دكار: يقول محللون إن قوات حفظ السلام من الإتحاد الأوروبي المتوجهة إلى شرق تشاد ستقع في فخ بما تعنيه الكلمة على الصعيد السياسي والعرقي الأمر الذي يمكن أن يورطهم في صراعات إقليمية معقد اخذة في الانتشار بالفعل عبر الحدود. يسلط تصاعد أعمال القتل العرقية في شرق تشاد مؤخرا الضوء على المخاطر والحساسية التي تنطوي عليها مهمة الاتحاد الاوروبي المزمعة والتي تسبق انتشارا أكبر بكثير لقوات حفظ سلام من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في اقليم دارفور الذي يمزقه العنف بالسودان.
ومن المقرر أن يبدأ ما يصل الى 3000 جندي أوروبي نصفهم تقريبا من الفرنسيين بقيادة قائد عسكري ايرلندي الانتشار في شرق تشاد وشمال شرق جمهورية افريقيا الوسطى بحلول منتصف نوفمبر تشرين الثاني. وابتليت كلتا المنطقتين بانتشار العنف الناجم عن أزمة دارفور المستمرة منذ أربع سنوات. وفي تشاد سيحاول جنود الاتحاد الاوروبي تأمين منطقة وعرة في شرق البلاد أصبحت فيها النزاعات القبلية وهجمات الكر والفر على طريق حرب العصابات نمطا وأسلوب حياة ينفذها مقاتلون يعتمرون عمائم على ظهور الجياد أو الجمال أو الشاحنات البيك أب.
وقال باتريك سميث وهو رئيس تحرير quot;افريكا كونفيدنشالquot; ومقرها في لندن quot;ينعدم الاستقرار في المنطقة بشكل مروع والجماعات المسلحة تعبر الحدود وتتفرق وتتجمع من جديدquot;. وسوف تشمل المهمة التي أجازتها الامم المتحدة الى تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى 300 شرطي من الامم المتحدة و50 ضابط اتصال عسكريا. ومنحت المهمة التفويض لكي تتخذ quot;كل الاجراءات اللازمةquot; لحماية المدنيين واللاجئين وموظفي الاغاثة وتساعد في توصيل المساعدات الانسانية.
وتطالب الوكالات التابعة للامم المتحدة التي تتولى رعاية 400 ألف لاجيء سوداني ونازح تشادي في شرق تشاد الذي ينعدم فيه القانون بحماية دولية منذ عدة سنوات. وقال مفوض الامم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريز في بروكسل quot;وقع عدد كبير من الحوادث في الماضي القريب فقد قتل عدة لاجئين وأصيب موظفو اغاثة انسانية وخطفت سيارات ونهبت مستودعات (للسلع) وسرقت معدات وعليه فان وجود هذه القوة مهم للغايةquot;. ولن تدخل الفرقة التابعة للاتحاد الاوروبي في صراع واحد ولكن في صراعات متعددة على الارض تغذي بعضها بعضا.
وعلى مدار العامين الماضيين تعرض شرق تشاد لغارات عبر الحدود شنتها ميليشيات عربية قادمة من دارفور وشهد اشتباكات بين جماعات عربية وأخرى غير عربية وهجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات ينفذها متمردون تشاديون يقاتلون للاطاحة بالرئيس ادريس ديبي. وقالت سالي تشين وهي محللة في مؤسسة مجموعة الازمات الدولية quot;تدخل قوات حفط السلام في كل من تشاد ودارفور أماكن لا يوجد فيها سلام واضح للحفاظ عليهquot;.
ورغم توقيع جماعات التمرد الرئيسية في تشاد مؤخرا على اتفاق مبدئي للسلام مع حكومة ديبي قال بعض المتمردين المتضجرين انهم سيهاجمون قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الاوروبي اذا وقفوا في طريق عملياتهم العسكرية. وقال سميث quot;اذا أصبحت قوة الاتحاد الاوروبي هدفا (لهجمات) فانها قد تتسبب في مشاكل أكثر من الحلول.quot;
ومع اقتراب نهاية موسم الامطار في شرق تشاد ودارفور يتزايد خطر العنف على غرار ما حدث في العام الماضي عندما شن متمردون تشاديون سلسلة من الغارات الخاطفة. وقالت تشين quot;مع وضع انعدام الاستقرار في شرق تشاد بشكل عام في الاعتبار وتهديدات المتمردين فان هناك احتمالا بأن تخوض قوة الاتحاد اختبارا ماquot;.
ويشعر بعض المحللين أن الوجود الفرنسي منذ فترة طويلة في تشاد حيث تحتفظ بفرقة عسكرية وسرب جوي من طائرات ميراج هناك والعدد الكبير من الجنود الفرنسيين في قوة الاتحاد الأوروبي قد يعرض حياد مهمته للخطر. وكان للقوة الجوية الفرنسية فضل المساعدة في صد هجوم للمتمردين ضد ديبي في العام الماضي وساعدت الطائرات والقوات الخاصة الفرنسية جنود جمهورية افريقيا الوسطى في تطهير منطقة في شمال شرق البلاد من المتمردين في عام 2006. لكن البعض الآخر يعتبرون ان الوجود الفرنسي يعطي قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الاوروبي قوة عسكرية تحتاجها بشدة لمنع وقوع هزيمة على غرار الهزيمة التي تكبدتها قوات الاتحاد الافريقي في دارفور في الشهر الماضي عندما اجتاح متمردون مشتبه بهم أحد معسكرات هذه القوات وقتلوا عشرة أشخاص.
وقال اليكس دي وال وهو كاتب وخبير في شؤون دارفور quot;كل من يتولون قيادة قوات الاتحاد الأوروبي سيجدون الفرنسيين يلاحقونهمquot;. ويقول معظم المحللين إن السلام الدائم في تشاد ودارفور مستحيل دون اقرار تسوية سياسية شاملة. وقال برايان تومسون من مؤسسة كاتهام هاوس البحثية البريطانية quot;لا أعتقد أننا كنا سنشهد صراعا في تشاد لولا الصراع في دارفور.. الاثنان مرتبطان بشدة.quot; وهذا يضاعف الرهانات على مهمة الاتحاد الاوروبي. وقال سميث quot;لو فشل انتشار قوات الاتحاد الاوروبي فسيكون هذا فألا سيئا للغاية بالنسبة لمهمة دارفورquot;.
التعليقات