أكد رغبته بالانتهاء من عادة النفاق التي كانت سائدة في فرنسا
ساركوزي يعترف بجدية علاقته مع كارلا بروني

السعودية تدعو ساركوزي لزيارتها ... بدون صديقته!

ستار كوزي أمام إستحقاق نهاية شهر عسله مع الفرنسيين

قصي صالح الدرويش من باريس: اعترف الرئيس نيكولا ساركوزي بجدية العلاقة التي تربطه مع عارضة الأزياء السابقة كارلا بروني رافضا تقديم أي موعد للزواج الذي قد يحدث قبل أن تعرف وسائل الإعلام. ساركوزي الذي عقد صباح اليوم أول مؤتمر صحافي كبير في قصر الإليزيه منذ بداية عهده تحدث أمام قرابة 600 صحافي منهام 250 صحافي أجنبي عن مختلف المواضيع ولمدة ساعتين. السؤال المتعلق بزواجه المنتظر جاء مبكرا، لكن ساركوزي أعرب عن سعادته لأنه لم يكن السؤال الأول في المؤتمر، مشيرا إلى أنه إنسان عادي من حقه البحث عن السعادة وأنه تألم من طريقة تعامل الصحافة مع قضية طلاقه. واستطرد ساركوزي مؤكدا رغبته في الانتهاء من عادة النفاق والكذب التي كانت سائدة في فرنسا والتي كانت تمنع الصحافيين من طرح أسئلة تتعلق بالحياة الشخصية على من سبقه من رؤساء فرنسا، مذكرا برحلات سلفه فرنسوا ميتران الشهيرة إلى أسوان القريبة من الأقصر والتي لم تكن الصحافة تتناولها ولم تكن ترسل مصوريها، خلافا لما يحدث معه.

وبهذا الخصوص قال بأنه قرر مع صديقته التوجه إلى مصر دون اختباء من الصحافة التي أرسلت مصوريها بالعشرات لالتقاط الصور له وما كان على المنتقدين سوى عدم نشر الصور. ساركوزي الذي بدا هجوميا تجاه بعض الصحافيين الناقدين له رد على الأسئلة الخاصة بزيادة مرتبه وتنقله على متن الطائرة الخاصة لصديقه الملياردير رافضا تلقي أية دروس في الشفافية موضحا أن مرتبه الحالي يقل عما كان جاك شيراك يتقاضاه إذا احتسب التعويض التقاعدي وأنه تعامل بشفافية مطلقة كي لا يتعرض للمساءلة لاحقا. وعن استخدام طائرة فانسان بولورية قال إن رحلته لم تكلف دافع الضرائب الفرنسي شيئا وهو لم يستخدم الطائرة الرئاسية لقضاء عطلة شخصية، كما أن الانتقال بخطوط الطيران العادية ليس أمرا سهلا بالنسبة لرئيس دولة مرغم على التحرك مع طاقم من الأمن والحماية والصحة.

واستفاض ساركوزي في عرض quot;مشروع الحضارةquot; الذي يريد تحقيقه على المدى الطويل بهدف تغيير فعال في طريقة الإنتاج والعمل وتعلم الحياة كي يكون الإنسان محور السياسة، مؤكدا أن العمل على تحقيق الهدف البعيد هو وسيلة الاستمرارية حتى بالنسبة لرجال السياسة. وردا على سؤال هجومي طرحه رئيس تحرير صحيفة ليبراسيون عن تجميع أدوات السلطة بين يديه ولم لا يحول فرنسا إلى ملكية؟ جاء رد ساركوزي هجوميا بدوره مشيرا إلى أنه ليس وريثا لأحد وأنه وصل الحكم عبر الانتخابات وأن الصحافة هي التي أعطته السلطة، منوها بعدد المرات التي احتل فيها عناوين الصفحة الأولى في quot;ليبراسيونquot;.

وفي نفس السياق قلل ساركوزي من أهمية الاستطلاعات الخاصة بتراجع شعبيته مذكرا بأن الصحافة لم تتناول بنفس الطريقة استطلاعات سابقة لصالحه ومؤكدا بأنه يعلم بأن شعبيته لن تبقى ثابتة طوال خمس سنوات وأنها تبقى مرتفعة.

القدرة الشرائية وعدد ساعات العمل وتعديل الحكومة.. مواضيع تناولها ساركوزي مكررا أفكاره التي طرحها منذ كان مرشحا للانتخابات الرئاسية ومؤكدا عزمه الدفاع عنها وتطبيقها، لكن يجدر التوقف عند بعض النقاط الجديدة والتي منها رغبته في الانتهاء من قانون العمل الذي يحدد 35 ساعة أسبوعيا، وكذلك الانتهاء من الإعلانات الدعائية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة العامة وكذلك تجميع قنوات الأخبار الدولية الثلاثة quot;ار اف أيquot; وquot;تي في 5quot; وquot;فرانس 24quot; في قناة واحدة تحمل اسم quot;فرنسا العالمquot; وتبث باللغة الفرنسية فقط مع ترجمة مكتوبة بمختلف اللغات حسب المناطق التي يتوجه إليها البث، مضيفا إن يرفض تمويل قناة لا تتحدث الفرنسية.

