باريس: وصف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الروابط التي تجمع فرنسا والمغرب بأنها متميزة. وقال ساركوزي، في حوار خص به الزميلة quot;لوماتانquot;، تنشره quot;المغربيةquot; بالتزامن، إن جلالة الملك محمد السادس شرفه بدعوته إلى القيام بزيارة دولة إلى المغرب, في وقت غير بعيد من تشكيل الحكومة، وافتتاح الدورة البرلمانية الجديدة. وزاد قوله quot;أنا مسرور بالقيام بأول زيارة دولة إلى المغرب, البلد الذي أعرفه جيدا. وكان أول شيء قلته لجلالته إنني أتمنى للصداقة الفرنسية المغربية -وقد لاحظت قوتها حينما كنت وزيرا للداخلية- أن تكون في صميم علاقة مكثفة باستمرار ومتنوعة, بين بلدينا وشعبينا.
وفي معرض حديثه عن الزيارة، التي تبدأ اليوم الاثنين، قال الرئيس الفرنسي إنها ستكون مناسبة لتبادل وجهات النظر مع رؤساء المقاولات الفرنسيين والمغاربة, حول أفضل الطرق الكفيلة بتقوية العلاقات الاقتصادية. وأوضح أن الزيارة ستكون غنية ومكثفة, إذ quot;سنناقش كل المواضيع التي تعتبر عزيزة علينا, وسنتخذ مجموعة من الالتزامات المهمة بالنسبة إلى المغربquot;. وتنشر جريدة quot;إيلافquot; الحوار بالتزامن مع الجريدة المغربية.
أجرى الحوار: حسن العلوي
*** نود أن نشكركم جزيل الشكر على تخصيص quot;لوماتانquot; بهذا الحوار. هل يمكنكم أن تحددوا لنا, إجمالا, إطار زيارتكم إلى المغرب؟ هل هي محدودة في مواضيع ثنائية, بالنسبة إلى علاقات تعتبر متميزة من طرف الجانبين, أم أنها ستخصص أيضا لمواضيع أخرى, لقضايا جهوية ودولية على سبيل المثال؟
- إنكم على صواب. فالروابط التي تجمع فرنسا والمغرب تعتبر متميزة, حين ننظر إلى كل ما بنيناه معا. وقد شرفني جلالة الملك محمد السادس بدعوتي إلى القيام بزيارة دولة إلى المغرب, في وقت غير بعيد من تشكيل الحكومة وافتتاح الدورة البرلمانية الجديدة. وإنني مسرور بالقيام بأول زيارة دولة إلى المغرب, البلد الذي أعرفه جيدا, وذلك بعد انتخابي رئيسا. وكان أول شيء قلته لجلالته هو أنني أتمنى للصداقة الفرنسية المغربية -وقد لاحظت قوتها حينما كنت وزيرا للداخلية- أن تكون في صميم علاقة مكثفة باستمرار ومتنوعة, بين بلدينا وشعبينا.
إن الإصلاحات الطموحة التي أطلقها جلالة الملك في ميادين أساسية من أجل تحديث المغرب, تلقى المساندة المطلقة من جانب فرنسا. وإنني سأتشرف باستقبال من طرف جلالة الملك, يوم الاثنين في مراكش, حيث سنعقد أول لقاء سنستعرض فيه جميع القضايا السياسية الراهنة. وبعد ذلك سنرأس معا حفل توقيع حوالى عشر اتفاقيات مهمة, في الميادين الأكثر تنوعا. وسيؤكد ذلك عمق الامتداد الذي تتميز به شراكتنا. وسأتوجه في اليوم الموالي إلى الرباط للقاء رئيسي غرفتي البرلمان, من أجل التحدث أمام البرلمانيين المجتمعين, وهو ما يشكل أيضا شرفا كبيرا بالنسبة إلي. وآمل من وراء ذلك أن أوجه تحية إلى هذه الديمقراطية المغربية السائرة في تقدم, كما أغتنم الفرصة المتاحة لي للتعبير أيضا عن شراكتنا.
وسأتوجه إلى طنجة حيث سأزور ميناء طنجة المتوسط, الذي يشهد بصورة رائعة على النجاحات التي حققتها شراكتنا, كما ستكون لي الفرصة للتوجه بخطاب في هذا الموضوع المرتبط بالإتحاد المتوسطي, الذي أعتز به, والذي شرفني المغرب باستقباله بشكل إيجابي جدا.
وبعودتي إلى مراكش يوم الأربعاء, سأكمل زيارتي من خلال تبادل وجهات النظر مع رؤساء المقاولات الفرنسيين والمغاربة, حول أفضل الطرق الكفيلة بتقوية العلاقات الاقتصادية. وسألتقي مع جلالة الملك في كل يوم من زيارتي. وتلاحظون إذن أنها زيارة غنية ومكثفة, إذ سنناقش كل المواضيع التي تعتبر عزيزة علينا, كما سنتخذ مجموعة من الالتزامات المهمة بالنسبة إلى المغرب.
