المحكمة الدولية عقدة العقد مع دمشق
الحص لبشار الأسد: صالِح السعودية
إيلي الحاج من بيروت: نقل زوار رئيس الحكومة اللبنانية السابق سليم الحص عنه قوله بعد زيارتيه المفاجئتين للمملكة العربية السعودية حيث التقى خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسورية التي التقى رئيسها بشار الأسد أن ثمة مرارة وعتباً شديدين لدى القيادة السعودية إزاء الأسد وأفعاله وأقواله ، خصوصا ما قاله عنquot; أنصاف الرجال من القادة العربquot;، وهي عبارة quot;لا تتناسب مع ما فعلته السعودية معه وقدمت له منذ وصوله الى الحكم خلفا لوالده الرئيس حافظ الاسدquot;.
وأضاف هؤلاء أن الحص نصح للرئيس بشار الاسد بأن يسعى إلى تبديد التوتر والجفاء مع المملكة ويصالحها، وان يعيد العلاقة السورية- السعودية الى مستواها الطبيعي والجيد أسوة بما أصبحت عليه العلاقة الإيرانية- السعودية.
وتعليقا على زيارتي الحص للرياض ودمشق ونيته زيارة طهران ، رأت مصادر في الغالبية الحكومية والبرلمانية في لبنان أنه quot;لا يمكن التعويل على ما يقوم به رئيس الحكومة السابق، وأن زيارته للرياض جاءت أساسا في اطار السعي إلى توفير الغطاء السعودي والسني لزيارتيه الى دمشق وطهران اللتين كانتا محددتين سلفا وقبل ترتيب موعد رحلته الى السعوديةquot;.
وأضافت أن quot;المعارضة والقوى الاقليمية الداعمة لها، أي سورية وإيران، تحضر الحص ليكون رئيسا لحكومة تريد تشكيلها في مواجهة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعد ان يمنعونا من عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية وإحداث فراغ دستوريquot;. واعتبرت ان رئيس مجلس النواب نبيه بري quot;مشارك في المؤامرةquot;، ووجهت انتقادات لاذعة الى الحص واصفة إياه بأنه quot;أسوأ ما قد يحصلquot;. ورأت ان مشروع quot;الانقلابquot; الذي تخطط له المعارضة مستمر، وقالت: quot;لقد تأخر الانقلاب لأننا صمدنا شعبيا ودوليا وعربيا بالدعم السعودي والمصري تحديداquot;.
خلال الذكرى الثانية لاغتيال الحريري |
حيال هذه العقدة تريد دمشق إفهام الجميع بمن فيهم الايرانيون انها ما زالت تملك quot;مفاتيح الحلquot; في لبنان لأنها الأقدر على تخريب كل الحلول التي لا تناسبها، ولذلك دفعت quot;حزب اللهquot; وحلفاءه إلى الاعتراض على شخص الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في حل الأزمة سعياً إلى حوار مباشر بين دمشق والرياض من جهة، ولإظهار دمشق حاضرة بقوة واستقلالية في الملف اللبناني عن حليفتها طهران.
في هذا الوقت تؤكد اوساط دبلوماسية غربية ان اقتناعاً كبيرا تولّد لدى الادارة الاميركية بأهمية العودة الى الضغوط الكثيفة على سورية أولا، ثم على ايران، لتذليل العقبات من أمام تمرير المحكمة ذات الطابع الدولي. وتتوقع هذه الاوساط ان تلجأ تلك الادارة الى أسلوب مشابه للأسلوب الذي لجأت اليه لدى دعوة سورية الى سحب جيشها من لبنان فورا على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وتضيف أن الانتظار الاميركي لإبرام المحكمة لبنانيا لن يستمر أكثر من استمرار الدورة العادية لمجلس النواب التي تبدأ في الثلاثاء الأول بعد منتصف آذار/ مارس المقبل، باعتبار انه مثلما حصل تفاهم ضمني على انتظار نهاية ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود دستوريا لانتخاب رئيس جديد، من الأفضل تمرير هذه المدة في انتظار الاستحقاق الدستوري العادي الذي يمكن حصول ذلك قبل اللجوء الى مجلس الأمن.
إلى ذلك، ترددت معلومات تفيد ان الجانب السوري أطلع حلفاءه في لبنان على ملاحظاته حول المحكمة الدولية والتعديلات التي ينبغي ادخالها على نظامها الأساسي، لكن مصادر الأكثرية قالت ان ممثلي quot;حزب اللهquot; ما زالوا يحجمون عن كشف هذه الملاحظات.
غير أن دمشق تبلغت موقفاً يحظى باجماع دولي، على ما تقول المعلومات الدبلوماسية الواردة إلى بيروت، مفاده ضرورة ان توجه رداً رسمياً وقانونياً منبثاً من القانون الدولي نفسه الى الأمم المتحدة، إذا كانت لديها فعلاً ملاحظات في شأن المحكمة، على أن يظهر الرد بوضوح البراهين التي تقود إلى رفضها المحكمة . وبغير هذا الاطار من الرد لا يمكن للمجتمع الدولي أن يأخذ في الاعتبار أي موقف سوري ذا خلفية سياسية وغير واضحة الاثباتات. وبالتالي لا يمكن للأمم المتحدة، وكذلك الدول الفاعلة في مجلس الأمن، القبول بالرد السياسي.
كما ان الدول الفاعلة في المجلس لن تقبل بالرسائل السورية التي توجه دوليا عبر الساحة اللبنانية لتعطيل المحكمة، سواء عبرquot; المنطق الأمنيquot; المعتمد، او منطق دفع الحلفاء الى عرقلة الآلية الدستورية لإبرامها، فيكون على سورية ان تتقدم هي من الأمم المتحدة بطلب شطب أي بند من نظام المحكمة وفقا للأصول القانونية . علماً أن مسألة تحميل الرئيس مسؤولية أعمال المرؤوس _ التي تعترض عليها دمشق بشدة - يشكل أحد المبادئ الكلاسيكية في القانون الدولي، وتبنى عليه كل أنظمة المحاكم الخاصة. أما الإيعاز الى الحلفاء في الداخل اللبناني لتعطيل المحكمة، فلن يرضخ إليه المجتمع الدولي ولا الدول العربية المساندة للحكومة اللبنانية.
يذكر أن الرئيس سليم الحص، بحسب زواره، سأل الرئيس بشار الاسد عن أسباب رفضه تشكيل المحكمة الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس الحريري، فرد بأنه لا يعارض إنشاء هذه المحكمة وانه يؤيد أي نصوص قانونية خاصة بهذه المحكمة يتفق عليها اللبنانيون. وعند ذلك سأله الحص: quot;هل أستطيع ان أعلن هذا الموقف نقلا عن سيادتك؟quot;، فرد الأسد مؤيدا ومشجعا. لكن الغالبية في لبنان اعتبرت هذا الموقف السوري مجرد مناورة.
أما القوى المتحالفة مع سورية في لبنان فترى ان تشكيل المحكمة الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا يزال مستبعدا لاعتبارين على الأقل. الأول، أنها تتطلب اتفاقا مسبقاً لم يتحقق حتى اليوم بين أعضاء مجلس الأمن الدولي على شكل هذه المحكمة قرارا وتمويلا وقانونا وقضاة وصلاحيات. والثاني، ان مجلس الأمن لم يسبق ان شكّل مثل هذه المحاكم إلا في ملفات الجرائم التي ارتكبت في حق الانسانية، والمجلس لم يتبنّ هذا التعريف للجرائم السياسية التي ارتكبت خلال السنتين الماضيتين في لبنان.
التعليقات