أسامة العيسة من القدس: منذ بداية العام الجاري 2008، تبيت عائلة مقاتل فلسطيني بارز قضى في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في خيمة نصبتها في شارع القدس-الخليل، قبالة بلدة الخضر التي تنتمي إليها.
ولم تجد هذه العائلة التي يقدر عدد أفرادها بنحو أربعين، مأوى لها بعد أن هدمت السلطات الاسرائيلية منزل العائلة في شهر نيسان (ابريل) 2003، اثر قتل ابنها محمود صلاح، أحد ابرز قادة كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح.ويقول شقيقه عيسى الخارج حديثا من السجن الإسرائيلي بعد أن قضى ثلاث سنوات، بان السلطة تخلت عن العائلة لاسباب سياسية، ولجعل شقيقه أمثولة quot;حتى إذا فكر أي شخص في مقاومة اسرائيل يقال له انظر ماذا حدث لعائلة محمود صلاح، ليتراجعquot;.وقال مسؤول في السلطة، أنها غطت أجرة منزل بديل لعائلة صلاح حتى عام 2005، إلا أن شح الإمكانيات حالت دون استكمال دفع الإيجار، ولكن عيسى يطالب بإعادة بناء المنزل من جديد.
وبدأت معاناة عائلة محمود صلاح منذ عام 1996، عندما اصبح محمود مطاردا لقوات الاحتلال ووصلت ذروة المعاناة فجر يوم 29/4/2003، بعدما نشبت معركة بين قوات إسرائيلية كبيرة واثنين من المطلوبين لها، في أحد المنازل تشبه إلى حد كبير ما يشاهد عادة في الأفلام البوليسية، وأسفرت المعركة عن مقتل الاثنين واحدهما هو محمود صلاح.
ولد محمود صلاح في بلدة الخضر وكان جنينا في بطن أمه عندما توفي والده في حادث عمل في مدينة القدس، وجاء إلى الدنيا يتيما ومثل أترابه وجد نفسه ينخرط في مجموعات مناهضة للاسرائيلين واعتقل أول مرة وكان عمره 17 عاما واعتقل مرة أخرى وخرج من السجن في أجواء اتفاق أوسلو، حيث كان مثل رفاقه في حركة فتح متحمسين لاتفاق اعتقدوا انه ربما ينهي معاناة أبناء شعبهم.وانخرط مثل رفاقه في أجهزة الأمن الفلسطينية التي سرعان ما اكتشفوا أنها لم تعبر عن طموحاتهم أو تجسد ما ناضلوا لأجله.ونشاطه الأبرز خلال عامي 1995-1996 كان بتنظيم عمليات تهريب جريئة للأسلحة من الأردن عن طريق البحر الميت مع مجموعة من رفاقه أبرزهم الشاب يوسف أبو صوي رفيق نضاله منذ الطفولة.
واستطاع محمود ورفاقه إنجاز أربع عمليات تهريب أسلحة من الأردن عن طريق البحر الميت باستخدام قارب متواضع، قبل ان ينكشف الامر للسلطات الاسرائيلية.وكانت الأسلحة تذهب لمجموعات من فتح ومجموعات من التنظيمات الأخرى التي نشطت بالتسليح ولأفراد في أجهزة السلطة الفلسطينية.وبضغط من سلطات الاحتلال اعتقلت السلطة الفلسطينية محمود صلاح ورفاقه ومن بينهم يوسف أبو صوي، الذي اغتيل لاحقا، بعد انكشاف دورهما في عملية تهريب الأسلحة وامضيا عامين وخرجا عشية انتفاضة النفق التي أصيب فيها محمود صلاح برجله.
خلال فترة اعتقاله وبعدها كان منزل عائلة محمود صلاح الذي يقع في منطقة (ج)، حسب تصنيفات اتفاق أوسلو، عرضة لعمليات المداهمة المتواصلة، وفي كل مرة كانت القوات الاسرائيلية تفشل في القبض عليه.وفي عام 1999 كادت قوة خاصة أن تقبض عليه حيث تسلل محمود إلى المنزل كي يستحم استعدادا لحفلة زفافه التي ستقام في نفس اليوم، وداهمت القوة الخاصة المنزل واستطاع الهرب وهو حافي القدمين إلى الأحراش القريبة من منزله وأصيب في رجله من الحجارة والأشواك والزجاج وتوجه إلي المستشفى وتلقى العلاج ليذهب إلى حفل الزفاف.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى كان محمود صلاح مع المجموعات التي عرفت بكتائب شهداء الأقصى التي مارست نضالا مسلحا ضد الجيش الاسرائيلي.
ونفذ صلاح عمليات ضد الاسرائيلين ، التي تمكنت من اغتيال العديد من رفاقه، ليتحول مع رفيقه عنان الجواريش ابرز المطلوبين للقوات الاسرائيلية الذين لم تستطع أن تصل إليهما أجهزة الاستخبارات وكان محمود صلاح يعيش متنكرا على هيئة رجل كبير في السن أو رجل أجنبي وهكذا.
وعاش اشهرا عديدة في المغر خلال عدة فترات كان أبرزها خلال عملية السور الواقي (نيسان 2002) حيث عاش مع عدد من رفاقه 25 يوما في إحدى المغر.
وعندما حاصرته القوات الاسرائيلية مع رفيقه عنان الجواريش، قاوما لمدة ساعتين بأسلحتهما الخفيفة، قوات إسرائيلية مدربة ومجهزة، قبل أن تتمكن منهما، وليقتل صلاح وليعيش ابنه يتيما مثلما عاش هو.
وتحول صلاح إلى رمز، وكتبت وغنت له الأغاني الشعبية، التي تصدح من الخيمة التي ينام فيها أفراد عائلته وسط الشارع.وزار خيمة الاعتصام عدد من المتضامنين مع قضية عائلة صلاح مثل عيسى قراقع، وهو نائب عن حركة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي دعا الحكومة الفلسطينية إلى الإسراع في وضع خطة لإعادة بناء وترميم المنازل التي تم هدمها على يد السلطات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية.
وشدد قراقع، على إعادة بناء البيوت المهدمة وعدم وضع العائلات في مواقف اقتصادية وإنسانية صعبة وتحت مساءلة المؤجرين.وناشد قراقع الحكومة الفلسطينية الاهتمام الجدي بهذه القضية الإنسانية وتخصيص الموازنات الكافية لإعادة بناء وترميم المنازل المهدمة.ويذكر أنه يوجد ما يقارب 200 منزل لعائلات أسرى والذين قتلوا على يد الاسرائيلين في الضفة الغربية قد تم نسفها على يد السلطات الإسرائيلي، بالإضافة إلى المئات من المنازل الأخرى جرى تخريبها وبحاجة إلى المساعدة في الترميم.
تصوير اسامة العيسة
التعليقات