بيروت: تشكل عملية إعادة بناء مخيم نهر البارد، الذي تعرض لدمار شامل خلال نزاع استمر ثلاثة أشهر بين الجيش والمقاتلين الإسلاميين، واحداً من أكبر المشاريع الإنسانية التي تبنتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وعن هذا الموضوع، قالت كارين أبو زيد، المفوض العام للأونروا، في مؤتمر صحافي في بيروت: quot;لم أشهد مشروعاً بهذا الحجم طوال العقود التي عملت فيها مع الأمم المتحدة، فإعادة بناء نهر البارد سيكون أحد أكبر المشاريع الإنسانية التي تولتها وكالتيquot;.

وكانت أبو زيد تشير إلى quot;المخيم القديمquot;، الذي يقع على مساحة كيلومتر مربع داخل حدود الأونروا، وليس إلى quot;المخيم الجديدquot; الموسع في الشمال الذي لا تملك الأونروا أية سلطة عليه، والذي شهد أيضاً دماراً شديداً نتيجة المواجهات في بداية العام.

وبينما تحولت كل مباني المخيم القديم إلى حطام، قدرت أبو زيد بأنه يمكن ترميم حوالى 65 بالمئة من مباني المخيم الجديد، ولكنها أكدت في الوقت نفسه بأن quot;حجم الدمار فاق كل التوقعاتquot;.

ولم تتسبب المواجهات بين الجيش ومقاتلي فتح الإسلام في إلحاق الدمار بالبنايات فقط وإنما تعدتها لتدمر البنية التحتية للمخيم وإجبار حوالى 40000 من سكانه على الفرار. وقد بحث العديد من هؤلاء على الأمن في مخيم البداوي شديد الاكتظاظ والذي يقع على بعد 10 كلم جنوباً.

وكانت المواجهات بين الجيش ومقاتلي جيش الإسلام قد بدأت في 20 مايو/أيار عندما شنت قوات الشرطة غارة على المخيم لإلقاء القبض على بعض عناصر فتح الإسلام. وردّاً على ذلك، قامت عناصر فتح الإسلام بالإغارة على نقطة تفتيش عسكرية وقتلت 33 جندياً. وأدت المواجهات التي تلت ذلك بين قوات الجيش وعناصر فتح الإسلام إلى مقتل 169 جندياً و287 مقاتلاً و47 مدنياً على الأقل.

من جهته، أكد غير بيدرسن، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، أن الأمم المتحدة ملتزمة بمساعدة المجتمعات اللبنانية التي تقيم في محيط نهر البارد والتي تضررت بدورها بسبب المواجهات.

وكانت حوالى 1000 أسرة قد عادت إلى quot;المخيم الجديدquot; منذ أن قام الجيش بفتح جزء من المخيم في 10 أكتوبر/تشرين الأول. كما قامت الأونروا ببناء مدرستين في مخيم البداوي للطلاب النازحين سيتم فتحهما خلال الأسبوع المقبل. وفي المدخل الجنوبي لنهر البارد، تم حتى الآن إيواء 96 أسرة نازحة في مساكن موقتة.

الجيش يتحكم في كل المخيمات؟

ونصت اتفاقية القاهرة لعام 1969 على أن تتولى الفصائل الفلسطينية حماية المخيمات الفلسطينية الرسمية الإثني عشر الموجودة في لبنان والتي تأوي أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم 400000 لاجئ. كما نصت الاتفاقية على ألا يتجاوز الجيش حدود المخيم. غير أن المواجهات التي دارت بينه وبين مقاتلي فتح الإسلام جعلته يفرض سيطرته على المخيمين القديم والجديد. فإعادة بناء نهر البارد سيكون أحد أكبر المشاريع الإنسانية التي تولتها وكالتي وحول هذا الموضوع، قالت أبو زيد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إن نظام الأمن الفلسطيني المستقل لم يعد ساري المفعول، مشيرة إلى أن quot;الوضع الجديد سيجعل مسؤولية ضمان أمن اللاجئين في لبنان، كما هو الشأن في باقي بلدان العالم، تقع على عاتق حكومة البلد المضيفquot;.

وأضافت قائلة: quot;سيكون هذا أفضل من وجود مخيمات مقفلة ذات أنظمة حماية خاصة بها قد تؤدي أحياناً إلى مشاكل خصوصاً في حال الفلسطينيين المقسمين إلى عدة فصائلquot;.

كما أجرت الأونروا محادثات مع الجيش بخصوص خطته لضمان أمن المخيمين الجديد والقديم بعد إعادة بنائهما ورحبت بأي خطط لفرض سيطرة الجيش على المخيمات الأحد عشر الأخرى، حسب أبو زيد.

وكانت الأونروا قد حصلت على مبلغ 26 مليون دولار من مجموع 50 مليون دولار التي طلبتها من المانحين لتمويل عمليات إعادة البناء، وقد أنفقت منها حتى الآن 8 ملايين دولار.

المصدر: شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)