مخاوف من استخدام سيريوس ستار كقنبلة عائمة في مضيق ملقا
سر تفوق القراصنة هو حسن استغلالهم لفوضوية القانون الدولي

أشرف أبوجلالة من القاهرة: ما زالت قضية احتجاز ناقلة النفط السعودية العملاقة quot; سيريوس ستار quot; قبالة السواحل الصومالية على يد قراصنة صوماليين محور اهتمام وتحليلات الصحافية الغربية بشكل عام، ففي تقرير لها صدر حول الواقعة، قالت صحيفة التلغراف البريطانية نقلا ً عن مجموعة من الخبراء إن عملية اختطاف quot; سيريوس ستار quot; سوف تساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار النفط داخل القارة الأوروبية وباقي أنحاء العالم وسط ارتفاع تكاليف التأمين والشحن. وأضافت الصحيفة أن عمليات القرصنة شهدت رواجا كبيرا في منطقة خليج عدن، أحد أهم طرق النقل البحري في العالم، وقد تم تخليص كثير منها بدفع الفدية، في حين لم يحسم بعد مصير 15 شاحنة ونحو 300 من أطقم العاملين على متن هذه السفن التي تتعرض للاختطاف والاحتجاز كرهائن.

ونقلت الصحيفة عن روغر ميديلتون، الباحث في المعهد الملكي للدراسات الدولية في لندن quot;تشاتهام هاوسquot; ، قوله :quot; كنا نفترض في الماضي دائما أن مثل هذه السفن لن تتعرض لأي مخاطر وستظل في أمان، وتكون في الغالب آمنة من أعمال القرصنة. لكن الحقيقة الآن هي أن السفن لم تعد آمنة كما لم يبق سوى القليل من الطرق الآمنة، لأن المكان الذي تحدث فيه تلك العمليات لم يكن بالقرب من السواحل الصومالية، فقد كان ذلك قبالة السواحل التنزانية في منتصف المحيط الهنديquot;.
أما صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فقد كتبت في صدر تقريرها حول الواقعة أن هذه الخطوة quot;الوقحةquot; جاءت في أعقاب عملية الاستيلاء على سفينة أوكرانية ( كانت تقل شحنات أسلحة وتتجه بها إلى كينيا ) على يد القراصنة الصوماليين في شهر سبتمبر الماضي. وأشارت الصحيفة نقلا عن تقارير إعلامية إلى تقديرها بأن هؤلاء القراصنة تمكنوا خلال عام 2008 فقط من مهاجمة ما يزيد عن 80 سفينة. وأكدت الصحافية في الوقت ذاته على أن أعمال القرصنة هذه تمثل تطورات خطرة وغير مسبوقة.
وأشارت إلى أن عملية كبح جماح القرصنة وتجارة العبيد التي تم إنجازها بحلول الربع الأخير من القرن 19، كانت من بين أهم إنجازات البشرية الحضارية الكبرى. كما أكدت الصحيفة أن القرصنة عبارة عن نشاط عنيف وشائن لأنه يعرض بحارة العالم التجاريين لمزيد من أخطار الوفاة أو الإصابة بجروح. كما أن تزايد موجاتها، شأنها شأن الإرهاب، جزء كبير من التحدي المفروض أمام الحضارة والنظام الدولي. وحثت الصحيفة على ضرورة مواجهة هذا الخطر بواسطة عملية بحرية دولية كبرى، مشددة ً على أن مجرد القيام ببعض الإجراءات الفردية المضادة للقرصنة لن يجدي بشيء في حل الأزمة. وخلصت الصحيفة من خلال تقريرها إلى أن هؤلاء القراصنة يتزايدون في نشاطاتهم لنجاحهم في استغلال حالة الفوضى والارتباك الحقيقية التي يمر بها القانون الدولي. كما أكدت الصحيفة أن المشكلة الرئيسة في هذا الموضوع هو أن حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي هجروا على نحو فاعل القواعد القانونية التاريخية التي تسمح بمحاكمة المقاتلين غير النظاميين في محاكم عسكرية خاصة ( أو في حالة القراصنة تتم محاكمتهم في محاكم إمارة البحر ) لصالح احد نماذج العدالة ndash; الجنائية المباشرة.



في حين أكدت صحيفة الدايلي ميل البريطانية أن التهديد الحقيقي من وراء عملية اختطاف الناقلة quot;سيريوس ستارquot; ليس في ارتفاع أسعار النفط، بل هو نبرة الإرهاب الإسلامي. وقالت الصحيفة إن ارتفاع سعر النفط بمقدار دولار أمس ، جاء كنتيجة مباشرة لعملية اختطاف quot;سيريوس ستارquot;. لكن الخطر الذي مثله لصوص العصر الحديث تجاوز حدود القفزة التي شهدتها أسعار النفط بالأمس. فالقراصنة على علاقة وطيدة بالإرهابيين الإسلاميين ndash; وهذا هو ما يمكن به الخطر الحقيقي على الغرب.
وأضافت الصحيفة أن كل ما يخشاه الآن الخبراء الأمنيون في جنوب آسيا هو أن يتم استخدام مثل هذه السفينة الضخمة كقنبلة عملاقة عائمة في مضيق ملقا، واستخدام مدينة مثل سنغافورة لعرقلة أو السيطرة على أحد مسارات الشحن الرئيسة لقطاع كبير من التجارة العالمية. هذا وقد التحقت quot;سيريوس ستارquot; بما لا يقل عن 14 سفينة أخرى قام القراصنة الصوماليين باحتجازها لطلب الفدية، بالإضافة لأكثر من 260 من العاملين. ومعظم هؤلاء الخاطفين يحملون العديد من الجنسيات العالمية المختلفة، ومعظمهم من الفقراء والمسلمين.
وفي صورة بلاغية شديدة الواقعية، قالت صحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية إن عملية اختطاف واحتجاز الناقلة العملاقة quot;سيريوس ستارquot; تشبه إلى حد كبير عملية اصطياد ضبع لأحد الفيلة الضخمة. فحجم تلك الناقلة لا يقل عن حجم حاملة الطائرات، ويرتفع جانباها عن سطح البحر مسافة تصل لـ 33 قدما، وقادرة على حمل ما يقرب من 2 مليون برميل نفط. ورغم التفاصيل التي تم الكشف عنها بخصوص الواقعة، إلا أن خبراء أكدوا أن القراصنة استعانوا بصنارات ذات خطافات وسلالم للوصول إلى أحد جانبي الناقلة العملاقة، ثم أخذوا طاقمها المسلح كرهائن.