الياس يوسف من بيروت : أبدى المندوب السابق للولايات المتحدة في الأمم المتحدة السفير جون بولتون أمله في أن تنشأ المحكمة في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري قريبًا، مؤكدًا أن الأوامر بإغتياله صدرت عن أعلى المراتب في الحكومة السورية، ومثل هذه الأعمال التي نفذها عملاء الجيش السوري لا تحصل ما لم يكن هناك مسؤولون رفيعو المستوى من الحكومة السورية متورطين. وإذ لاحظ أن مجرد إنشاء المحكمة لن يكون كافيًا لملاحقة الرئيس السوري قضائيًا، ألمح إلى إمكان صدور قرار يتعلق بقدرات quot;حزب اللهquot; العسكرية إذا كانت الظروف مؤاتية واصفًا هذا السلاح بالخطر الأكبر على الديمقراطية في لبنان في الوقت الحاضر.

هذه المواقف، أعلنها السفير بولتون خلال حديث إلى quot;المؤسسة اللبنانية للإرسالquot; ضمن برنامج quot;كلام الناسquot; الذي يقدمه الإعلامي مارسيل غانم. وقال: quot;أعرف أن بعضهم في لبنان كان يفضّل أن تكون المحكمة دولية فقط، لكن لا أعتقد أن هذا الأمر قد يشكل فرقًا أساسيًا في مسار المحكمة التي نأمل في أن تتم قريبًا، إذ إن مجرد إنشاء محكمة دولية لن يكون كافيًا لملاحقة الرئيس السوري قضائيًا، إذا إتضح فعلاً أنه من المتورطين في التآمر وأحد المتهمين في القضية. لذا أفهم رغبة الناس في إنشاء المحكمة لكن في رأيي الشخصي، من الأفضل للبنان، بحدّ ذاته، أن يحاول إبقاء المحكمة على الشكل الذي أنشئت عليه في الأساسquot;.

وعمّا يقصد بقوله أنه لا يمكن ملاحقة الرئيس بشار الأسد، أوضح أن مسألة من ينشئ المحكمة سواء مجلس الأمن وحدهأم بالإتفاق بين الحكومة اللبنانية ومجلس الأمن، هي مسألة يقول بعضهم إنها ترتبط بسلطة المحكمة نفسها. ولا يعتقد أن ذلك صحيح، ولا يعتقد أيضًا أن المحكمة الدولية تتمتع بصلاحية أو بشرعية أكبر من المحكمة المختلطة أو حتى من المحكمة اللبنانية الصرف. ما يتحدث عنه هو أن تقارير كل من ديتليف ميليس القاضي المستقل الأول، وبعده سيرج براميرتز أشارت بإستمرار إلى أن الأوامر بإغتيال الحريري صدرت عن أعلى المراتب في الحكومة السورية، وأن مثل هذه الأعمال، التي نفذها عملاء الجيش السوري لا تحصل ما لم يكن هناك مسؤولون رفيعو المستوى من الحكومة السورية متورطين. الفكرة الأشمل هي أنه ينبغي الحرص على دعم المجتمع الدولي للمحققين المستقلين ودعم الحكومة اللبنانية في الإصرار والمطالبة بملاحقة المسؤولين، ليس فقط عن جريمة إغتيال الحريري بل عن كل الجرائم السياسية في العامين الماضيين أمام محكمة حيادية.

وبالنسبة إلى إنعكاسات إقرار المحكمة تحت الفصل السابع على الوضع في لبنان وسوريا وإمكان النيل من النظام السوري، قال إن الهدف من إنشاء المحكمة الدولية كما كانت الحال لدى إنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة، محدد وواضح وهو معرفة من أمر بإغتيال الرئيس الحريري،من نفذ عملية الإغتيال وتقديمهم إلى العدالة. وهذا هدف مهم لإستقلال لبنان وسيادته وإلى أن تعالج هذه المسألة سيكون من الصعب تطبيق القرار1559 والقرار 1595 المتعلق بإغتيال الحريري، وهما متصلان بشكل وثيق، والنقطة الأساسية التي تجمع بينهما هي إزالة النفوذ السورية من لبنان، وهذا ما نحاول القيام به. توجد حتمًا مسائل خلاف أخرى بين الولايات المتحدة والنظام في دمشق، لكن ليس هذا ما نعالجه في مجلس الأمن سواء من خلال التحقيق أو من خلال المحكمة .

سلاح quot;حزب اللهquot;

ولفت إلى أمور لم يتمكنوا من تحقيقها في القرار الدولي رقم 1701 وأمور إشترط عليها القرار ولم تتحقق. وأوضح : quot; لم نعالج مسألة نزع سلاح quot;حزب اللهquot; الذي يشكل في الوقت الحاضر الخطر الأكبر على الديمقراطية في لبنان، كما أن القرار1701 لم يُنفذ لجهة البند المتعلق بدخول السلاح إلى داخل لبنان والذي لا يخضع لسلطة الحكومةquot;.