*** أطلقتم خلال حملتكم الانتخابية, وبمجرد انتخابكم رئيسا لجمهورية الفرنسية, مشروعا طموحا حول بناء اتحاد متوسطي, انخرط فيه جلالة الملك محمد السادس. هل يمكننا أن نعرف كيف أصبح المشروع, بعد ستة أشهر من الإطلاق؟ ماهي حقيقة ميزته؟
- يعتبر الاتحاد المتوسطي مشروعا أحمله, ويحظى بتأييد العديد من البلدان من بينها المغرب. وإني سعيد جدا بكون بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط تساهم في التفكير في ما يترتب عن هذا المشروع.
وفي اعتقادي يتميز اتحاد المتوسط بكونه يجمع بلدان الضفتين حول مشاريع ملموسة, إذ إن المتوسط يشكل إرثنا المشترك. ومستقبله مرتبط ببعض الميادين الأساسية التي يتعين علينا معا تحقيق تقدم فيها: وأعتقد في هذا السياق بالتنمية الاقتصادية والبيئة وحوار الثقافات, أو الأمن. وعبر هذه الضمانات الملموسة تتقوى قناعتنا المتوسطية, ونبني معا السلام والامن والتنمية في المتوسط.
وقد حقق المشروع تقدما كبيرا منذ ستة أشهر. وأشعر بالسعادة لكوني حصلت على تأييد من جلالة الملك محمد السادس, ضمن المساندات الأولى التي حظي بها المشروع. وسأستمع باهتمام إلى مقترحات جلالته اعتبارا من اليوم. إن المغرب يعد في نظر الجميع بلدا مثاليا عرف كيف يرسخ علاقة قوية مع أوروبا, ومساهمته في الإتحاد المتوسطي لن تكون أقل وزنا.
*** الهجرة موضوع مقلق في الحقيقة, لكنه أصبح في ظرفية تنظيمية وسياسية جديدة, خصوصا بعد المصادقة على الاختبارات الطوعية للحمض النووي, ويعارضها جزء من الطبقة السياسية والمجتمع المدني. هل يشكل هذا النظام الجديد حلا يستهدف سكان إفريقيا والمغرب العربي, كما يدعم ذلك البعض؟ ما هو الأساس الذي ينطوي عليه الهدف؟
- الهجرة رهان فرنسا الأكبر والوضعية الحالية غير مرضية: فالهجرة الشرعية أضحت قليلة، والتنقل الطبيعي للأشخاص يواجهه المزيد من الإكراهات، في الوقت الذي نجد الهجرة السرية تتفاقم, لأن البعض لايريد احترام القوانين، والمتاجرون في البشر والذين هم المجرمون الحقيقيون، يغتنون على ظهر البؤساء، الذين غالبا ما يموتون قبل الوصول إلى الضفة الأوروبية. أما الأجانب الذين يعمدون إلى دخول فرنسا بصفة شرعية سواء لفترة قصيرة أو بصفة دائمة فهم يقعون رهينة.
أتمنى أن يجري انتقاء المهاجرين الذين يريدون المكوث لمدة طويلة في فرنسا، انتقاء يأخذ في الاعتبار قدرات الاستقبال لبلادنا وحاجياتنا في المجال الاقتصادي. وهذه الحاجيات تكمن في أن فرنسا في حاجة إلى مختصين في مجالات البناء والفندقة والإعلاميات، فقط، 11 ألف أجنبي استقبلوا في فرنسا برسم 2006، لأسباب مهنية. إن إرادتنا أن ننقل الهجرة المهنية من 7 في المئة إلى 50 في المئة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يقطنون في فرنسا.
من هذا المنطلق فإن مشروع القانون الذي تتحدثون عنه يهدف إلى ضمان الحق في حياة عائلية عادية يطبق في إطار احترام قدرات الاستقبال والاندماج في فرنسا. وهذا المشروع يرى أن التجمع العائلي مرتبط بدرجة معرفة اللغة الفرنسية وقيم الجمهورية وكذا شروط الموارد. لأنه من الأجدر أن يطرح مشكلة الاندماج للمرشحين في القريب العاجل وليس الانتظار إلى حين أن يطرح المشكل. المطلوب من طالبي التجمع العائلي أن يندمجوا في بلادنا، ويعني مدهم بجميع فرص النجاح. لنتحدث الآن عن فحص الحمض النووي الصبغي المؤتلف، الذي أعرف، أنه محور الانتقادات في بلادكم، وكذلك البعض في فرنسا. إن إدراج هذا الاختبار في مشروع القانون هو بمبادرة من البرلمان. وأحترم هذا الشرط، لأنه جرت مواجهته, وفي الأخير صودق عليه في المؤسستين معا. قالوا عنه الكثير من الغلط على هذا التعديل. فبماذا يتعلق الأمر بالضبط؟ إنه يتعلق بأن نخول للأشخاص الذين يطلبون الالتحاق العائلي والأشخاص المتطوعين أن يبرهنوا على انحدارهم وألا يخاطروا في أي وقت بأن يواجهوا تهمة أو شكا في اللجوء إلى الغش. نحن نعرف، أن الغش في الوثائق يوجد في بعض البلدان. وفحص الحمض النووي معمول به في عدد من البلدان الاوروبية.
