صنعاء: فيما حذر خبراء وناشطون من احتمال ارتفاع نسبة عمالة الأطفال في اليمن نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، كشف تقرير رسمي أن عمالة الأطفال في اليمن تنمو بمتوسط 3 بالمائة سنوياً من إجمالي عدد الأطفال العاملين مادون سن الـ12 عاماً، تشكل الإناث نسبة 51 بالمائة. مصرع 60 لاجئا صوماليا غرقا في مياه خليج عدن
وأشار التقرير الذي أعدته لجنة حقوق الإنسان والحريات والمجتمع المدني بمجلس الشورى إلى أن عمل الأطفال يتركز بصورة مكثفة في المجال الزراعي بنسبة 92 بالمائة، فيما يعمل 4.8 بالمائة في مجال الخدمات و2.5 بالمائة منهم يشكلون عمالة غير محترفة.
وفيما أوضح التقرير أن بعض الأطفال يعملون لمدد تصل إلى 17 ساعة في اليوم ويتقاضون أجوراً زهيدة، دعا معدو التقرير الجهات الحكومية إلى تكثيف جهودها في هذا المجال، معتبرين أن جهود الحكومة لا تزال دون المستوى المطلوب.
وبحسب إحصائية حكومية 2003 فإن تعداد الأطفال العاملين يبلغ أكثر من 3.2 ملايين طفل وطفلة. ويحظر القانون اليمني عمل الأطفال في مهن خطيرة حددها القانون بـ72 مهنة، وكذا عمل الأطفال لمدد زمنية تزيد عن 6 ساعات ويعاقب أصحاب العمل المخالفين بالحبس لمدد تصل إلى 10 سنوات. وقالت مديرة مركز إعادة تأهيل الأطفال العاملين، وهو مركز غير حكومي محلي، صفية الصايدي، في تصريح لـquot; السياسيةquot;: أن الوضع في اليمن أصبح مزرياً، فنسبة عمالة الأطفال في ارتفاع بسبب تدهور الوضع الاقتصادي للكثير من الأسر، مما يجعل العديد من الأطفال يعتقدون بأن عليهم أن يعملوا ليساعدوا في تحسين دخل ذويهم.
كما ساهمت عمالة الأطفال في زيادة نسبة الانقطاع عن الدراسة، بحسب مدير المدرسة الديمقراطية بصنعاء، جمال الشامي، قائلا إن هناك حوالي مليوني طفل منقطعون عن الدراسة، موضحاً بأن معظمهم سينتهي بهم الأمر إلى الأمية.
وبينما يحدد العرف الدولي سن الرشد القانوني في 18 عاماً، ينص القانون اليمني على أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 15 سنة فقط يعتبرون أحداثاً.
ومن المنتظر أن يوافق البرلمان على رفع سن الرشد القانوني من 15 إلى 18 سنة. ويرى الخبراء بأن الأمر الذي يثير القلق هو التأثير النفسي لبيئة العمل على الطفل العامل، حيث قال: إن العنف يولد العنف، وبتعرض الطفل العامل للعنف وسوء المعاملة سواء في البيت أو في العمل، فإنه سيصبح عنيفاً تجاه المجتمع.
* الأخطار
وتقول الصايدي إن بعض الأطفال العاملين يتعرضون أيضاً لأخطار أخرى سواء من قبل آبائهم، أو في الشارع أو في محل العمل. كما أنهم عادة ما يصبحون عرضة لملاحقة موظفي البلدية. كما يعمل بعض الأطفال في حمل أغراض ثقيلة مثل أكياس الإسمنت والطعام، مما يسبب لهم العديد من المشاكل الصحية.
وقال العقيد علي عوض فروة، مدير وحدة شؤون النساء والأحداث بوزارة الداخلية اليمنية، إن الطفل إذا حمل أكثر مما يستطيع فإن الضرر قد يلحق بجسمه وعموده الفقري.
ومن الأمثلة على مخاطر العمل ما أصيب به سليم عباس، 14 عاماً، الذي يعمل هو وأخوه في ورشة نجارة لمساعدة والديهما على تحسين دخل الأسرة. فقد جمال إحدى ذراعية بسبب آلة المنشار الحادة، حيث قال عن ذلك: بعد أن عملت في الورشة لبعض الوقت، ونتيجة لضغط العمل الذي أفقدني عدم التركيز وصل المشنار إلى يدي وقطعها من الرسغ. وكان سليم يأمل أن يصبح طبيباً أو طياراً ولكن فرصة تحقيق حلمه هذا قد تبخرت.
* تعداد 2008 يحصي الأطفال العاملين
البرنامج الدولي لمكافحة عمالة الأطفال الذي بدأ عمله في اليمن عام 2000، أوضح أنه تمكن من تأسيس وحدات للإشراف على مكافحة عمالة الأطفال في العديد من الوزارات الحكومية، كما أسس مركزين لإعادة تأهيل الأطفال العاملين في صنعاء ومدينة سيئون.
وقال المسؤول المالي والإداري بالبرنامج إن البرنامج وقع اتفاقا مع الجهاز المركزي للإحصاء، وهو مؤسسة حكومية، لإحصاء الأطفال العاملين خلال تعداد 2008 للسكان.ووفقاً له، فإن الأطفال العاملين يتمركزون في صنعاء وتعز وحجة وحضرموت وعدن، كما يتم تهريب مئات الأطفال إلى السعودية لاستغلالهم كأيد عاملة رخيصة، حسب الخبراء. وفي دورته حول عمالة الأطفال قال برلمان الطفل بأن عمالة الأطفال مشكلة تحتاج إلى معالجة عاجلة. وأوصى الأعضاء الحكومة بإصدار قوانين تنص على معاقبة الأسر التي تدفع بأطفالها إلى العمل، وتأسيس مراكز في جميع أنحاء البلاد لإعادة تأهيل الأطفال العاملين، وتحديث كل القوانين الخاصة بعمالة الأطفال.
ويشكل الأطفال نصف سكان اليمن البالغ عددهم 21 مليون نسمة، ويعيش 43 بالمائة منهم تحت خط الفقر المحدد في 2 دولار، وفقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2005.
التعليقات