إيلاف تقرأ دلالات اختياره لهذه المهمة:
حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب يُحاكم الإرهابيين في السعودية
الشيخ عبد المحسن بن إبراهيم آل الشيخ |
سيف الصانع من دبي: اختير الشيخ عبد المحسن بن إبراهيم آل الشيخ كرئيس للمحكمة التي ستحاكم الأفراد المقبوض عليهم بتهمة الانتساب إلى الخلايا الإرهابية في السعودية، كان اختياراً له دلالات تستطيع أن تقرأها بين السطور. فهو حفيد صاحب الدعوة الوهابية التي قامت على أساسها الدولة السعودية. أي أن القاضي من صلب البيت الوهابي الذي ينسب إليه البعض المسؤولية عن ثقافة الإرهاب، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب جده السادس. وهو يحمل شهادة الدكتوراه في الشريعة ، وصاحب تجربة طويلة تمتد إلى ثلاثة عقود في القضاء، نظر فيها مئات القضايا ولم ينقض له خلال عمله القضائي قضية واحدة.
وقد تأهل على يديه أكثر 150 ملازماً قضائياً يعملون اليوم في مختلف مناطق السعودية، وquot;الملازم القضائيquot; في سلك القضاء السعودي هي درجة وظيفية يتعين فيها المرشح للقضاء قبل أن يباشر عمله كقاض بصفة مستقلة. والجدير بالذكر أن القاضي الجديد الذي فوضت إليه رئاسة هذه المحكمة على خلاف مع الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى ، ويقول المطلعون إن هذا الخلاف جاء نظراً إلى قوة شخصية هذا القاضي، وإصراره على استقلالية القضاء، إضافة إلى أنه يؤمن بتطوير القضاء في المملكة والارتقاء به إلى مواكبة العصر.
والقاضي آل الشيخ ولد عام 1953، وهو أب لثلاثة ذكور وابنتين، ويعيش في مدينة الرياض. وكانت رسالة الدكتوراه التي نالها بعنوان : (اختيارات الإمام الشوكاني الفقهية) . ومنذ تخرجه في كلية الشريعة عام 1978 وهو يعمل في المحكمة العامة في الرياض، وقد تقدم خلال عمله كقاضٍ للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه ونالهما. وقد أسندت إليه مؤخراً إضافة إلى عمله كقاضي مهام رئيس المحكمة العامة في الرياضquot;بالنيابةquot; أثناء فترة مرض الرئيس الحالي. وقد صدر يوم الثلاثاء الماضي قرار من مجلس القضاء الأعلى، بناء على موافقة خادم الحرمين الشريفين، بتشكيل quot;المحكمة الجزائية الخاصةquot; المخولة بالنظر في قضايا الإرهاب، وربطها مباشرة بمجلس القضاء الأعلى، وتعيين آل الشيخ رئيساً لها.
والرئيس الجديد له اهتمامات ثقافية متنوعة، فعلاوة على ثقافته الشرعية المتخصصة، هو مرجع في تاريخ المملكة، وبالذات تاريخ الدولة السعودية الأولى، وتحتوي مكتبته على وثائق متنوعة، ومخطوطات نادرة. بالإضافة إلى اهتمامه بقبائل وسط المملكة وتحالفاتها وعلاقتها مع بعضها البعض و أنسابها.
وتعتبر محاكمة الإرهاب وخلاياه في المملكة من أكثر المحاكمات حساسية نظراً إلى الاهتمام العالمي بمكافحة الإرهاب، وانخراط كثير من الشباب
الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى |
السعودي في هذه الظاهرة، والذين يطلق عليهم الإعلام الرسمي السعودي مسمى quot;الفئة الضالةquot; . ولم تفصح الجهات الأمنية السعودية عن عدد المتهمين الذين ستتم محاكمتهم على وجه التحديد، غير أن المراقبين يقدرونهم بالآلاف، وهم من جميع مناطق المملكة، وكذلك من شرائح عمرية مختلفة، إلا أن الكثرة كما يقول المطلعون هم من صغار السن، وذوي التعليم المتدني، وكذلك من أصحاب السوابق الإجرامية، ومدمني المخدرات، والمشروبات الكحولية، والانحرافات الأخلاقية، الذين تم تجنيدهم تحت شعار quot;التكفير عن الذنوبquot;. وتضم قوائم المتهمين، إضافة إلى منفذي العمليات الإرهابية، مجموعة من المنظرين وكذلك المحرضين ومن عمل على تجنيد الشباب للقيام بعمليات إرهابية داخل المملكة أو خارجها. بالإضافة إلى من قام بمهام مساندة لوجستية أو فكرية للأعمال الإرهابية وتم إلقاء القبض عليه.
ويأمل السعوديون في أن تكون هذه المحاكمة التي ستتم حسب الشريعة الإسلامية لثقافة الإرهاب ومنظريه وأساطينه، نهاية فترة عصيبة ذاقوا فيها الأمرين .
والجدير بالذكر أن السلطات الأمنية السعودية استطاعت بكفاءة محاصرة التطرف وتطويقه في الداخل السعودي، فلم
جانب من العمليات الأمنية في السعودية |
تنفذ أي عملية إرهابية داخل المملكة منذ فترة طويلة نسبياً، إضافة إلى أن السلطات الأمنية قد أحبطت الكثير من العمليات الإرهابية قبل تنفيذها، ويأتي في مقدمة هذه العمليات التي تم إحباطها عملية quot;بقيقquot; في الجزء الشرقي من المملكة، وكانت تهدف إلى تفجير آبار وأنابيب نفطية، يقول المتخصصون إنها لو تمت ستكون أكبر كارثة إرهابية بيئية في التاريخ.
كما أن المحاكمة ستجري في أجواء داخلية أكثر انفتاحاً وبعداً عن التأزم والاحتقان الذي كان سائداً فيما قبل. فثقافة التشدد التي يُعزى إليها المسؤولية عن انتشار ثقافة الإرهاب أصبحت أقل حضوراً وانتشاراً، فقد تمكنت السلطات الرسمية من محاصرة ما يُسمى في السعودية quot;محاضن الإرهابquot; ، وأحكمت الرقابة عليها، وقطع سبل تمويلها، إضافة إلى إطلاق العنان لنقد التطرف و ثقافته ورجالاته في وسائل الإعلام الداخلية بشكل غير مسبوق، الأمر الذي أشاع جواً من الوعي والتفهم بخطورة هذه الثقافة على أمنهم واستقرارهم. ولعل الإعلان عن محاكمة الإرهابيين في المملكة يأتي من حيث التوقيت كتتويج للحملة العملية و الإعلامية الناجحة التي مارستها وسائل الإعلام السعودية مؤخراُ، والتي جعلت الوقت يبدو مناسباً لتنفيذ هذه المحاكمة التاريخية.
التعليقات