لإحباط خطة الكونغرس بتقسيم العراق لكيانات شيعية وكردية وسنية
البرلمان العراقي يستعد لإجراءات وتشريعات بوجه التقسيم

أسامة مهدي من لندن: بعد ساعات من موافقة الكونغرس الأميركي على مشروع قرار بتقسيم العراق إلى كيانات شيعية وسنية وكردية، أعلن في بغداد عن استعداد مجلس النواب العراقي لإجراءات وتشريعات تمنع تحقيق هذا المشروع الذي يواجه بمعارضة واسعة من مختلف القوى والطوائف العراقية. وأبلغ مصدر عراقي quot;ايلافquot; اليوم، أن الكتل السياسية العراقية بدأت نقاشات للإتفاق على مواجهة مشروع التقسيم هذا، مشيرًا إلى انها ستصدر في وقت لاحق بيانات وتصريحات تؤكد وقوفها بوجه تنفيذ المشروع. وأضاف أن هذه النقاشات ستنتقل إلى مجلس النواب لدى استئناف جلساته الأسبوع المقبل. وأوضح أن كتلاً تستعد لتقديم مقترحات وتوصيات لإصدار تشريعات تواجه عمليًا خطة التقسيم هذه. ولم يستبعد المصدر دعوة اعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي وخاصة أولئك الذين وقفوا وراء تمرير المشروع في الكونغرس الليلة الماضية، إلى زيارة بغداد وحضور جلسة طارئة لمجلس النواب يتم خلالها مناقشتهم حول خطورة هذا المشروع والدور الذي يمكن أن يقوم به في زيادة تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد. وقد اعتبر أعضاء مجلس الشيوخ المدافعون عن مشروع التقسيم أنه الحل الوحيد لوضع حد لإعمال العنف التي تضرب هذا البلد حيث تم إقراره بغالبية 75 صوتًا مقابل 23.

ويقول مؤيدو هذا القرار الذي تقدم به السناتور الديمقراطي جوزف بيدن المرشح للرئاسة الأميركية، أنه يقدم حلاً سياسيًا في العراق يمكن أن يسمح بانسحاب القوات الأميركية دون ترك البلاد في حالة من الفوضى. لكن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش ترفض تقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية كردية وسنية وشيعية. وتنص الخطة التي صاغها ليزلي غيلب خبير السياسة الخارجية في إدارة الرئيس جيمي كارتر، على وضع نظام فدرالي حسبما يسمح الدستور العراقي والحيلولة دون أن يتحول العراق إلى دولة تعمها الفوضى. كما تقضي بتقسيم العراق إلى كيانات كردية وشيعية وسنية مع حكومة فدرالية في بغداد تتولى أمن الحدود وعائدات النفط.

واعتبر رئيس مجلس الشيوخ الديمقراطي هاري ريد أن quot;تبني خطة بيدن يعكس الأهمية التي يوليها مجلس الشيوخ لبقاء المصالحة السياسية الهدف الرئيس للعراقيينquot;. وأوضح أن quot;تحقيق الحل السياسي الذي ينص عليه هذا القانون سوف يساعد على اعادة نشر القوات الأميركية وشن حرب أكثر فعالية على الإرهاب وجعل أميركا اكثر أمانًاquot;. وأشار ريد إلى أن quot;الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تخطوا أخيرًا محاولات إعاقة اقرار المشروع من قبل الجمهوريين والبيض الأبيض لتوجيه الرسالة اللازمة وبشكل عاجل للرئيس بوش كي يعدل الإستراتيجية الأميركية في العراقquot;.

وقد وافق على الخطة العديد من الأعضاء الجمهوريين الذين يدعمون خطة بوش لزيادة عديد القوات الأميركية في العراق والمستائين من الأزمة السياسية في بغداد. وأعرب السناتور الجمهوري سام براونباك وهو أحد المرشحين للرئاسة الأميركية وأحد الأعضاء الأحد عشر في مجلس الشيوخ الداعمين للخطة عن اسفه قائلاً: quot;نحن نسعى إلى تطبيق خطة سياسية مليئة بالعيوب في بغداد حاليًاquot;.

