عصام المجالي من عمّان: تحدث تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان للعام 2006 في اثني عشر بابا عن كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وقدم توصياته على هذه الأبواب من خلال الإشارة إلى التجاوزات والشكاوى المسجلة في العام الماضي وتحدث التقرير عن حدوث تحسن في بعض مؤشرات حقوق الإنسان فيما شهد بعضها تراجعا متفاوتا.

ورصد المركز خلال عام 2006 بعض المؤشرات الإيجابية في مجال مناهضة التعذيب وقد تمثلت بقيام الحكومة الأردنية بتاريخ 15 ـ 6 ـ 2006 بنشر اتفاقية مناهضة التعذيب في الجريدة الرسمية وبذلك أصبحت جزءا من النظام القانوني الأردني. كما اصدر مدير الأمن العام تعميماً حول اتفاقية مناهضة التعذيب على كافة الوحدات الأمنية وتضمنت تعليمات خطية تحظر التعذيب وعدم جواز اللجوء إلى استخدام العنف في أي حال من الأحوال تحت طائلة المسؤولية الجزائية.

واستعرض المركز العديد من الحوادث والظواهر التي تمس حق الأفراد بالحياة والسلامة الجسدية في المملكة ومن أبرزها الجريمة والمخدرات وحوادث السير وإصابات العمل وأمراض المهنة إضافة إلى التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية.

وأوصى تقرير المركز بإلغاء قانون منع الإرهاب لعام 2006 أو تعديله ليتلاءم مع المعايير والضمانات الواردة في المواثيق والاتفاقيات الدولية.وجدد التقرير المطالبة بتعديل أحكام قانون العقوبات، بما يتلاءم مع أحكام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صادق الأردن عليها ونشرت في الجريدة الرسمية منتصف العام الماضي.

ورأى المركز أن التوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب يتطلب تعديل قانون العقوبات بحيث ينص صراحة على تجريم أعمال التعذيب التي يرتكبها الموظف العام وتشديد العقوبات على هذه الجرائم. كما طالب بالنص صراحة في القانون على حق ضحايا التعذيب بالتعويض المباشر.وبعد أن رصد التقرير 31 حكما بالإعدام خلال العام الماضي صادقت محكمة التمييز على 3 منها وجرى تنفيذ العقوبة بحق ثلاثة أشخاص، جدد المركز تأكيده على ضرورة إجراء تعديلات على نحو لا يجيز فرض عقوبة الإعدام إلا على أكثر الجنايات جسامة، أو أشدها خطورة.

ورغم رصد التقرير تطورا إيجابيا في مجال مناهضة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، فإن المركز تلقى خلال العام الماضي 51 شكوى تمس حق الإنسان في السلامة الجسدية. وقال التقرير إن المركز قام بالتحقيق في جميع الشكاوى التي وردت إليه وتبين أن لها quot;أساسا منطقيا وقانونيا يستدعي المتابعةquot;.

وقال التقرير انه وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل مديرية الأمن العام والقائمين على إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، ما زال هناك مجموعة من المشكلات تعاني منها مراكز الإصلاح والتأهيل ومن أبرزها نقص البرامج التأهيلية وبرامج التدريب المهني، والمشاغل الحرفية وعدم تطبيق نظام تصنيف النزلاء وفقاً للمعايير الدولية في أي من مراكز الإصلاح والتأهيل إضافة إلى أن معيار تحديد الطاقة الاستيعابية للسجن يحدد ضمن معيار عدد الأسرة الموجودة أو حجم الأمكنة المخصصة لمبيت النزلاء، دون الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مرتبطة بتحديد الطاقة الاستيعابية للسجن (حصة النزيل من المرافق الرياضية والصحية والتعليمية وصالات تقديم الطعام وحصته من الأنشطة التأهيلية والتدريبية وحصته من المساحة الكلية) وتدني مستوى الرعاية الصحية بكافة أشكالها (رقابية ، وقائية ، علاجية)والاكتظاظ في بعض السجون وافتقار بعضها للبنية التحتية والنقص بالمرافق والتجهيزات المناسبة (صالات الرياضة ، والمشاغل، وصالات تقديم الطعام، وصالات استقبال الزوار، والمكتبات). وتحدث التقرير عن استمرار ارتفاع عدد الموقوفين الإداريين ، حيث بلغ.

