ثلاث وزيرات و27 نائبة و1128 مستشارة حصيلة نضالهن
المرأة في موريتانيا تتابع مسيرتها السياسية

سكينة اصنيب من نواكشوط: أحدثت التعديلات التي طالت قوانين الانتخاب في موريتانيا انقلابا في التشكيلة السياسية لمجلسي النواب والشيوخ والمجالس البلدية، فبعد أن فرضت هذه القوانين على الأحزاب وقوائم المستقلين تخصيص نسبة 20% من ترشيحاتها لمقاعد المجالس البلدية والنيابية للنساء، جاءت خريطة أعضاء هذه المجالس مختلفة، حيثتحتل فيها النساء نسبة مهمة بعد أن كانت نسبتهن لا تتجاوز %3 فقط في آخر استحقاق شهدته البلاد.

وقد شكلت مشاركة النساء في المسار الإنتخابي علامة بارزة في التحول السياسي الذي شهدته موريتانيا منذ تغيير الثالث من أغسطس (آب) 2005، حيث حظيت المرأة الموريتانية لأول مرة بمشاركة واسعة في الحياة السياسية وبإسهام فعلي في تحديد المعالم والخيارات الاستراتيجية على الصعيد الوطني.

وبفضل التعديل في النظام الانتخابي الذي سنه المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية بتشاور مع الأحزاب والقوى السياسية الموريتانية على اختلاف توجهاتها، وصلت 27 امرأة إلى البرلمان و1128 إلى المجالس البلدية لأول مرة في تاريخ موريتانيا. كما عينت ثلاث وزيرات ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة.

وتنظر الموريتانيات لهذا القرار بعين الرضا لأنه رفع نسبة حضورهن في المجالس المنتخبة وحصولهن على وظائف سامية في الدولة. ورغم أن القوانين تنص على المساواة بين الجنسين في موريتانيا، لكن الواقع يعكس تهميش النساء في مجتمع تمثل فيه المرأة نسبة 53% من السكان.

ورغم أن الموريتانيات لم يشاركن في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرًا حيث انسحبت المرشحة الوحيدة ولم تقدم ملفها إلى وزارة الداخلية، إلا أن حضور الموريتانيات في الانتخابات النيابية التي جرت قبل أشهر أرضى طموحهن في المرحلة الحالية، بعد أن انتخبت على مستوى اللائحة الوطنية ثلاث نساء من بين أربعة عشر منتخبا وهو ما يمثل نسبة %21.43، وبلغ عدد النساء من بين المستشارين البلديين الذين تم انتخابهم 1120 مستشارة من أصل 3688 هم مجموع مستشاري المجالس البلدية الموريتانية وهي نسبة تمثل %30.37.

وتسعى الدولة الى تذليل الصعاب أمام ولوج المرأة مختلف القطاعات وممارستها مختلف الأنشطة، وتقدر تقارير رسمية نسبة مشاركة المرأة في الوظائف الإدارية بـ %7، بينما بلغت نسبة النساء في البرلمان السابق الذي حله المجلس العسكري بعد انقلاب 3 آب (أغسطس) 2005، %3. وترجع منظمات المجتمع المدني أسباب ضعف مشاركة المرأة في الحياة السياسية رغم التشريعات والقوانين التي تشجعها على ذلك، الى تفشي الأمية في صفوف النساء حيث تبلغ نسبتها %65 مقابل %35 عند الرجال.

واستأثر موضوع مشاركة المرأة وكيفية دمجها في الحياة النشطة ووصولها الى مراكز القرار، على اهتمام المسؤولين في نواكشوط في الفترة الأخيرة لا سيما أن نسبة النساء في الاحصاء العام الذي جرى قبل ثلاث سنوات بلغت %52.46 بينما بلغت نسبة الرجال %47.54 فقط.

وكان الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله قد وعد بمنح المرأة الموريتانية نسبة %20 من المناصب الادارية، وأكد أنه سيسعى الى زيادتها لتصل نسبتهن 33% خلال السنوات الخمس القادمة. ويشير المراقبون الى أن الإصلاحات الهامة التي عرفها النظام الانتخابي في موريتانيا مؤخرا جاءت من أجل ملاءمة هذا النظام مع التحولات في البلاد حيث أثبتت النساء جدارتهن في مناصب ومأموريات كبيرة. وتنظر المنظمات الدولية الى جهود موريتانيا في مجال إشراك المرأة في المسار السياسي، بعين الرضا.

ويرى المراقبون أن المرأة الموريتانية لا تبدي اهتمامًا بسن قوانين تحافظ على حقوقها الاجتماعية في مواجهة الطلاق المتفشي (%42) والبطالة والعنف الأسري، بقدر اهتمامها بالقوانين السياسية التي ستمنحها مراكز قيادية في الأحزاب والمجالس البلدية والنيابية وفي مؤسسات الدولة بمختلف اختصاصاتها.

وتدرك السلطة الحاكمة أن تخصيص هذه النسبة يمثل أفضل دفاع عنها أمام المجتمع الدولي الذي يعتبر أن مشاركة النساء في الهيئات المنتخبة مؤشرًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومعيارًا للحصول على المساعدة الدولية، كما تدرك النخبة الحاكمة أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتم من دون مشاركة النساء، لأن تمثيل كل الفئات الاجتماعية في الهيئات المنتخبة سيمكن من التعرف أكثر إلى جميع أنواع المشاكل وحلها بطريقة أفضل.

وترى المرأة في موريتانيا أن هذه النسبة ليس لها أي تأثير سيئ على التكوينات السياسية وخيارات الناس وفرص النجاح، وتدعو إلى معاقبة كل حزب امتنع عن ملء نسبة تمثيل النساء بعدم قبول لوائحه، ومنح حوافز مالية للتشكيلات السياسية التي تشجع دمج المرأة فيها وخاصة التشكيلات التي ترشح نساء على رأس لوائحها.

وقد رحبت الأحزاب الموريتانية بقرار منح %20 من المقاعد للنساء ترحيبًا حذرًا، حيث أكدت بعض التشكيلات دعمها لتوسيع مشاركة المرأة في الشأن السياسي شريطة ألا يتعارض ذلك مع المبادئ الديمقراطية المتعلقة باحترام خيارات الناس. ورأت أحزاب أخرى أن هذا القرار سيشكل إحراجًا لها حيث ستكون ملزمة بترتيب لوائحها بطرق قد لا تخدم فرصها الانتخابية واختياراتها السياسية.