وغيرها من الملتزمين بتشدد بذلك، في اداء العمل المطلوب على الوجه المرضي الذي يتوقعه دافع الضرائب الذي يمول البوليس.

وقال المفتش ضيائي لصحيفة الصن الشعبية، اوسع صحف العالم انتشارا على ألطلاق و الناطقة بالأنجليزية، انه لايرى كيف ستتمكن ضابطة شرطة من اداء عملها وواجبها بشكل فاعل في شوارع لندن، وهي تلتزم بمثل هذه المعتقدات.

ومثلا كثير مايضطر رجال ونساء البوليس الى القيام بتنفس اصطناعي بوضع الفم على الفم ونفخ الهواء في الرئتين، وقد يكون الضحية من الجنس الآخر، وقد يتطلب ألأمر خلع الملابس والقفز في الماء لأنقاذ شخص من الجنس ألاخر من الغرق وغيرها مما سيتطلب ملامسة اجسام ذكورعارية في بعض ألحوال.

وكان الشيخ ابراهيم مغرى، من المجلس ألسلامي البريطاني اول رجل دين يقدمم رأيا فقهيا في الموضوع بقوله، ان الشريعة مرنة في مسألة الأولويات وعدم ألالتزام بهذه المعتقدات عند الضرورة، فاذا طلب من الشرطية ان تنقذ حياة رجل اطلق عليه النار مثلا وينزف، فعليها ان تنسى كل شيء في سبيل انقاذ حياته. ومع اصرار سكوتلانديارد على التكتم على شخصية الشرطية موضع النزاع، لم تتمكن ايلاف من معرفة وجهة نظرها مباشرة.