حلفاء أولمرت: التقرير لن يطيح برئيس الوزراء

اولمرت يتلقى نسخة من التقرير فينوغراد

أسامة العيسة من القدس-وكالات:أعلن متحدث باسم حزب الله اللبناني اليوم ان تقرير لجنة التحقيق الاسرائيلية عن الحرب في لبنان يكشف ان أسرائيل quot;فشلت فشلا كاملاquot; وquot;تلقت هزيمةquot; على يد التنظيم الشيعي. وقال المتحدث حسين رحال إن التقرير أثبت أن quot;إسرائيل فشلت فشلا كاملا في تحقيق أهدافها والجيش الإسرائيلي تلقى هزيمة على يد المقاومةquot;. وأضاف أن quot;لبنان استطاع رغم كل الخسائر أن ينتصر على الحرب الإسرائيلية التي اتخذت إسرائيل قرارها وليس لبنانquot;.

واعتبر تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية الذي نشر اليوم أن حرب لبنان صيف 2006 شكلت quot;إخفاقا كبيرا وخطراquot;. وجاء في التقرير quot;أن هذه الحرب شكلت إخفاقا كبيرا وخطرا (...) لقد كشفنا وجود ثغرات خطرة على أعلى مستويات الهرمية السياسية والعسكريةquot;، معتبرا ان العملية البرية التي شنها الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية خلال الأيام الأخيرة من الحرب quot;لم تحقق أهدافهاquot;.

وكان مسؤولون إسرائيليون أفادوا أن لجنة التحقيق في حرب لبنان خلصت الى اعتبار قرار رئيس الحكومة الاسرائيلي ايهود اولمرت بشن هجوم بري في الايام الاخيرة من الحرب quot;مناسباquot;. وقال هؤلاء المسؤولون ان quot;قرار شن هجوم بري كان مناسبا في الاطارين السياسي والعملانيquot;. واضافوا quot;ليس من صلاحيات اللجنة تحديد ما اذا كانت الاعتبارات التي ادت الى اتخاذ هذا القرار سياسية او شخصيةquot;.من جهتها، قالت شبكة التلفزيون الاسرائيلية الثانية (خاصة) إن قرار إعلان الحرب حسب التقرير جاء quot;متعثراquot; مثله مثل الاستعدادات للحرب إضافة الى quot;ثغرات خطرة في عملية اتخاذ القرارquot;.

وقد تلقى اولمرت اليوم نسخة عن التقرير النهائي. وسلم القاضي المتقاعد الياهو فينوغراد الذي يترأس لجنة التحقيق، اولمرت نسخة من التقرير الذي يتألف من 600 صفحة استنادا الى 74 شهادة قدمها مسؤولون سياسيون وعسكريون وخبراء.وكان حلفاء أولمرت أفادوا أن أولمرت لن يستقيل بعد نشر التقرير واستبعدوا إجراء انتخابات مبكرة.

وقال وزير المالية روني بار أون العضو في حزب كديما الذي يرأسه أولمرت لمؤيديه في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء quot;أقول لكم لن تكون هناك انتخابات... رئيس الوزراء ثابت في هذا المنصب. لن تغير أي حملة ضغط من هذا الوضع.quot;وكان تقرير أولي أعلنته اللجنة في ابريل نيسان الماضي انتقد بشدة أولمرت وحكومته وقد يجدد التقرير النهائي المطالب لاولمرت بالاستقالة.

وأوضح استطلاع للرأي أجرته القناة العاشرة التلفزيونية الاسرائيلية أن 58 بالمئة ممن جرى استطلاع رأيهم يريدون من أولمرت الذي استأنف بدعم أميركي مفاوضات السلام مع الفلسطينيين في نوفمبر تشرين الثاني الاستقالة.وخسر أولمرت حلفاء في ائتلافه الحاكم ولكنه تعهد البقاء في السلطة وإصلاح أي أخطاء يحددها تقرير لجنة فينوغراد والمضي قدما في أكثر محادثات السلام جدية خلال سبع سنوات.