وفي مجال الحق في الجنسية والإقامة واللجوء قال التقرير أن المركز تلقى خلال عام 2006 العديد من الشكاوى المتعلقة بالحق في الجنسية ، ويتضح من خلالها أن هناك انتهاكات واضحة تقع على حق الأفراد بالجنسية ، مما يترتب عليها العديد من الآثار والنتائج الخطيرة ومن أبرز هذه الانتهاكات سحب الوثائق الرسمية من العديد من المواطنين (جوازات سفر، وهويات أحوال مدنية، وأرقام وطنية ووثائق الإقامة، ورخص قيادة السيارات) استناداً إلى قرار فك الارتباط الصادر عام (1989) وسحب الوثائق الشخصية العائدة لأشخاص مولودين في المملكة ويقيمون فيها لأكثر من ثلاثين عاماً، وخدموا في العديد من أجهزة الدولة استناداً إلى قرار فك الارتباط ، مما ترتب عليه فقدان أبنائهم الأوراق الثبوتية اللازمة لإثبات شخصياتهم واسترداد جوازات السفر الممنوحة لبعض الأشخاص لدى مراجعتهم دائرة الأحوال المدنية لتجديد وثائقهم الرسمية، وتبليغ هؤلاء الأشخاص بعدم أحقيتهم بالحصول على أية وثائق أو الجنسية الأردنية لعدم انطباق قانون الجنسية عليهم وكذلك رفض وزارة الداخلية منح الجنسية لبعض الأجانب المقيمين في الأردن.

وأوصى التقرير بأن لا يتم منح الجنسية ونزعها إلا وفقاً للقانون، حيث نصت المادة (5) من الدستور الأردني على أن quot;الجنسية الأردنية تحدد بقانونquot;، وليس استنادا إلى قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، أو أي تعليمات صادرة بموجبه. كما أوصى بإلغاء تحفظ الأردن على المادة (9) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحيث تمنح المرأة حقاً مساوياً للرجل في منح جنسيتها لأطفالها ، وتعديل قانون الجنسية بما يتلاءم ونصوص الاتفاقية.

وفي مجال الإقامة تحدث التقرير عن أبرز الملاحظات حول أوضاع إقامة الأجانب في الأردن خلال عام 2006 منتقدا منح قانون الإقامة وشؤون الأجانب رقم (24) لسنة (1973) لوزارة الداخلية الحق في قبول أو رفض طلب الأجنبي إذن الإقامة أو إلغاء إذن الإقامة الممنوح وتكليفه بمغادرة المملكة دون بيان الأسباب. ويرى المركز أن هذه السلطة المطلقة الممنوحة لوزارة الداخلية بإبعاد الأجنبي دون بيان الأسباب لها آثار سلبية على عدد كبير من الأسر الأردنية ، حيث تتسبب في تفريق الأسرة الواحدة عندما يكون أحد الوالدين موجودا داخل المملكة والآخر خارجها، مما يتسبب في معاناة نفسية شاقة لهم جميعاً.

وخاطب المركز الوطني لحقوق الإنسان وزارة الداخلية بخصوص حالات الإبعاد المتكررة للأجانب وخاصة المتزوجين من أردنيات، إلا أن وزارة الداخلية ما زالت على موقفها بحجة ان تلك القرارات تعتبر عملا من أعمال السيادة. وأوصى التقرير بإجراء تعديلات على قانون الإقامة من حيث إعطاء الشخص الصادر بحقه قرار إبعاد مهلة محددة بموجب هذا القانون ليقوم بالدفاع عن نفسه أمام الجهات المختصة من خلال تقديم أية بينة أو دليل ينفي عنه التهمة الموجهة إليه ومنح الشخص المبعد مهلة لتسوية أموره المالية والاجتماعية ومنع إبعاد زوج الأردنية ضمانا لاستقرار الأوضاع الأسرية والمعيشية إضافة إلى توسيع صلاحيات وزير الداخلية من حيث الإعفاء من الغرامات المترتبة على الأشخاص المخالفين والمنوي إبعادهم.

وفي مجال حق الانتخاب والترشيح ، وأعمال التشريع انتقد التقرير عدم اتخاذ أي إجراء بخصوص قانون الانتخاب المؤقت لمجلس النواب رقم ( 34) لسنة 2001 ، على الرغم من أن الحكومة قد وعدت في بيانها الوزاري بتقديم مشروع قانون عصري للانتخابات النيابية وقال إن مراعاة مبدأ الدورية في إجراء الانتخابات العامة ، يعتبر من الضمانات المهمة للتمتع بطائفة من حقوق المواطنة ، أقلها حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة ، وحق المواطن في أن ينتخب وينتخب.

وأوصى المركز بضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدوري المقرر انسجاماً مع المبادئ المستقرة في النظم الديمقراطية ، والإسراع في وضع التوصيات المتعلقة بقانون الانتخاب الواردة في الأجندة الوطنية موضع التنفيذ.