الجنود يبيعون المعلومات مقابل المال
السرقات في معسكرات إسرائيل تصل للصواريخ

خلف خلف من رام الله: ما زال الغموض يخيم على مصير 15 صاروخ لاو سرقت مؤخراً من قاعدة عسكرية إسرائيلية في الجولان. وهو بدوره ما يبقى التحقيقات في حيثيات القضية على أشدها، وبخاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتم السطو فيها على مخازن للسلاح في معسكرات الجيش الإسرائيلي، مما يرفع منسوب الشكوك حول تورط الجنود الذين يخدمون أو يتدربون في هذه المواقع في عمليات السرقة أو تقديم معلومات عن مخابئ السلاح مقابل إغراءات مالية، حسب تخمينات المحققون في القضية. وعملية السطو على معسكرات الجيش الإسرائيلي، تسجل على أنها ظاهرة منذ بضع سنوات، في ظل وقوع أكثر من حادثة سرقة في العام الواحد، ولا سيما في السنوات الأخيرة الماضية، ومرد ذلك يعود لارتفاع ثمن السلاح في السوق السوداء التي تشتري المجموعات المسلحة الفلسطينية بعض أسلحتها منها، كما تفيد بذلك تقارير عديدة.

وشكلت حادثة إلقاء البحرية الإسرائيلية بتاريخ 3/12/ 2003 على سفينة quot;كارين أيهquot; المحملة بالأسلحة الإيرانية، اعترافاً مباشراً بوصول السلاح من السوق السوداء في إسرائيل للفلسطينيين، حيث قال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في حينها: quot;لا يوجد أي منطق في أن نشتري سلاحًا من إيران، من الأسهل والأرخص بكثير أن نحصل على وسائل قتالية من عناصر إسرائيليةquot;.

وإن كان السلاح الذي وصل لأيدي الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى استخدم بعضه ضد الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن بعض منه وقع في أيدي عائلات واستخدم في مناحي وأغراض متعددة منها السرقة والسطو، فقد سجلت العديد من حالات السطو المسلح على محلات في مدينة نابلس في الضفة الغربية، خلال الأشهر الماضية التي سبقت انتشار قوات الأمن الفلسطيني في المدينة.

ولكن لغز اختفاء 15 صاروخ لاو من القاعدة العسكرية الإسرائيلية في الجولان لم يتضح أي من خيوطها بعد، فيما تذهب توقعات المحققون الإسرائيليون إلى أنها وصلت لأيدي عصابات إجرامية من العالم السفلي، ويستبعد احتمال وصولها لأيدي الفلسطينيين، وذلك بالطبع يرجع لتسجيل محاولات اغتيال وتصفية عديدة لجأت فيها عصابات الإجرام في إسرائيل لاستخدام صواريخ لاو، وبخاصة أنها سهلة الاستخدام ووزنها خفيف، وتستطيع اختراق السيارات المحصنة التي يستخدمها قادة هذه العصابات.

وكشف قسم التحقيقات مع رجال الشرطة الإسرائيلية في وزارة العدل النقاب ظهر اليوم الخميس عن أن خمسة رجال شرطة من اللواء الشمالي بينهم ضابط برتبة عقيد اعتقلوا قبل حوالي أسبوعين للاشتباه فيهم في زرع عبوتين ناسفتين بغية استهداف عناصر إجرامية.

وقام المعتقلون بهذه الفعلة انتقاماً من المجرمين الذين ألقوا قنابل يدوية باتجاه منازلهم ووجهوا اليهم ولابناء عائلاتهم التهديدات. ويشار إلى أن إحدى العبوتين الناسفتين انفجرت دون أن يسبب ذلك في وقوع إصابات.

وحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة فسيتم في وقت لاحق اليوم تقديم لوائح اتهام ضد المعتقلين الخمسة. وفي المعلومات أنه تم التوصل إلى اتفاق بين قسم التحقيقات وأحد الضالعين في القضية ليصبح شاهد ملك بهدف تجريم الباقين.

ونشرت صحيفة يديعوت تقريراً هذا الأسبوع بين أنه جرت قبل نحو سنة محاولة لاغتيال المجرم الإسرائيلي آسي افوتبول، من خلال إطلاق صاروخ لاو نحو منزله في نتانيا. وانفجر الصاروخ ولم يحدث ضررا. وبعد وقت قصير من ذلك أمسكت الشرطة بصاروخ آخر اخفي على مسافة غير بعيدة من البيت. كما أن المجرمين الإسرائيليين (زئيف روزنشتاين وايتسيك افرجيل) نجيا من الموت بعد أن أخطأهما صاروخ لاو.

وبحسب الصحيفة فأن قضية سرقة الصواريخ، التي تثير حرجا كبيرا في الجيش الإسرائيلي بدأت في نهاية أكتوبر الماضي، بعد أن وصلت وحدة من الجيش الإسرائيلي للتدريب في القاعدة. وفي أثناء التدريب تبين للجنود بأنه اختفى من مخزن الذخيرة التابع للوحدة صواريخ كتف مضادة للدبابات من طراز لاو.

ويتم التحقيق حالياً في حيثيات وتفاصيل القضية، حيث يجري استجواب جنوداً تواجدوا بغرض التدريب في المعسكر في الفترة التي سرقت الصواريخ فيها، وعلى رأسهم جنود من قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي.

ويأتي هذا في وقت تؤكد المعطيات أن معظم سرقات الأسلحة ثبت تورط جنود وضباط إسرائيليين، فيها، حيث انه قبل أربعة أشهر اُمسك بسائق عسكرية في وحدة خلفية ساعد على سرقة ما لا يقل عن 24 ألف رصاصة بندقية بقطر 5.56 ملم، كما قبض في شهر مارس الماضي على 11 جندياً إسرائيلياً سرقوا كمية من الأسلحة والذخيرة وباعوها في السوق السوداء.

وفي سبتمبر 2006 سرق من ميدان ناري مجاور لبلدة شمورا على الحدود الشمالية خمسة صواريخ لاو، وليس اقل من 275 قنبلة يدوية. وبعد التحقيق الحثيث اعتقل خمسة جنود من ينتمون لكتيبة (حيرف). احدهم حكم بالسجن لثماني سنوات، ولكن معظم الوسائل القتالية التي سرقت، لم يعثر عليها حتى الآن.

ولكن سرقة السلاح الكبرى من مخازن الجيش الإسرائيلي وقعت في يناير 2006: فقد اقتحم السارقون مخزن السلاح في قاعدة نقليات لقيادة المنطقة الوسطى، تناولوا 32 بندقية أم 16 و 8 قاذفات قنابل.

في سنة 2002 سجل سرقة 159 رشاش، وسجل أيضا 2001 سرقة 106 بنادق، وسرقت أيضا حوالي 360 قنبلة يدوية وكميات كبيرة من المتفجرات والأسلحة الخفيفة في عام 2003. وقدرت تقارير صحافية عدد الأسلحة التي سرقت منذ عام 2000 إلى 2005 بما يقارب 886 قطعة سلاح، واستطاعت التحقيقات أن تقود لاسترجاع ما يقارب 40% منها، فيما زال المجهول يخيم على باقي القطع المسروقة.