ولا يمكن للجنة أن توصي باستقالة أولمرت أو غيره وعلى الرغم من أن خصومه يتدافعون بهدوء للحصول على المنصب في حالة استقالته الأمر الذي قد يؤدي على الارجح الى إجراء انتخابات مبكرة أيضا الا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يواجه منافسا واضحا.وقال وزير الاسكان الاٍسرائيلي زئيف بويم لراديو إسرائيل إن التقرير لن يحدث تطهيرا داخل حزب كديما. وقال الوزير الإسرائيلي ياكوف ايدري وهو عضو أيضا في حزب كديما ان أولمرت وحكومته quot;سيستمران في القيام بمهمتهما.quot;

ويتمتع أولمرت الذي كان وصف نفسه بأنه quot;غير قابل للتدميرquot; بدعم الرئيس الاميركي جورج بوش الذي زار اسرائيل والضفة الغربية المحتلة الشهر الحالي ويتطلع بوش الى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني خلال عامه الاخير في البيت الابيض ومن المؤكد تقريبا أن هذا الامل سيدمر اذا استدارت إسرائيل للداخل لخوض انتخابات مبكرة سيبدأها السياسي اليميني بنيامين نتنياهو باعتباره المرشح الاوفر حظا.

وكانت حرب لبنان اندلعت بعد أن أسر مقاتلو حزب الله اللبناني جنديين إسرائيليين وقتلوا ثمانية في غارة عبر الحدود في يوليو تموز عام 2006 . وقتل نحو 1200 لبناني معظمهم من المدنيين و157 إسرائيليا معظمهم من الجنود خلال الحرب التي استمرت لمدة 34 يوما.وفي التقرير الموقت اتهمت لجنة فينوغراد أولمرت بالافتقار quot;للحكمة والمسؤوليةquot; في اتخاذه القرار بخوض الحرب.

واستقال وزير الدفاع انذاك عمير بيريتس ورئيس هيئة الاركان العامة للجيش الاسرائيلي انذاك دان حالوتس العام الماضي. وتراجعت نسبة شعبية أولمرت الذي يعاني أيضا سلسلة من فضائح الفساد ينفي أن يكون متورطا فيها الى أقل من عشرة بالمئة ولكنه تجاهل الانتقادات واحتفظ بمنصبه.

أولمرتrlm; بذل جهدا غير اعتيادي ليكون يومه اعتيادياً

لم يغير اولمرت جدول أعماله اليوم، ولا شك أنه بذل جهدا غير اعتيادي من اجل أن يكون يومه اعتياديا، ففي الصباح ترأس اولمرت، جلسة للمجلس الوزاري المصغر لبحث شؤون أمنية تخص إسرائيل، وفيما بعد التقى أعضاء لجنة (عاري) لمحاربة البطالة، الذين قدموا له تقريرهم الخاص بمكافحة البطالة، وكان ذلك تدريبا له لما حدث في الساعة الخامسة مساء، حين استقبل أعضاء لجنة فينوغراد، التي شكلت لفحص اخفاقات حرب لبنان الثانية. والتقرير يحوي 500 صفحة، وهو التقرير النهائي للجنة، التي كانت قدمت تقريرا مرحليا في شهر نيسان (أبريل) الماضي. وبينما كان اولمرت يتسلم التقرير، كان مساعدوه والمقربون منه، ينتشرون في اكثر من مكان دفاعا عنه وعن سياسته وعما يرونه أهمية بقائه في منصبه، ويقللون من اهمية التقرير.

ويركز هؤلاء على أمرين أساسيين، الأول أن اولمرت استخلص العبر من الحرب، وهو الوحيد القادر على إصلاح الأخطاء، والأمر الثاني أن استقالة اولمرت والذهاب إلى انتخابات مبكرة تعني صعود بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم. وقال المحلل السياسي امون داكرن المقرب من اولمرت ان رئيس الوزراء الإسرائيلي سيبقى في منصبه يتابع مهام عمله وسيبقي في منصبه quot;لانه الحل وليس المشكلةquot;.

واضاف quot;اولمرت هو الحل لكافة المشاكل وسيقوم بمعالجة كافة الأخطاء التي وقعت في الحربquot;.وقال وزير المالية اوري بار اون، المقرب من اولمرت، ان الأخير مصر على عدم الاستقالة أو تقديم موعد الانتخابات.واشار اون خلال لقائه نشطاء حزب كاديما في طبريا quot;اولمرت لن يستقيل مهما كانت الضغوط التي تمارس عليهquot;.واضاف quot;ان إجراء انتخابات جديدة سيكلف الخزينة العامة عشرات ملايين الشواقل، وسيؤثرفي المسيرة السلمية والسياسية لأكثر من عامquot;.

