عامر الحنتولي من الكويت: على سبيل المصادفة القاسية ربما لاأكثر من ذلك تزامنت زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الى منطقة وادي عربة في الجنوب الأردني وفي خاطره الطلب الى حكومته وضع خطة انقاذ استراتيجية وعاجلة لنشل تلك المنطقة من الفقر المدقع واختطاف شبابها وأطفالها من الغرق في مستنقع اليأس ومخاطر فقدان الأمل في منطقة ارتبط اسمها فيما مضى وفيما قد يأتي عقود أو قرون بإنجاز اتفاقية السلام الأردنية مع اسرائيل ضمن اتفاقية سلام أنهت في السادس والعشرين من أكتوبر 1994 حالة اللاحرب واللاسلم بين عمان وتل أبيب في معاهدة حملت اسم quot;اتفاقية وادي عربةquot;، لكن الزيارة الملكية لوادي عربة أمس تزامنت مع ترد لاسابق له بين عمان والدولة العبرية على خلفية تشكيك رئيس وزراء اسرائيل أيهود أولمرت بقدرة الأردن ونظامه الملكي على الصمود لفترة طويلة في حال انسحبت القوات الأميركية من العراق وهو الأمر الذي أغضب عمان على المستوى مادون الرسمي لأن المستويات الرسمية في عمان وعبر ايحاءات ذكية للعاهل الأردني كانت قد استشعرت الغضب والخيبة التي يمر بها ساسة اسرائيل بسبب خطاب الملك عبدالله الثاني أمام جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب مطلع الشهر الحالي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث قال ملك الأردن لنخبة منتقاة من ساسة واعلاميين بأن quot;تل أبيب قد تشوش على الأردنquot;.

عبد الله الثاني في وادي عربة
وخلافا للشعبية الهائلة لخطاب عبدالله الثاني في الأوساط الأردنية والعربية والفلسطينية فقد أحداث الخطاب هزة سياسية صامتة في تل أبيب، لأن الخطاب الملكي أوقع أثرا بالغا في عقول ونفوس نواب وشيوخ الولايات المتحدة الأميركية اللذين تهيمن عليهم غالبية ديمقراطية، حيث ردت عمَان اعلاميا وبانتقادات حادة لألمرت وساسة اسرائيل وسياسات تل أبيب بشكل يفتقر للفهم من قبل خبراء الرصد السياسي في اسرائيل ومستشارو أولمرت السياسيين، فعمان رغم تفوقها السياسي والدبلوماسي الأخير إلا أنها لاتزال بلا إعلام حقيقي ينقل نجاحاتها وانجازاتها للعالم بطريقة عصرية ومقبولة، الى الحد الذي بات فيه الأردنيين ينفرون بشدة من وسائل إعلامهم المحلية، دون ان يتطوع أحدا في الأردن لإطلاق اعلام أردني عالمي يمكن أولمرت ومستشاريه من فهم الكلام الذي تغضب به عمان في المستقبل.

ووفقا لسياسي أردني رفيع فقد أبلغ quot;إيلافquot; عبر الهاتف بأنه ليس في وارد بلاده أبدا أن تلجأ الى استدعاء علي العايد السفير الأردني لدى تل أبيب، أو تجميد العلاقات مع اسرائيل، لأن عمان ظلت تعتبر علاقاتها الكاملة مع اسرائيل بوابة لمحادثة الإسرائيليين ومفاتحتهم برؤية عربية تخدم السلام الغائب بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال السياسي الأردني ان اسرائيل تحترف بإستمرار التشويش السياسي والأمني على الأردن وزعزعة ثقة المستثمرين العالميين والعرب اللذين بدأو بإسالة رؤوس أموالهم بإتجاه الإستثمار في الأردن، وكان آخر تلك الإرباكات المقصودة اسرائيليا العام الماضي على لسان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي الجنرال يائير نافيه الذي قال بأن الإسلاميين المتطرفين يسعون للوصول الى الحكم وقلب النظام الملكي، مؤكدا ان الملك عبدالله الثاني سيتم اغتياله وسيكون آخر ملوك الأردن، وهو مااحتجت عليه عمان بشدة الأمر الذي دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت (القائم بأعمال أرئيل شارون وقتذاك) الى الشرح لعمان بأن كلام الجنرال نافيه الإسرائيلي لم يخرج عن اطار الحديث السياسي الشخصي، وهو لايعبر بالضرورة عن وجهة نظر دولة اسرائيل.