دون إنتظار هوية الرئيس القادم للولايات المتحدة الأميركية
الغارديان تدعو إلى حتمية تطبيق مبادرة السلام العربية الآن

أشرف أبوجلالة من القاهرة: قالت اليوم صحيفة الغارديان البريطانية أنه في حال استمرت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال المرحلة المقبلة كي يتم طرحها أمام الرئيس الأميركي القادم، فان الترويج للمبادرة العربية المهملة قد يكون عنصر مساعد لتلك المفاوضات. وعلق ايان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط بالصحيفة، على ذلك بالتذكير باللقاء الذي جمع بين المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما والرئيس الفلسطيني محمود عباس quot;أبو مازنquot; في شهر يوليو الماضي من أجل إعطاء إحاطة إعلامية خاصة حول حالة النزاع الأكثر تعقيدا في العالم ndash; التي تأتي على رأس أولويات الشخص الذي سيحل في المكتب البيضاوي داخل البيت الأبيض عبر الإنتخابات الرئاسية المقبلة.

وأشار بلاك إلى أن أوباما لم يكن واضحا في رده علي فكرة المبادرة العربية التي طرحها عليه عباس خلال اللقاء والتي أكد من خلالها رئيس السلطة الفلسطينية علي أنها ستقدم لإسرائيل علاقات طبيعية مع الـ 22 دولة العربية في مقابل تأسيس الدولة الفلسطينية، حيث قال أوباما وقتها :quot; سوف يجن جنون الإسرائيليين بكل تأكيد ولن يقبلوا بذلك quot;.

ويري بلاك أن قصة انتظار الانتخابات الأميركية المقبلة ذات صلة وطيدة بالعرب والإسرائيليين، الذين يترقبون هوية ما ستسفر عنه الانتخابات ويتأملون كذلك كيف أو إذا ما كان من الممكن أن يتم تدعيم عملية السلام المتعثرة بينهما أو أن يعاد تنشيطها بمجرد أن يتم انتخاب إدارة جديدة. فبعد مرور ثمانية أعوام كارثية في عهد الرئيس جورج بوش، تلوح في الأفق بوادر رغبة حقيقية في التغيير داخل واشنطن.

ويري بلاك ، استنادا إلى ما يدعيه البعض، أن الوقت قد حان الآن لإعادة التفكير مجددا بالمبادرة العربية التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز للسلام في الشرق الأوسط ليس فقط لكونها قادرة من تلقاء ذاتها على حل تلك القضايا الثنائية المعقدة الخاصة بالحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين، بل لكونها قادرة على إقناع الإسرائيليين الشكوكيين بأن هناك مكاسب وأن لهم مكان في الشرق الأوسط العريض.

وقالت الصحيفة إن الخطة التي عرضها عباس على أوباما تم إطلاقها بواسطة الملك عبد الله، في القمة العربية ببيروت عام 2002 حينما كان يشغل وقتها منصب ولي العهد، كما أن هناك مسؤول ملكي سعودي بارز يروج لها الآن هو الآخر، ألا وهو الأمير تركي الفيصل ، ابن شقيق الملك، والرئيس السابق للاستخبارات السعودية والذي سبق له أن كان أيضاً سفيرا للملكة في لندن وواشنطن. وأكدت الصحيفة على أنه كان على علم تقريبا بكل ما شهدته المنطقة من أحداث علي مدار الـ 30 عاما الماضية، فقد كان مطلعا بأغلبية الأحداث وعلى دراية بها.

لذا، وبالرغم من تأكيده على أنه كان يتحدث كفرد عادي، كانت هناك حالة من الاهتمام الكبير هذا الأسبوع عندما طلب من الإسرائيليين أن يستمعوا جيدا لما تنص عيله المبادرة بالضبط وأن يستجيبوا بشكل ايجابي معها. وتقول المبادرة كما وضعها تركي إن جميع الدول العربية يجب أن تدفع ثمن التوصل للسلام، ليس فقط بمجرد اعترافهم بإسرائيل كدولة شرعية في المنطقة، وإنهاء حالة العداء الموجودة منذ عام 1948 .

وكانت المبادرة قد شابتها الكثير والكثير من الأقاويل خاصة وأنها تزامنت مع الحادث الذي قام به احد الفلسطينيين حين قتل 30 إسرائيليا خلال تناولهم وجبة عيد الفصح عشية قمة بيروت ndash; ثم قيام إسرائيل بعد ذلك بإعادة احتلال معظم أجزاء الضفة الغربية. ثم أثيرت فكرة اللجوء للمبادرة مرة أخرى في القمة العربية الأخيرة بالرياض. لكن وبفضل الاعتراضات الإسرائيلية، لم يتم ذكرها عندما عقد مؤتمر أنابوليس بعد ذلك بأشهر قليلة. وبدا هدف التوصل لاتفاق فلسطيني- إسرائيلي من هذا المؤتمر قبل نهاية ولايته بمثابة النكتة السخيفة.

كما أكد بلاك في تقريره على أن الإهمال جزء من تلك المشكلة. فرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يستعد للرحيل ايهود أولمرت اعتبر أن المبادرة ستعمل على إعادة الملايين من اللاجئين الفلسطينيين وهو ما يعد خطا أحمر بالنسبة لأي حكومة إسرائيلية. كما أن الإسرائيليين الذين على دراية بالخطة غالبا ما يقولون إنهم لا زالوا يتوقون لمشاهدة بعض الإيماءات الكبرى كدليل على حسن النوايا العرب، مشيرين إلي الزيارة المثيرة والخارقة للمحظورات التي قام بها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات للقدس عام 1977 ( برغم التعهد في واقع الأمر للسادات باستعادته لشبه جزيرة سيناء، قبل أن يصعد للطائرة )، بحسب ما أشارت الصحيفة.

وكانت الإجابة من الأمير تركي الفيصل وآخرين هي أن علاقات العرب بإسرائيل لا يمكن أن تخضع لعملية quot;تطبيعquot; كاملة ndash; تلك الكلمة بالغة الحساسية في المعجم السياسي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط ndash; إلى أن تظهر إسرائيل أولا ً استعدادها لحل القضية الفلسطينية. وذكرت الصحيفة أن النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية تضاعف منذ اتفاقية أوسلو عام 1993 واستمر منذ مؤتمر أنابوليس. وفي النهاية شدد بلاك علي ضرورة حدوث تغيير جذري، إذا ما كان الرئيس القادم للولايات المتحدة سيجد شيئا للتعامل معه. وحذر دبلوماسي عربي بارز بقوله :quot; على الإسرائيليين أن يظهروا للعرب أنهم مستعدون لدفع ثمن سياسي من أجل التحرك إلى الأمام ndash; وهذا الأمر لا يقتصر فقط علي الأساليب التكتيكية التي تعتمد على المراوغة quot;.