ساركوزي تناول أيضا ملف الهجرة مؤكدا على ضرورة تطبيق مبدأ الحصص في قبول المهاجرين ومشددا على ضرورة اندماج حقيقي للمهاجرين المقيمين عبر الانتهاء من النفاق القائم الذي يقفل أمامهم باب العديد من المهن، ساركوزي الذي ذكر اسم رئيس حكومته عدة مرات بشكل إيجابي وبأنه يقرر معه حيا تشكيلة الحكومة التي تعبر عن التعددية والتنوع الفرنسي والتي هي الأولى من نوعها.

التنوع الذي يجب الدفاع عنه أينما كان، يجب الدفاع عنه في لبنان كما في إسرائيل طبقا للرئيس الفرنسي الذي أكد أنه سيواصل هذا العام العمل على استقلال لبنان وأن سياسة فرنسا يجب أن تكون سياسة مصالحة تتوجه إلى الجميع وأنه في هذا الخصوص غير نادم على الاتصالات التي تمت مع دمشق رغم أنها لم تسفر عن نتيجة.

سياسة المصالحة التي تفرض الحديث مع رئيس فنزويلا كما مع رئيسي ليبيا وروسيا. وفي هذا السياق استهجن ساركوزي تعامل الصحافة الفرنسية مع زيارة القذافي خلافا لما حدث في إسبانيا، مشيرا إلى أن فرنسا عندما تقرر استقبال رئيس دولة ما فلن تعمل على إذلاله، إلا أنه رفض أن يكون استقبل باحتفاء زائد مشيرا إلى عدم تنظيم عشاء دولة له. وعن نقل تقنية الطاقة الذرية المدنية إلى الدول العربية ومخاطرها، قال ساركوزي quot;لا يمكن منعها عن العرب لأنهم كذلك هذا غير مقبولquot; مضيفا بضرورة تقديم المساعدة التقنية كي يتمكنوا من إدارة طاقة المستقبل من حيث معالجة النفايات وغيرها. وفي سياق آخر لكن بخصوص العرب والمسلمين أعلن ساركوزي أنه ساند دائما مشروع بناء مساجد في فرنسا لكن لا يجب أن يكون هناك إقفال كنائس في أماكن أخرى.

وعن الانتقادات الخاصة بتهنئته للرئيس الروسي بعد فوزه في الانتخابات، رد ساركوزي بأن بوتين ورغم كل ما يقال شخص واسع الشعبية في بلاده وأنه انتخب بشكل ديمقراطي وبالتالي فإن ما يؤخذ عليه هو سياسته في الشيشان مثلا وليس انتخابه المشروع، مضيفا بأن من النفاق عدم الاعتراف به وفي نفس الوقت طلب معونة روسيا لحل بعض أزمات العالم كما حدث مع إيران. من النقاط الجديدة التي وردت في تصريحات الرئيس الفرنسي كانت إعلانه عن رغبته في توسيع حلقة الدول الثمانية الكبار لتصبح 13 كي تدخل كل من الصين والهند والبرازيل والمكسيك وأفريقيا الجنوبية.

يمكن القول إن الرئيس الفرنسي بدا واثقا مرتاحا وحاضر البديهة أمام الصحافة، كما أعرب عن ثقته بالحكومة عدة مرات نافيا احتمال تعديل وزاري قريب. كما بدا واثقا من دعم الفرنسيين له ولم ينس أن يذكر بكل الإيجابيات التي حصلت منذ بداية حكمه وفي مقدمتها تراجع البطالة، ثقة يخشى أن تترجم إلى تعجرف خصوصا إذا استفزت الصحافة التي قد تصبح قاسية معه كما فعلت من قبل مع آلان جوبيه، دون نسيان أن ساركوزي يتقن فعلا التعاطي مع الإعلام. ولا بد من الإشارة إلى أن الإعلام الفرنسي اعتاد التعامل باحترام كبير مع رئيس الجمهورية وأن هذا النوع من المؤتمرات الصحافية جديد بالنسبة لفرنسا ويمثل تغييرا حقيقيا، تغيير غير كاف بالنسبة لصحافية بريطانية رأت أن زملاءها في لندن لا يسكتون عادة على رد عدائي ويدخلون في جدل مع الشخصية السياسية المستجوبة، خلافا لما حدث في مؤتمر ساركوزي وخاصة بالنسبة لزيارة القذافي وتهنئة بوتين أو الحدة التي رد بها على سؤال quot;ليبراسيونquot;.