باريس: يستغل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي زيارته الرسمية الأولى للولايات المتحدة هذا الأسبوع لإظهار أن فرنسا أصبحت شريكا أوروبيا ملتزما بعد معارضتها الشديدة لغزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. وسيلتقي الرئيس الأميركي جورج بوش بساركوزي يومي الثلاثاء والاربعاء في واشنطن قبل ايام من استقباله للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل في مزرعته في كروفورد يوم الجمعة.

وشاب التوتر علاقة كل من فرنسا والمانيا مع واشنطن عندما انتقد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والمستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق للاطاحة بصدام حسين. وتحركت ميركل على وجه السرعة لاصلاح العلاقات عندما تولت السلطة قبل عامين. ولكن دبلوماسيين اميركيين يقولون ان خلافات صغيرة بدأت تظهر في قضايا تتراوح من برنامح ايران النووي الى افغانستان وكوسوفو حيث بدأ منهج ميركل الحذر والذي يميل الى توافق الاراء يثير ضيق واشنطن.

وفي هذا السياق ومع خروج توني بلير حليف بوش الاوروبي المفضل من رئاسة الوزراء في بريطانيا وتركه المنصب لجوردون براون الاقل انقيادا يقول محللون ان ساركوزي اصبح له دور محوري بالنسبة لواشنطن. وقال ستيفن زابو من صندوق مارشال الالماني في واشنطن quot;ساركوزي غير المعادلة حقيقة ووضع المزيد من الضغوط على ميركل. فهو متشدد مع ايران مما يعني انها لم يعد بوسعها مواصلة الاختباء خلف الفرنسيين. لم يعد الالمان الشريك الرئيسي الوحيد للولايات المتحدة في اوروبا.quot; ولكن على الرغم من جهود برلين وباريس لتجديد العلاقات مع الولايات المتحدة فمن غير المرجح ان يتنافس ساركوزي وميركل فيما بينهما.

وقال برونو ترتريه وهو كبير باحثين في مؤسسة الابحاث الاستراتيجية في فرنسا quot;لا اعتقد ان هناك اي تنافس على موقع افضل صديق لجورج بوش.quot; وأضأف quot;اولا لان الادارة الاميركية هي في عين الاوربيين ادارة عاجزة عن الحركة الى حد بعيد. ولم يبق لادارة بوش سوى عام واحد في السلطة. والسبب الثاني هو انه لا توجد فوائد سياسية داخلية يمكن الحصول عليها من الظهور بالقرب من الادارة الاميركية قدر الامكان.quot; وتقود ميركل quot;تحالفا موسعاquot; هشا من المحافظين والديمقراطيين الاشتراكيين حيث تتسم بعض القضايا التي يمكن أن ترضي واشنطن مثل قضية اعادة انتشار القوات الالمانية في جنوب افغانستان بالحساسية.

وفي فرنسا لا تزال معارضة الناخبين للاستراتيجية الاميركية في العراق شديدة. ووصف الاشتراكيون ساركوزي الذي يحب نمط الحياة الاميركي والتقى ببوش بصورة غير رسمية اثناء عطلته في الولايات المتحدة هذا الصيف بانه quot;كلب بوش المدللquot; قبل ان يتولى السلطة. ويقول مسؤولون ان طموحات ايران النووية ستكون ضمن الموضوعات التي تتصدر جدول الاعمال في محادثات كل من ميركل وساركوزي مع بوش.

واتفقت الدول الثلاث الى جانب روسيا والصين وبريطانيا يوم الجمعة على المضي قدما بالعمل على فرض جولة ثالثة من العقوبات الدولية على طهران ما لم تشر تقارير هذا الشهر الى ان طهران حاولت التصدي لبواعث قلقها بشأن برنامجها النووي. ويبدي ساركوزي استعدادا اكبر من الرئيس السابق جاك شيراك لممارسة ضغوط على ايران بشأن القضية النووية.

وفي تباين مع ذلك يقول مسؤولون ان المانيا هي الاقل تشددا بين القوى الاوروبية الثلاث التي تقود الجهود الدبلوماسية لاقناع ايران بتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم. ويقول زابو من صندوق مارشال الالماني quot;ايران هي القضية رقم واحد ومن المثير للاهتمام ان ساركوزي سيقوم بزيارته اولا. وستأتي ميركل الى الاجتماع وهي تواجه قدرا كبيرا من الضغوط من اجل المزيد من العقوبات. انها في وضع صعب.quot; ويقول مسؤولون اميركيون ان العلاقات الامريكية الفرنسية تشهد رسوخا جديدا.

وقال نيكولاس بيرنز وكيل وزارة الخارجية الاميركية في باريس هذا الاسبوع quot;تغير الاتجاه حقيقة في هذه العلاقة.quot; والى جانب ايران من المتوقع ان يثير الزعيمان الاوروبيان ايضا مع بوش قضايا من بينها كوسوفو وحلف شمال الاطلسي وخطط الدرع الصاروخية الامريكية في اوروبا.