وقال: quot;لا يمكن أن تقوم ديمقراطية حيث معظم الأحزاب تتصرف كأحزاب سياسية عادية، كما في أي مجتمع ديمقراطي، في حين أن حزبًا آخر هو ميليشيا. فهذا الأمر يعني المتاعب في المستقبل. وإذا أراد quot;حزب اللهquot; تاليًا حكومة تمثيلية في لبنان، وإذا أراد أن تتولى الحكومة اللبنانية إدارة البلاد وليس سوريا وإيران، فينبغي أن يبدأ عملية التخلي عن سلاحهquot;.

وعن quot;الإستراتيجية الجديدةquot; لتفكيك quot;حزب اللهquot;، قال : quot;الأمر دقيق، ومن الأساسي والمنطقي، لقيام ديمقراطية فاعلة، أن تكون الأحزاب السياسية مستعدة لقبول النتيجة الديمقراطية التي قد تعني عدم فوزها. يبدو quot;حزب اللهquot;، من خلال تركه الخيار العسكري مفتوحًا، وكأنه يقول إذا لم تعجبنا النتيجة سنحتفظ بحقنا في الإطاحة بالحكومة. هذا الأمر لا يساعد على تحقيق الديمقراطيةquot;.

ونفى علمه بأي مخطط لحرب إسرائيلية جديدة، مشيرًا إلى quot;أننا إتخذنا قرارًا واعيًا في صيف العام الماضي في القرار 1701 بأننا لن نذكر مسألة نزع سلاح quot;حزب اللهquot;. قررنا ووافقت فرنسا وغيرها من الدول الأعضاء في مجلس الأمن على أن نتبنّى قرارًا آخر يتعامل مع قدرات quot;حزب اللهquot; العسكرية. إنقضت 6 أشهر ولم يصدر أي قرار ثانٍ، وهذا مؤسف وأعتقد أنه أمر سيؤثر في شكل حاسم على مستقبل لبنان. من المهم أن تقوم مؤسسات ديمقراطية مستقرة تشترك فيها الأحزاب السياسية سلميًا، ولا يكون فيها حزب أو أكثر، مجموعة مسلحة. ولا أعتقد أن الديمقراطية تستطيع أن تزدهر في مثل هذا الجوّ quot;.

وتابع : quot;من الواضح أن quot;حزب اللهquot; يتسلح من جديد، نعرف ذلك من تقارير الممثل الخاص للأمين العام المكلّف بموجب القرار 1559. وهذا يعني أن الحكومة السورية لا تلتزم ببنود الـ 1559. والقرار الذي صدر أخيرًا 1747 يمنع إيران من تصدير الأسلحة وهذا يشمل أيضًا مسألة إرسال إيران السلاح إلى quot;حزب اللهquot;. القرارات موجودة، وتبقى مسألة متى وفي ظل أي ظروف ستشعر الحكومة اللبنانية بالقدرة الكافية على معالجة هذه المسألةquot;.

وأضاف: quot;سأطرح نقطة أساسية، إذا كان quot;حزب اللهquot; ملتزمًا فعليًا بالديمقراطية بالسماح للشعب اللبناني في إختيار حكومته بنفسه، فلا حاجة لإنتظار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أوquot;اليونيفيلquot; أو أي شيء آخر. ينبغي أن يتخلى quot;حزب اللهquot; عن سلاحه طوعًا للتعبير عن إلتزامه حيال قيام لبنان الديمقرطيquot;. وأمل ألا تستمر الأمور على هذا النحو، واصفًا خطر تنفيذ quot;حزب اللهquot; نواياه المعلنة بالإطاحة بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة بأنهمثير للقلق.

وعن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركية نانسي بيلوسي إلى دمشق، ذكر أن الرئيس الأميركي هو الذي يتولى السياسة الخارجية واصفًا رئيسة مجلس النواب الأميركي بالشخصية البارزة لكنها تمثّل فرعًا منفصلاً عن الحكومة. ورأى أنه من المثير للإرباك أن تذهب إلى دمشق في هذا الوقت، مكررًا كلام الرئيس بوش في هذا المجال.
وإعتبر أن الحوار مع سوريا لن يثمر البتة لأن النظام السوري سيحاول أن يستغل أي فرق يراه بين ما تقوله رئيسة مجلس النواب وما يقوله الرئيس وهذا لا يمكن إلا أن يسبب الضرر على الولايات المتحدة (...).

وعن إحتمال توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، جدد القول إنه يمكن أن تتمتع إيران بعلاقة مختلفة مع الولايات المتحدة إذا تخلت عن فكرة تطوير الأسلحة النووية مستشهدًا بما سماه quot;النموذج الليبيquot;.