وقال quot;اعتقد أن من يتحمل المسؤولية عن مظاهر الخلل في حرب لبنان الثانية هو من يتعين عليه إصلاحهاquot;.وغمز اون من قناة وزير الدفاع ايهود باراك قائلا quot; مع كل الاحترام والتقدير لوزير الدفاع فانه لن يحدد لنا موعد الانتخابات ولن نسمح بلعبة الانتخابات المبكرةquot;. ويبدو أن باراك يواجه معضلة هي الأصعب في حياته الحزبية، وبينما كان أعضاء لجنة فينوغراد يسلمون تقريرهم لاولمرت، تجمع متظاهرون أمام منزل باراك في تل أبيب مطالبينه باتخاذ موقف واضح.

وأمام باراك خياران، أحلاهما مر، الأول الانسحاب من الحكومة، أو البقاء فيها، وإذا انسحب وذهب إلى انتخابات مبكرة فانه بذلك يعطي الفرصة لنتنياهو للوصول إلى مقعد رئاسة الوزراء، أما إذا بقي في الحكومة فهذا يعني انه سيفقد مصداقيته وسيتنكر لوعوده التي قطعها على نفسه عشية دخوله الحكومة.

وفي جانب المعارضة، تشن حملة على اولمرت تطالبه بالاستقالة الفورية من منصبه، وطرح النائب الليكودي سيلفان شالوم، على الكنيست مشروع قانون لتبكير موعد الانتخابات، وقال quot;لن نتيح لاولمرت الفرصة لمواصلة مهام منصبهquot;. واشار النائب الليكودي جدعون سيغر إلى أن لجنة فينوغراد تحمل اولمرت المسؤولية بصورة شخصية عن القصور في اتخاذ القرارات خلال الحرب. وقال النائب اليساري يوسي بيلين ان quot;حكومة إسرائيل لم تتخذ قرارات حذرة ومسؤولة كما هو مطلوب خلال الحربquot;.

واشار النائب يولي ادرشتين إلى أنه كان من واجب اولمرت التأكد من التسلح العسكري لإسرائيل، وإذا ما كان قادرا على مواجهة الأهداف التي وضعها نصب عينيه. ورأت عضو الكنيست من حزب الليكود ليمور ليفنات بان اولمرت لم يفعل الأمر الأفضل عندما قرر الخروج للحرب quot;لا بصورة متزنة ولا مسؤولة ولا بشكل استراتيجيquot;. وقال عضو الكنيست فيندل quot;كان ينبغي على اولمرت أن يأخذ بالحسبان خبرته المحدودة في الملف اللبناني قبل الانطلاق إلى الحربquot;.

ورأت النائبة زهافا غلئون من ميرتس ان اولمرت بلور موقفه بخصوص الحرب من دون عرض خطة مفصلة. واعتبر النائب رودي ريفلين من الليكود ان اولمرت فشل عندما quot;لم يأخذ كافة الاعتبارات في الحسبان لدى اتخاذه قرارات ذات انعكاسات بعيدة المدىquot;.وقال يوسي سريد رئيس حزب ميرتس السابق، ان الحكومة الإسرائيلية في الأيام التي سبقت الحرب وفي اليوم الأول من هذه الحرب والأيام التي تلتها لم تعرف ماذا تفعل، وأيضا الوزراء لم يكونوا على دراية على ماذا يصوتون.

والعاصفة التي سببها نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد امتدت إلى الجيش الإسرائيلي، رغم أن رئيس هيئة الأركان خلال الحرب الجنرال دان حالوتس كان استقال قبيل نشر التقرير المرحلي للجنة، ومعظم الضباط الكبار الذي شغلوا مناصب قيادية خلال الحرب لم يعودوا في مناصبهم. والموقف الرسمي للجيش يؤكد أن قيادة الأركان شرعت بعد الحرب بإجراء تحقيقات شاملة بهدف استخلاص العبر اللازمة من الحرب، وأنها أدخلت سلسلة من التغييرات الجوهرية، بناء على هذه التحقيقات.

واجتمع الجنرال دان هرئيل نائب رئيس هيئة الأركان أمس مع كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي لبحث نوعية الرسائل التي يتوجب نقلها خلال المقابلات مع وسائل الإعلام. وكانت النيابة العسكرية حاولت منع نشر التقرير الكامل للتقرير، وقدمت التماسا لمحكمة العدل العليا، وفي نهاية الأمر تعهدت لجنة فينوغراد ان التقرير لن يشمل توصيات شخصية بحق أي من الضباط ومن ضمنهم قائد الجبهة الداخلية وقادة الفرق الست التي شاركت في الحرب على لبنان. وكما أشرنا سابقا، فان الأنظار تتوجه إلى وزير الدفاع أيهود باراك، وكذلك المؤسسة العسكرية، التي يقف على رأسها رجل قد يغلب مصالحه السياسية على أي شيء آخر.