بهية مارديني من دمشق: في حادثتين منفصلتين لم تتناولهما وسائل الاعلام ، أطلق مجهولون الرصاص في مدينة دير الزور السورية على احد الشباب المسيحيين السريان مما أدى إلى مقتله على الفور ، كما تحرش بعض الشبان بخوري الأرمن أمام باب الكنيسة وحصلت مشاجرة بين الطرفين سرعان ما طوقتها دوريات الشرطة في المدينة. واغتيل الشاب السرياني(آشوري) فادي وصفي بكرجي (33 عاماً) بينما كان واقفاً في محل أخيه لبيع(المشروبات الروحية)، حيث أطلق مجهولون النار عليه الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 4-1-2008، من مسدس كاتم للصوت ولاذوا بالفرار، دون أن يتعرف عليهم أحداً في سابقة ارهابية غريبة وخطيرة في مدينة ديرالزور( 400كم شمال شرق دمشق العاصمة) ، ونقل بحالة خطيرة الى أحد مشافي المدينة ومن ثم الى مشافي دمشق وقد فارق الحياة متأثراً بجراحه يوم الجمعة الماضية في 11-1- 2008. وفادي يعمل مدير المبيعات الإقليمي للمنطقة الشرقية لاحدى شركات الاتصالات السورية.
وقد شارك في مراسيم الدفن و القداس ، الذي اقيم على روح فادي في كنيسة مريم العذراء للسريان الأرثوذكس في مدينة ديرالزور ترأسه راعي ابرشية الجزيرة والفرات المطران (متى روهم)، وفود شعبية وعشائرية ورسمية كبيرة في مقدمتهم محافظ ديرالزور وأمين فرع حزب البعث في المدينة وقائد الشرطة وقائد المنطقة الشرقية وكبار ضباط المحافظة وشيخ عشيرة البكارة. ورفض الجميع هذه الجريمة وأدانوها وعبروا في أحاديث جانبية عن حرصهم على السلم الأهلي وتمسكهم بقيم ومبادئ العيش المشترك والتآخي بين مختلف الديانات والقوميات السورية. ويرى السوريون ان اغتيال الشاب فادي جريمة غريبة ليس على مجتمع ديرالزور فحسب وانما على المجتمع السوري عامة الذي يتصف بروح التسامح والتآخي بين أديانه وجميع مكوناته وشرائحه.
ووصف سليمان يوسف الكاتب والناشط السوري في تصريح خاص لـquot;ايلافquot; هذه الجريمة بالارهابية ، وطالب السلطات السورية المعنية،وهي المسؤولة عن أمن المواطنين،بمتابعة التحقيق في هذه الجريمة وعدم التهاون فيها والكشف عن المجرمين واحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل. واكد ان مقتل شاب مسالم في وضح النهار وفي مكان عام(سوق تجاري) ومن دون سبب أو ذنب يرتكبه هي عملية ارهابية تطرح أكثر من علامة استفهام وتساؤل،خاصة وأننا في سوريا نعيش في ظل نظام أمني يدعي بأن الأمن والاستقرار الداخلي هو من أولى أولوياته في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة حيث تخيم عليها أجواء التوتر والاحتقان الطائفي والمذهبي.
وأكد اقرباء فادي واصدقائه بأن من الصعب معرفة الأسباب الحقيقة لهذه الجريمة ودوافعها مع تأكيد الجميع على أن لا يوجد له أية عداوات شخصية سابقة مع أحد قد تدفعهم لقتله. ورجح سوريون أن هذه الجريمة وقعت على خلفيات آيديولوجية عقائدية تحرم بيع وتناول الخمور، مما يعني ان الجناة قد يكونون مرتبطين بتنظيمات اسلامية متطرفة لها امتداداتها الاقليمية خاصة في العراق حيث فجرت، تنظيمات اسلامية تكفيرية متطرفة،مستفيدة من غياب الدولة والفلتان الأمني في العراق الواقع تحت الاحتلال، فجرت في العديد من المدن العراقية محلات بائعي الخمور وقتلت اصحابها ومعظمهم من غير المسلمين،مسيحيين وصابئة ويزيديين.
الى ذلك وقبل أيام من وقوع جريمة اغتيال فادي وتحديداً في ليلة رأس السنة الميلادية تحرش بعض الشبان الطائشين بخوري الأرمن أمام باب الكنيسة وشتمهم له وقد تصدى لهم شاب ارمني كان برفقة الخوري وحصلت على أثرها مشاجرة بين الطرفين سرعان ما طوقتها دوريات الشرطة التي كانت متواجدة في المنطقة وفي محيط الكنائس من باب الاحتياط وحرص الجهات المسئولة في المدينة على الأمن وسير الاحتفالات برأس السنة الميلادية في أجواء آمنة وهادئة.
جدير بالذكر أن الجزيرة السورية كانت قد شهدت في السنوات الأخيرة، أحداث عنف وتوترات أمنية واحتقانات سياسية،بعضها وقع على خلفيات طائفية واثنية، ويرى محللون انه لا يمكن فصلها عما يجري في العراق من صراعات طائفية ومذهبية وعرقية منذ حصول الغزو الأمريكي له في آذار 2003 الذي أجج مختلف المشاعر والأحقاد في نفوس شعوب المنطقة التي نمت وقويت في ظل أنظمة الاستبداد السياسي والديني طيلة الحقبة الماضية.
وقال يوسف انه يخشى أن تكون جريمة اغتيال الشاب فادي بكرجي في ديرالزور، والتي تكتم عليها الاعلام السوري، والأحداث الأخرى التي سبقتها مؤشر باتجاه إثارة المزيد من القلاقل والفتن وزعزعة الاستقرار في المجتمع السوري بدءاً من مجتمع الجزيرة السورية المتميز بتركيبته الاجتماعية والثقافية حيث يتصف بالتنوع القومي والديني والاثني والقبلي والمذهبي والذي تبدو فيه مضاعفات وتأثيرات الغزو الأميركي أكثر وضوحاً وبروزاً خاصة وأن الجزيرة السورية محاذية للحدود العراقية. يشار الى أن السلطات السورية تحدثت عن حصول اشتباكات أمنية عديدة بين دوريات من الأمن السوري مع مجموعات تكفيرية سلفية وخلايا ارهابية تطلق عن نفسها(جند الشام) في مناطق عدة من سوريا بعضها في الجزيرة السورية.
التعليقات