إيلاف من الرياض: بقدر ما كان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز صريحاً في حديثه الأخير لصحيفة السياسة الكويتية، من خلال تأكيده على سياسة الرياض التاريخية من عدم التدخل في شؤون الغير، بقدر ما يتبين من ذلك جدية الخطوات الأمريكية اتجاه العبث الإيراني في المنطقة، والتمدد الذي بات يقلق الخليج بأكمله.
فأجوبة العاهل السعودي جاءت حاسمة على صعيد عدم تشكل محور مصري ـ سعودي ـ أردني يكون في مواجهة المحور الإيراني ـ السوري، ليدحض أي تصريحات من هنا أو هناك، خاصة تلك التي خرجت من طهران، تزعم وجود تدبير أو خطط تنسج بالتنسيق مع العواصم الثلاث لتطويق التمدد الإيراني، ولكن العاهل السعودي أضاف في حديثه ليبين وبوضوح أن quot; أي دولة تلجأ إلى ارتكاب أعمال غير حكيمة هي التي ستتحمل مسؤولية أعمالها أمام دول الإقليمquot;، لأن المخاطر عندما تقع quot; ستقع علينا كلناquot;. ولعل هذه التطمينات الصريحة، والتفاهم المتبادل ساعد الرياض أن تجري اتصالات سريعة يوم الخميس الماضي بطهران لاحتواء الموقف في لبنان، علما أن البراغماتية الإيرانية في التعاطي السياسي تجعل جميع الأبواب مفتوحة مع أي طرف، مهما بلغت قسوة التصريحات العلنية بإزالة إسرائيل من الوجود، أو التبشير بسقوط الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقد واحد من الزمان.
ويأتي هذا النفي السعودي في ظل ابتعاد سوري عن التنسيق العربي الثلاثي، ليعلق الجرس بأن الرياض تلك العاصمة العروبية الإسلامية لن تكون يوماً في محور يفترض العداء ضد الآخرين، رغم الجفاء البيّن والتنسيق غير المتوفر في الظروف الحالية.
الهم الأول تنمية الداخل
عندما برر العاهل السعودي الرؤية السعودية اتجاه عدم التدخل في شؤون الغير علل ذلك للمبعوث الإيراني علي لاريجاني بـأن السعودية مشغولة أولا والآن ببذل جهد مكثف لبناء الداخل السعودي، ولـ quot;تنمية بلدنا وشعبنا واقتصادناquot;، ويأتي ذلك بعد أن تجاوزت السعودية مواجهة حقيقية على أرضها مع الإرهاب منذ عام 2003م، استطاع من خلالها رجال الأمن استباق العمليات الإرهابية حتى قبل وقوعها، وتحملت فيها البلاد عبئاً اقتصادياً، وجدلا اجتماعياً عميقاً لمحاولة إيجاد حلول جذرية لتلك الظاهرة. ليذكر ذلك بالموقف السعودي اتجاه حرب لبنان الأخيرة في تموز، عندما صدر البيان السعودي من مصدر رسمي يتبنى فيه موقفاً جريئاً لم يعتد عليه الإعلام السعودي باعتبار تلك الحرب quot; مغامرةquot; سيكون الخاسر الأكبر فيها لبنان الدولة التي كانت في حينه بانتظار نحو مليون سائح.
إلى التنمية الخليجية
ابتداء بالتنمية الداخلية وصولا إلى التنمية المشتركة مع دول الجوار الجغرافي، ليعدد العاهل السعودي تلك الهموم التنموية على الصعيد الخليجي ككل، مؤكداً أن أبرز الطموحات الحالية لدول المنطقة هو رغبات شعوبها بإصدار قرارات quot;تتناول تعاملاتهم الحياتية اليومية، كاستخدام العمالة المحلية، والتنقل الحر بالبطاقة، والتملكquot;، وأضاف quot;إننا نتطلع إلى أن تكون دولنا مفتوحة على بعضها البعض، وتشكل سوقاً للتجارة، تتيح الانسياب المرن لتنقل الأشخاص والبضائع وتبادل المنافع، ومكاناً للترابط الاقتصادي والإستراتيجي quot;.
التعليقات