ومن ناحيتها، أعربت الجمهورية كاي بايلاي هوتشينسون عن أملها في أن يحقق هذا القرار ما نجحت في تحقيقه اتفاقات دايتون حول البوسنة التي اقرت التقسيم بين المتخاصمين الصرب والكروات والبوسنيين. واوضحت quot;ما رأيناه في البوسنة هو تقليص للتوتر عندما تكون لدى قوات الأمن قدرات وعندما تكون لدى الطوائف الدينية القدرة على حكم نفسها بنفسهاquot;. وخلال شهادته أمام الكونغرس منتصف الشهر الحالي ايد السفير الاميركي في بغداد ريان كروكر منح مناطق عراقية بعض السلطات، إلا أنه عارض تقسيمًا رسميًا للعراق.

وحول هذا الأمر، قال نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي إن المقترحات الاميركية بتقسيم العراق قد تسفر عن الأخذ بنظام فيدرالي في إطار العراق الموحد مع إقامة إقليمين أو حتى خمسة أقاليم وهو نظام كان معمولاً به في العراق أيام النظام في العهد العثماني وهو نظام الولايات. وأضاف في تصرح صحافي من القاهرة التي يزورها حاليًا quot;اليوم لدينا تصورات نقوم ببحثها لاختيار الأفضل في النظام الفيدرالي ومنها النموذج الإماراتي وهي إمارات داخل دولة موحدةquot;.

وفي بغداد أجمعت شخصيات سياسية عراقية سنية وشيعية وكردية على استحالة تقسيم العراق الى دويلات او اقاليم باستثناء اقليم كردستان الذي له خصوصية قومية وجغرافية محذرين من أن تقسيم العراق سيؤدي إلى المزيد من العنف والقتال والحروب الداخلية. وأكد عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق العراقية معارضته لتقسيم العراق، محذرًا من أن ما قال إنها quot;سياسة حكام العراق الجدد الفاشلة ستؤدي الى تقسيم العراقquot;. واضاف أن هذا التقسيم إذا حصل فسيكون على اساس طائفي وجغرافي وستكون هناك ردة فعل عراقية شعبية وعربية ودولية قوية ضده.

ومن جهتها، إتهمت هيئة علماء المسلمين العراقية السنية من اسمته بالعدو بالعمل على تقسيم البلاد quot;من خلال إثارة الفتن الطائفية والعرقية بنفسه ومن ثم اتخاذها ذريعة لتحقيق مأربه هذا ليصفو له ما يريدquot;.. وقالت quot;انه بين آونة وأخرى يسعى في هذا الصراع المفتعل إلى إقحام الفتنة الدينية أيضًاquot;. واضافت انه quot;ليس يخفى على احد ان بلدًا مثل العراق متميز في التعايش السلمي بين ابنائه عبر التاريخ فهو بلد مسلم، متعدد المذاهب والأعراق وفيه طوائف دينية شتى وظل أبناؤه قرونًا في تعايش سلمي على نحو يثير حفيظة الأعداء وحسد الحاسدينquot;.

وطالبت الهيئة في بيان لها اليوم العراقيين في هذه المرحلة الحرجة quot;أن يردوا على دعاة التقسيم بإظهار هذه المزايا من خلال التسامي على الجراح ومناصرة بعضهم بعضًا، وتناسي الفوارق المذهبية والعرقية، وعدم السماح لإثارة الجدال حولها، وإتاحة الفرص للأقليات الدينية لممارسة حياتهم اليومية في مؤسسات عملهم أو كنائسهم أو معابدهم أو أحيائهم أو في المدارس أو الجامعات منجدزن تضييق عليهم في القول أو الفعل يحرمهم حقوقهم المشروعةquot;. وقالت في الختام quot;إننا في بلد يدين غالبيته بالإسلام وهذه آداب الإسلام وأخلاقه وإننا في الوقت ذاته عراقيون يضمنا بيت واحد اسمه العراق، فلنحرص على هذه الوشائج وعلى إبدائها للعيان وملاحظة وسائل الإعلام العالمية وليخسأ من يريد أن يعمل في العراق بمشارط التقسيم وليبقى العراق النموذج الفريد الذي عهدناه في التعايش والسلامquot;.