برن: بأغلبية 16 صوتا مقابل 7، قرّرت لجنة المؤسسات السياسية، التابعة لمجلس النواب السويسري يوم الخميس 23 أكتوبر، إصدار توصية لأعضاء المجلس، برفض المبادرة الشعبية المناهضة لبناء المآذن.مسجد التسامح يفتح ابوابه في مدينة دويسبورغ الالمانية
اللجنة البرلمانية، التي سارت على خطى الحكومة الفدرالية، اعتبرت بدورها أن المبادرة الصادرة عن جهات في حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) والاتحاد الديمقراطي الفدرالي (أقصى اليمين، تتعارض مع سلسلة من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الديمقراطي والتشريعي في سويسرا، مثل المساواة أمام القانون ورفض التمييز وحرية الاعتقاد ومبدإ النسبية وضمان المِـلكية (الخاصة) واحترام القانون الدولي، مثلما ورد على لسان رئيس اللجنة غيرهارد بفيستر (نائب من الحزب الديمقراطي المسيحي عن كانتون تسوغ).
يُـضاف إلى ذلك، أن نصّ المبادرة يتدخّـل بشكل مبالغ فيه في القانون المطبّـق على مستوى كل كانتون، وخاصة فيما يتعلّـق بالتهيئة الترابية وقوانين البناء.
أما من وجهة نظر اجتماعية، فإن هذه المبادرة قد تُـؤدّي إلى تهديد السِّـلم الدينية القائمة في سويسرا منذ عشرات السنين. وعِـوضا عن مكافحة التوجّـهات الأصولية والعنيفة (مثلما يزعم أصحاب المبادرة)، فإنها لن تؤدّي إلا إلى تأجيجها.
وأضاف السيد بفيستر Pfister، أن هذا النصّ سيُـهدّد فعلا إندماج المسلمين، الذين تحترم أغلبية كبيرة منهم القانون السويسري، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه في صورة قبول الناخبين للمبادرة، فإن سويسرا لن تتمكّـن من احترام تعهّـداتها الدولية، كما أنها قد تُـجازف باحتمال تعرّضها للإدانة من طرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ (فرنسا).
المبادرة قانونية
على الرغم من جميع هذه الانتقادات والمؤاخذات، لم تذهب اللجنة إلى حدّ اعتبار نص المبادرة غير قانوني ورفضت (بأغلبية 17 صوتا مقابل 4) مقترحا تقدّم به اليسار، يدعو إلى استشارة خبراء قانونيين مرة أخرى حول شرعية المبادرة وقانونيتها.
وبررت الأقلية اليسارية في اللجنة هذا الموقف، بعدم تلاؤم المبادرة مع المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان والعهد الدولي للأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أعربت عن خِـشيتها من مشاكل تواجه التطبيق الملموس لما ورد في نصِّـها.
في المقابل، حرص أغلب الأعضاء في لجنة المؤسسات السياسية، التابعة لمجلس النواب السويسري، على الالتزام بالممارسة الصارمة المُـنتهجة إلى حدّ الآن في مثل هذه الحالات، واعتبرت أن أي مبادرة تحترم وحدة الشكل والمضمون ولا تنتهِـك القواعد الأساسية للقانون الدولي، يجب أن تُـعتبر صحيحة وسليمة.
وفي الوقت نفسه، اعتبرت اللجنة أنه لا مجال للحيلولة دون تمكين الشعب من الحسم في قضية من هذا القبيل، ذات قيمة رمزية قوية. هذا القرار أثار ارتياح فالتر فوبنمان (نائب عن سولوتورن من حزب الشعب السويسري)، ممثل أصحاب المبادرة ضمن اللجنة، حيث اعتبر أنه من الضروري أن يتمكّـن السويسريون من الحسم بخصوص ما يعتبره quot;أسلمة للمجتمعquot;، وهو يرى أن المآذن تمثل quot;رموز سلطةquot;، كما يُـدين تكاثرها فوق الأراضي السويسرية.
القرار في الربيع؟
في الوقت الحاضر، لا تُـبدي اللجنة البرلمانية نفس القدر من الاستعجال، الذي تعاملت به الحكومة الفدرالية مع الموضوع، لطرح المبادرة على التصويت الشعبي.
ففي حين أعلنت الحكومة في نفس يوم تقديم المبادرة عن رفضها لها وأعدّت النصّ الذي وجّـهته للبرلمان بشأنها في أقل من شهرين، يبدو أن مجلس النواب لن يتمكّـن من الإعلان عن موقفه حولها قبل دورته الربيعية القادمة (مارس 2009).
وفي هذا السياق، أوضح السيد غيرهارد بفيستر، رئيس لجنة المؤسسات السياسية في مجلس النواب، أن برنامج الدورة الشتوية للبرلمان الفدرالي، التي تلتئم في ديسمبر القادم، مُـثقل جدّا، وأشار إلى أن الوقت لا يضغط كثيرا لمعالجة هذه المبادرة.
وكانت المبادرة الداعية إلى حظر بناء المآذن في سويسرا، التي أطلِـقت من طرف شخصيات تنتمي إلى تيارات يمينية متشددة، قد أودعت لدى المستشارية الفدرالية في برن يوم 8 يوليو 2008، بعد أن تحصّـلت على 113540 توقيع سليم في الآجال القانونية من طرف مواطنين سويسريين.
التعليقات