*** مشكلة الصحراء تجمد وتهدد أيضا قيام المغرب العربي الذي يعتبر أحد أهم ركائز بناء الفضاء المتوسطي الذي تودون تحقيقه، ترى ما هو أهم طرح سياسي تقدمت به فرنسا من أجل حل تفاوضي داخل الأمم المتحدة في هذا الإطار، وما هو الدور الممكن أن تلعبه أو عليها النهوض به بغية تفعيل مسلسل التطبيع وبناء هذا الصرح الجهوي؟
- بالنسبة إلى ملف الصحراء، فإن فرنسا تعبر عن ارتياحها النابع من كون طرفي النزاع شرعا في المحادثات على أساس قرار مجلس الأمن 1754. وفي اعقاب الجولة الأولى من المحادثات في مانهاست، تود فرنسا أن يكون هناك التزام بتفاوض حقيقي حول عمق المشكلة. فماذا يمكن أن يترتب عن حسم سياسي لمشكلة الصحراء؟ إن القرار 1754 تطرق إلى الحكم الذاتي المقترح من قبل المغرب واصفا إياه بالبناء والمتسم بالمصداقية. وهذا ما يعتبر وجهة فرنسا أيضا. وبالنسبة إلينا فإن الحل السياسي لمشكل الصحراء يمثل ضرورة ظلت تنتظر طويلا: والرهان هو إعادة إعطاء أفق للسكان المحليين الذين بقوا جانبا والتصدي لتزايد نشاط شبكات التهريب بمختلف الأشكال، التي تهدد المنطقة وتستهدف أوروبا، وأيضا مواجهة خطر الإرهاب الذي يجب ألا يستهان به ولا استبعاده. وبعد ذلك، فإن النتائج المنتظرة من تسوية هذا المشكل، تبقى هي انطلاق بناء اتحاد المغرب العربي وتحقيق تطور نحو اندماج جهوي يكون في صالح الجميع.
*** تعتبر العلاقات الفرنسية المغربية في نظر الجميع ممتازة. كما أن التعاون الاقتصادي والمالي والتجاري يمثل نموذجيا بين البلدين، وإضافة إلى ذلك تضاعف استقرار الجالية الفرنسية في المغرب. فماذا يمثل المغرب بالنسبة إلى فرنسا الجديدة التي تسيرونها؟
- المغرب يعتبر بالنسبة إلى فرنسا شريكا من المستوى الأول. والأرقام تبرز هذا المعطى, إذ إن فرنسا تمثل المستثمر الأول في المغرب ب 60 في المئة من معدل الاستثمارات الخارجية منذ سنة 2000، كما أنها واثقة من مستقبل المملكة. وأضيف أن المقاولات الفرنسية في المملكة بلغت 500 مقاولة، وتشغل في المجموع 180 ألف شخص، وهي بذلك تساهم في التنمية وتشهد على جاذبية المغرب.
سأكون مرفوقا خلال زيارتي بعدد من المقاولين الفرنسيين، وسأقوم بزيارة ميناء طنجة المتوسط الذي اختارت مقاولات فرنسية كبرى الاستثمار فيه، وأدعم التحالف الحاصل بين رونو ونيسان، وهو المشروع الذي يعكس الالتزامات الملقاة على فاعلينا في المغرب. وفي الرباط سأزور أيضا أشغال تهيئة أبي رقراق، حيث تتوفر مقاولاتنا على مشاريع. وكل هذا يعتبر بالنسبة إلى فرنسا مؤشرا على مغرب متحرك، على مغرب تواصل فرنسا دعمه. إن وجود فرنسا في المغرب هو دعم للتنمية ب 200 مليون أورو سنويا، وجالية تفوق 32 ألف مقيم فرنسي مسجلين، و 30 مدرسة تدرس 27 ألف تلميذ. فمن جانب, لديكم في المغرب أوراش ضخمة للإصلاح أطلقها العاهل المغربي, ومن جانب آخر حضور فرنسي وازن: والمعادلة بسيطة, وقراري هو وضع كامل قوانا في خدمة تنمية المغرب.
عن جريدة quot;لوماتانquot; المغربية
التعليقات